كشف المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أن "مصر سعيدة" بالاتفاقية البحرية التي وقعتها تركيا مع ليبيا، والتي كانت قد أثارت هزة في شرق البحر الأبيض المتوسط، وأثارت ردود أفعال "غاضبة"، خاصة من قِبل اليونان ومصر وإسرائيل.
بينما أشار أيضاً إبراهيم قالن إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان أجرى مباحثات هاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بناء على طلبها، لمناقشة الشأن الليبي.
جاء ذلك في تصريحات خلال مشاركته ببرنامج على قناة تلفزيونية محلية، الأحد 29 ديسمبر/كانون الأول 2019.
"مصر سعيدة" بالاتفاق البحري بين أنقرة وطرابلس
فيما يخص الاتفاقية البحرية مع ليبيا، لفت إلى تلقيه معلومات من مصادر مختلفة، ومن قنوات رسمية وغير رسمية حول كون مصر "سعيدة جداً" بتلك الاتفاقية.
كما أوضح قائلاً: " في الواقع فإن مصر أيضاً سعيدة جداً بالاتفاقية التي أبرمناها مع ليبيا، بشأن تحديد مناطق الصلاحية البحرية. والمسؤولون المصريون قالوا ذلك، لقد اتسعت منطقتهم".
تابع أيضاً: "لا يوجد لدينا حالياً تواصل مع الحكومة المصرية، لكنهم يدركون أيضاً، أنه لا يمكنهم وضع خطة لشرق المتوسط بمعزل عن تركيا، عند مقاربة الموضوع من منظور بعيد الأمد ومن حيث ثراء المنطقة".
في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقّع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مذكرتي تفاهم مع رئيس الحكومة الليبية فائز السراج، الأولى تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري، والثانية بتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي.
كما أشار قالن إلى أن تركيا استجابت لطلبات ليبيا في إطار الاتفاقيات، وهي لا تذهب لاحتلال ليبيا أو الاستيلاء على أراضيها. وشدّد على أن الجهات التي تنتقد خطوة تركيا هذه هي نفسها التي تلتزم الصمت إزاء الوجود الروسي والإيطالي والبريطاني والفرنسي هناك.
أوضح أيضاً أن هناك محاولات لإثارة مشاعر القومية العربية مرة أخرى من خلال استخدام خطاب مناهض لتركيا. وانتقد الجهات التي تزعم بأن تركيا تأتي إلى هذه المناطق من أجل احتلالها، وإحياء التراث العثماني.
تساءل قالن في هذا الصدد: "أليس من الواضح أننا لا نتصرف بمثل هذا الدافع؟ أي أرض سورية قمنا باحتلالها؟". ولفت إلى أن بعض البلدان العربية أبدت موقفاً مشابهاً حيال تدخل تركيا في سوريا.
وأردف متحدث الرئاسة التركية: "نحن لا نعمل على تأسيس المنطقة الآمنة من أجلنا، بل من أجل سوريا".
وتابع: "هذه خطوة ستضمن أيضاً أمننا، ولكن الأهم هو وضع نحو 4 ملايين سوري في بلادنا، فهناك 4-5 ملايين لاجئ سوري على الأقل.. دعونا نقيم منطقة يمكن لهؤلاء العيش فيها بشكل آمن".
لكن ماذا عن زيارة أردوغان لتونس؟
حول الزيارة المفاجئة التي أجراها الرئيس أردوغان إلى تونس، قبل أيام، قال المتحدث إن هذا البلد يعد من أهم جيران ليبيا، والرئيس دعا إلى زيادة الاتصالات مع الجزائر وتونس في خطوة صائبة عقب حدوث تسارع في الملف الليبي.
أشار إلى أن ما تسعى إليه تركيا هو ضمان التقاء جميع الفاعلين في ليبيا والمساهمة في العملية الجارية تحت سقف الأمم المتحدة، إلى جانب حماية حكومة الوفاق الوطني.
أوضح أن الرئيس أردوغان تباحث مع الرئيس التونسي المنتخب حديثاً قيس سعيد، الذي رحّب أيضاً بهذا التواصل، وكان قد سبقه اتصال آخر للتهنئة.
بيّن أن أردوغان أبلغ سعيد خلال الاتصال أنه بإمكانه زيارة تونس من أجل إجراء مشاورات حول ليبيا، وردّ الأخير عليه بالترحيب، مؤكداً أن بلاده أيضاً تتابع عن كثب التطورات التي تهمها بشكل مباشر في ليبيا.
قال إن الاتصال بين الرئيسين جرى الثلاثاء، واتفقا خلاله على أن تجري الزيارة الأربعاء لمناقشة القضايا وجهاً لوجه.
لفت إلى أن المباحثات خلال الزيارة كانت جيدة ومثمرة للغاية، والجانب التونسي لديه وجهة نظر حول الملف الليبي، وهواجسه فيما يتعلق بأمن الحدود، والعبور غير النظامي، والحركات الإرهابية.
أكّد أن الحكومة التونسية تدعم حكومة الوفاق الوطني الليبية تحت سقف الأمم المتحدة، وبالتالي فإن تركيا ستقيم تعاوناً جيداً معها في هذا الصدد.
من جهة أخرى، أشار قالن إلى استمرار الاتصالات بين تركيا والجزائر، وأنه قد يكون من الوارد أن يجري الرئيس أردوغان زيارة إليها أيضاً، لأنها فاعل مهم للغاية.
تركيا "تتريث" قبل المشاركة في مؤتمر برلين
لفت إلى استمرار التحضيرات لعقد اجتماع قمة للأطراف المعنية بالشأن الليبي، في برلين، في النصف الثاني من يناير/كانون الثاني المقبل، في إطار مساعي الأمم المتحدة لإحياء المسار السياسي، ووقف إطلاق النار في ليبيا.
أشار إلى أنه من المفترض مشاركة الأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن في الاجتماع، إلى جانب تركيا وألمانيا ومصر والإمارات العربية المتحدة وإيطاليا، والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية.
وأوضح أن الرئيس أردوغان يتريث في موضوع المشاركة "ريثما تتضح الصورة كاملة، وتزول علامات الاستفهام". وأضاف قالن: "خلال مشاركتي في الاجتماعات ببرلين (حول الشأن الليبي)، كنت قلت مراراً، إنه لا معنى لاجتماعنا في برلين في حال واصل حفتر هجماته".
المسؤول التركي أكد أن الرئيس أردوغان سيبحث هذا الموضوع مع المستشارة الألمانية ميركل خلال المكالمة الهاتفية.
حول مسألة إرسال جنود إلى ليبيا إثر طلب حكومة الوفاق المعترف بها دولياً الدعم العسكري من أنقرة، لفت إلى أنه سيتم طرح الموضوع على البرلمان التركي، للحصول على تفويض بذلك، وسيتم إجراء تقييم للظروف والأوضاع.
أوضح أن الرئيس أردوغان سيصدر القرار النهائي في هذا الأمر. وذكر أنه سيتم إجراء تقييمات عسكرية، لتحديد طبيعة الدعم الذي سيقدم لحكومة الوفاق. وبين أن قوات الحكومة الليبية الشرعية تدافع عن نفسها حالياً، لكنها بحاجة إلى منظومات دفاع جوي بشكل رئيسي.
لفت إلى أن الحكومة الليبية تؤمّن السلاح بشكل من الأشكال عبر طرق شرعية، لكن هناك صعوبات أيضاً.
كما أشار في المقابل إلى استمرار تزويد ميليشيات حفتر بالسلاح من قِبل روسيا ومصر والإمارات والأردن وأطراف أخرى.