أصدر مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين بياناً حول ليبيا في ختام دورته غير العادية، الثلاثاء 31 ديسمبر/كانون الأول 2019، بمقر الأمانة العامة في القاهرة.
انتهى الاجتماع العربي الطارئ الذي دعت له مصر، إلى "التأكيد مجدداً على الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها ولحمتها الوطنية"، وعلى رفض ما وصفه بـ"التدخل الخارجي أياً كان نوعه".
كما أقر الاجتماع "التأكيد على دعم العملية السياسية من خلال التنفيذ الكامل لاتفاق الصخيرات في ديسمبر/كانون الأول 2015، باعتباره المرجعية الوحيدة للتسوية في ليبيا، وأهمية إشراك دول الجوار في الجهود الدولية الهادفة إلى مساعدة الليبيين على تسوية الأزمة في بلادهم".
بينما أعرب الاجتماع عن "القلق الشديد من التصعيد العسكري الذي يفاقم الوضع المتأزم في ليبيا ويهدد أمن واستقرار دول الجوار الليبي والمنطقة ككل بما فيها المتوسط".
في حين أكد على "ضرورة وقف الصراع العسكري، وعلى أن التسوية السياسية هي الحل الوحيد لعودة الأمن والاستقرار في ليبيا والقضاء على الإرهاب". ودعا الاجتماع إلى إجراء اتصالات دولية لـ"منع أي تدخل عسكري خارجي في ليبيا".
منذ 4 أبريل/نيسان الماضي، تشهد طرابلس، مقر حكومة الوفاق (المعترف بها دولياً)، ومحيطها، معارك مسلحة بعد أن شن خليفة حفتر هجوماً للسيطرة عليها وسط استنفار لقوات "الوفاق"، وسط تنديد دولي واسع، وفشل متكرر لحفتر، ومخاوف من تبدد آمال التوصل إلى أي حل سياسي للأزمة.
طرابلس تتهم الجامعة العربية بـ"الكيل بمكيالين"
من جهته، اتهم صالح الشماخي مندوب ليبيا لدى الجامعة العربية، الأخيرة بأنها "تكيل بمكيالين في الملف الليبي"، مستنكرًا استغلال مذكرة التفاهم حول المناطق البحرية مع تركيا "أسوأ استغلال".
جاء ذلك في كلمة الشماخي باجتماع عقد الثلاثاء على مستوى المندوبين بمقر الجامعة بالقاهرة، وفق ما نقله المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق المعترف بها دوليًا.
لفت المندوب الليبي، إلى أن حكومة الوفاق، دعت من قبل الجامعة العربية لبحث "عدوان خليفة حفتر على طرابلس، ولم تستجب ولم تتدخل"، وفق قوله. وقال "الجامعة التي أصبحت اليوم تكيل بمكيالين ولم تحرك ساكناً حين دعوناها لاجتماع طارئ عاجل مع بداية العدوان تتحرك اليوم على عجل! لتدفعنا إلى التفكير بجدية في جدوى استمرار البقاء فيها وهل هي بالفعل لازالت البيت العربي الكبير؟!".
كما تطرق المندوب الليبي إلى ما تعرضت له حكومة الوفاق الوطني ومجلسها الرئاسي من "تشويه متعمد وصل إلى محاولات للنيل من شرعيتها". وأشار إلى أن التوقيع على مذكرة التفاهم حول المناطق البحرية مع الحكومة التركية تم استغلاله "أسوأ استغلال".
لفت إلى أنه برغم ما قدمته الحكومة الليبية من توضيحات وتطمينات، إلا أن "الهدف كان مبيتاً من البعض للذهاب إلى ما هو أبعد من مجرد الاعتراض على مذكرة التفاهم". وشدد على أن مذكرة التفاهم "تمت وفقاً للمبادئ العامة للقانون الدولي في هذا الشأن، وبشكل لا يمس بحقوق أية دولة أخرى ولا بسيادتها".
كما كشف عن استعداد حكومة الوفاق، لاستقبال أو إرسال خبراء فنيين لشرح ما ورد في مذكرة التفاهم وتقديم توضيحات لأية دولة ترغب في ذلك.
التحركات التركية "عجلت" باجتماع الجامعة العربية
يأتي هذا الاجتماع بعد توقيع حكومة الوفاق المعترف بها دولياً اتفاقين مع أنقرة: الأول يتناول التعاون العسكري، والثاني محوره الترسيم البحري بين تركيا وليبيا.
فيما تدعو مصر التي تشهد علاقتها مع تركيا توتراً سياسياً منذ عام 2013 إلى اتخاذ موقف عربي بشأن ما رأته "تهديداً لاستقرار المنطقة بزيادة التدخل العسكري التركي في ليبيا"، وفق نص البيان الذي نقله موقع "العربية نت".
كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد أكد على هامش اجتماعه، السبت 28 ديسمبر/كانون الأول، مع رئيس الحكومة وعدد من الوزراء ضرورة الحد من التدخلات الخارجية في ليبيا والتي وصفها بـ"غير المشروعة".
إلا أن المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أكد "سعادة مصر" بالاتفاقية البحرية التي وقعتها تركيا مع ليبيا، والتي كانت قد أثارت هزة في شرق البحر الأبيض المتوسط، وأحدثت ردود أفعال "غاضبة"، خاصة من قِبل اليونان ومصر وإسرائيل.
إذ قال في تصريحات خلال مشاركته ببرنامج على قناة تلفزيونية محلية، الأحد 29 ديسمبر/كانون الأول 2019: "في الواقع فإن مصر أيضاً سعيدة جداً بالاتفاقية التي أبرمناها مع ليبيا، بشأن تحديد مناطق الصلاحية البحرية. والمسؤولون المصريون قالوا ذلك، لقد اتسعت منطقتهم".
تابع أيضاً: "لا يوجد لدينا حالياً تواصل مع الحكومة المصرية، لكنهم يدركون أيضاً، أنه لا يمكنهم وضع خطة لشرق المتوسط بمعزل عن تركيا، عند مقاربة الموضوع من منظور بعيد الأمد ومن حيث ثراء المنطقة".