شُيّع، بعد ظهر الأربعاء 25 ديسمبر/كانون الأول 2019، جثمان قائد الأركان الجزائري الراحل، الفريق أحمد قايد صالح، الذي وافته المنية قبل يومين عن عمر ناهز80 عاماً، في جنازة رسمية وشعبية مهيبة.
تشييع جنازة قائد الأركان الجزائري
حيث تقدَّم الرئيس الجزائري الجديد عبدالمجيد تبون، المشيعين في مربع الشهداء (يُدفن فيها قادة تاريخيون للبلاد) بمقبرة العالية شرق العاصمة، إلى جانب كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين.
في تأبينه بالمقبرة، قال مسؤول دائرة الإعلام بوزارة الدفاع اللواء بوعلام ماضي: "الجزائر فقدت رجلاً شهماً بعد أن دخلت مرحلة أمان، لقد مدَّ الله عمره حتى تأدية الأمانة، كأنه أمهله حتى يرى الدولة الجزائرية الجديدة".
تابع "ماضي": "لقد حافظ على أرواح الجزائريين ولم تسقط قطرة دم واحدة.. سيصون أبناؤك البررة ما تركته، وسنحمي عرين الوطن من الحاقدين، ولن نحيد عن ذلك مهما كلفنا ذلك من ثمن، هذا عهد نقطعه على أنفسنا، لنجعل أمن البلاد قرة العين (..) الجزائر في أيدٍ أمينةٍ الآن".
والشوارع تمتلئ بحشود المواطنين
حيث اكتظت الشوارع خارج المقبرة بحشود من المواطنين قدِموا لتشييع الراحل، كما أدت مساجد في مختلف أنحاء البلاد صلاة الغائب عليه، بطلب من وزارة الشؤون الدينية.
نُقل جثمان رجل الجزائر القوي خلال المرحلة الانتقالية، على متن عربة عسكرية من قصر الشعب بوسط العاصمة، إلى مقبرة العالية، عبر شارع "ديدوش مراد"، الذي اصطف على جانبيه سكان العاصمة وآخرون قدِموا من ولايات أخرى ليودّعوه.
مرَّ الموكب الجنائزي بشارع جيش التحرير وصولاً إلى مقبرة العالية، على بُعد نحو 10 كيلومترات، في مشاهد بثها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة، ووصفها بـ "الجنازة المليونية"، حيث وجد الموكب صعوبة في السير بهذا الطريق السريع.
رافقت حشود من المواطنين الموكب منذ انطلاقه، حيث لم يسبق خلال السنوات الأخيرة، أن تم تسجيل هذه الأعداد من المشيعين في جنازة مسؤول سياسي أو عسكري سابق، ظهرت مؤشراتها من خلال موجة نعي كبيرة على شبكات التواصل الاجتماعي.
ويرى البعض أن هذه جنازة شعبية كبيرة لم تشهد البلاد مثلها منذ رحيل بومدين
يقول مراقبون إن البلاد لم تشهد جنازة رسمية بهذا الحضور الشعبي منذ تشييع الرئيس الراحل هواري بومدين (وُلد 1932، وتُوفي 1978) نهاية السبعينيات.
سُجِّي جثمان صالح، في قصر الشعب بالعاصمة، صبيحة اليوم، حيث ألقى عليه المسؤولون وأفراد من عائلته ووفود أجنبية وسفراء ومواطنون النظرة الأخيرة.
الإثنين، أعلن الرئيس الجزائري وفاة قايد صالح إثر أزمة قلبية، وذلك بعد 4 أيام من تنصيب تبون خلفاً لبوتفليقة.
كان قايد صالح، وهو نائب وزير الدفاع أيضاً، أكثر شخصية في البلاد حضوراً خلال المرحلة التي أعقبت رحيل الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وكان له "دور حاسم بتنحيته بعد إعلانه، أياماً قبلها، دعمه للحراك الشعبي" في مطلب رحيل بوتفليقة، وفق مراقبين.
ظلَّ هذا الرجل إلى آخر أيام حياته، في قلب جدل بين داعميه الذين يرونه مسؤولاً وفّى بوعوده بعدم الاستيلاء على الحكم بعد بوتفليقة، والسهر على تنظيم انتخابات رئاسية لاختيار خليفته، كما لم تُرَق قطرة دم واحدة طيلة 10 أشهر من التظاهر.
مقابل ذلك، يعتبر معارضوه أنه كان وراء فرض مسار سياسي أفضى إلى "فرض رئيس"، دون الاستجابة لمطلب الشارع الجوهري بتغيير النظام والقطيعة مع الممارسات السابقة.