بررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة قتلها لقاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني بأنه كان دفاعاً عن النفس، وذلك في محاولة لمواجهة اتهامات بانتهاكها القانون الدولي ومخاوف أثارها خبراء قانونيون ومحقق كبير بالأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان.
أمريكا قالت أنها قتلت سليماني بسبب مساعيه لاستهداف جنود أمريكيين
حيث قُتل سليماني (62 عاماً) في ضربة جوية أمريكية في بغداد أثناء الليل. وتسبب الهجوم، الذي تم بأمر من ترامب، في تصعيد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران التي توعد مسؤولوها بالانتقام.
في الوقت الذي ثارت فيه خلافات بين نواب جمهوريين وديمقراطيين بشأن مدى حكمة الهجوم، شكك بعض خبراء القانون فيما إذا كان لدى ترامب السلطة القانونية لاستهداف سليماني على أرض عراقية دون تصريح من حكومة العراق وما إذا كان الهجوم شرعياً بموجب القانونين الدولي والأمريكي.
قال رئيس الوزراء العراقي إن الولايات المتحدة انتهكت بهذا الهجوم اتفاقاً بشأن بقاء القوات الأمريكية في العراق كما اتحدت عدة أحزاب سياسية عراقية وراء دعوة لطرد القوات الأمريكية من الأراضي العراقية.
يحظر ميثاق الأمم المتحدة بصفة عامة استخدام القوة ضد الدول الأخرى إلا في حالة سماح إحداها باستخدام القوة على أراضيها. وقال خبراء قانونيون إنه في ظل عدم وجود موافقة من العراق على شن الهجوم يصبح من الصعب على الولايات المتحدة تبرير قتل سليماني.
قالت أوانا هثاواي الأستاذة بكلية القانون في جامعة ييل وخبيرة القانون الدولي على تويتر إن الحقائق المتوفرة "لا تدعم على ما يبدو تأكيد أن الهجوم كان دفاعاً عن النفس"، وخلصت إلى أنه تبرير "ضعيف من الناحية القانونية بموجب القانونين المحلي والدولي".
حيث قالت البنتاغون إن استهداف سليماني كان لوقف خطط إيرانية
قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن استهداف سليماني كان لردع "أي خطط إيرانية لشن هجمات في المستقبل"، بينما قال ترامب "سليماني كان يخطط لهجمات وشيكة وشريرة" ضد دبلوماسيين وعسكريين أمريكيين.
قال روبرت تشيزني خبير قانون الأمن القومي في كلية الحقوق بأوستن في جامعة تكساس إن الدفاع عن النفس هو أفضل تبرير قدمته الإدارة الأمريكية فيما يتصل بميثاق الأمم المتحدة. وأضاف "إذا رأيت أن هذا الشخص يخطط لعمليات لقتل أمريكيين، فهذا يمنح سلطة الرد".
لكن سكوت آندرسون، المستشار القانوني السابق للسفارة الأمريكية في بغداد في عهد باراك أوباما سلف ترامب، قال إن تبرير ترامب محل شك حتى الآن طبقاً للقانون الدولي. غير أنه أضاف أن بإمكانه استخدام ذريعة أن الحكومة العراقية لم تكن راغبة أو عاجزة عن التصدي للتهديد الذي كان يشكله سليماني مما يعطي الولايات المتحدة حق اتخاذ هذا الإجراء دون موافقة العراق.
تغطي المادة 51 في ميثاق الأمم المتحدة الحق الفردي أو الجماعي في الدفاع عن النفس في مواجهة هجوم مسلح. واستخدمت الولايات المتحدة هذه المادة لتبرير عملية شنتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد في سوريا عام 2014.
تقاتل القوات الأمريكية في العراق تنظيم الدولة الإسلامية، ولا يزال هناك خمسة آلاف جندي يؤدي معظمهم مهمة استشارية.
دعا اتفاق إطار استراتيجي وقعه البلدان في عام 2008 إلى تعاون دفاعي وثيق بين واشنطن وبغداد لدرء الأخطار على السيادة والأمن والوحدة الإقليمية، لكن الاتفاق حظر على الولايات المتحدة استخدام الأراضي العراقية في شن هجمات على دول أخرى.
بموجب أعراف القانون الدولي التاريخية، يمكن لدولة ما أن تدافع عن نفسها استباقياً إذا فعلت ذلك انطلاقاً من ضرورة وكان الرد متناسباً مع التهديد.
لكن مقررة الأمم المتحدة تشكك في هذه الحجة التي استندت عليها أمريكا
أبدت أجنيس كالامار مقررة الأمم المتحدة المعنية بالقتل خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي تشككاً في أن الهجوم استند إلى تلك القاعدة.
وقالت إن استهداف سليماني "يبدو انتقاماً من أفعال سابقة أكثر بكثير من كونه دفاعاً وشيكاً عن النفس". وأضافت "التبريرات القانونية لأعمال القتل من هذا النوع محددة بدقة ومن الصعب تصور كيف يمكن أن ينطبق أي منها على أعمال القتل الماثلة".
طالب الأعضاء الديمقراطيون في الكونغرس ترامب بأن يقدم تفاصيل عن التهديد الوشيك الذي كان يمثله سليماني. وقال السناتور الديمقراطي مارك وارنر نائب رئيس لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ لرويترز "أعتقد أنه كان هناك تهديد، لكن مسألة كيف أنه وشيك لا تزال أمراً أريد إجابة عنه".
أثار منتقدون آخرون تساؤلات عن المسوغ الذي استند إليه ترامب في القانون الأمريكي لقتل سليماني وعما إذا كان واجباً عليه إبلاغ الكونغرس قبل التنفيذ.
أشار خبراء قانونيون إلى أن الرؤساء الأمريكيين في الآونة الأخيرة، من كلا الحزبين، وسعوا مفهوم سلطتهم الفردية في مجال الاستخدام الاستباقي للقوة بما في ذلك القتل المستهدف، وهي وجهة نظر دافع عنها محامو السلطة التنفيذية في الإدارات الأمريكية المتعاقبة.
في حالة سليماني يمكن تبرير حجج الدفاع عن النفس التي أطلقتها الإدارة الأمريكية بالكشف عن معلومات محددة حول خططه الوشيكة لمهاجمة الأمريكيين.
قال تشيزني إن الدفاع عن النفس يمكن أن يسمح للإدارة بالعمل دون إخطار الكونغرس أو بمقتضى تفويض مسبق منه.