شنّت قوات النظام السوري، الإثنين 23 ديسمبر/كانون الأول 2019، هجوماً عسكرياً جديداً على آخر معقل لقوات المعارضة في البلاد خلال عملية الاجتياح التي بدأت الأسبوع الماضي، والتي أدت إلى نزوح جماعي للمدنيين الفارين إلى أماكن أكثر أماناً بالقرب من الحدود التركية.
توغلت القوات السورية، تحت غطاء من الغارات الجوية والقصف العنيف، داخل محافظة إدلب، الواقعة شمال غرب البلاد، تجاه مدينة معرة النعمان، المعقل الرئيسي للمعارضة. وتقع المدينة على الطريق الرئيسي الذي يربط بين العاصمة دمشق ومدينة حلب في الشمال، أكبر المدن السورية، بحسب موقع هيئة الإذاعة الكندية CBC.
دعوات أممية لوقف القتال
بدا أن الهدف الرئيسي لقوات الرئيس السوري بشار الأسد هو إعادة فتح الطريق السريع، الذي أغلقته المعارضة منذ 2012.
يُذكر أن محافظة إدلب تسيطر عليها مجموعات مسلحة من المعارضة السورية، كما يقطنها 3 ملايين مدني، وحذرت الأمم المتحدة من تزايد مخاطر حدوث كارثة إنسانية على طول الحدود التركية. فيما قالت الأمم المتحدة إن أكثر من نصف سكان إدلب نزحوا داخلياً في أعقاب التقارير المستمرة عن الغارات الجوية في المنطقة.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أعرب عن قلقه جراء تصاعد حدة الصراع، ودعا للوقف الفوري للأعمال القتالية.
أما المتحدث باسم الأمين العام، ستيفان دوجاريك، فقال في وقت سابق إن التوقف الإنساني لمدة ست ساعات، والذي تفاوضت بشأنه الأمم المتحدة، سمح بعمل ممر آمن لنزوح أكثر من 2500 شخص.
وعلى مدار الأيام الثلاثة الأخيرة، قال دوجاريك إن الأنباء تشير إلى تأثّر 39 مبنى بقصف المدفعية في شمال حماة، وجنوب إدلب وغرب حلب، بينما أفادت الأنباء بتعرض 47 مبنى للقصف الجوي.
فيما قال المتحدث باسم الأمم المتحدة: "تناشد الأمم المتحدة كل الأطراف ضمان حماية المدنيين، والسماح بوصول جميع الهيئات والمؤسسات الإنسانية بشكل مستدام وبدون عوائق من أجل توفير المساعدة اللازمة لمن يحتاجون إليها".
كما أن سكان قرى وبلدات الأجزاء الجنوبية من محافظة إدلب يفرون مع ما يمكنهم حمله من ممتلكاتهم في شاحنات أو سيارات أو بواسطة الدراجات البخارية.
يذكر أن النظام السوري استأنف هجومه البري خلال الأسبوع الماضي بعد التراجع عن قرار وقف إطلاق النار، الساري منذ نهاية أغسطس/آب الماضي.
الاختيار بين الموت أو الهرب
قبل اندلاع موجة العنف الأخيرة، أفادت الأمم المتحدة بنزوح أكثر من 60 ألف شخص من سكّان إدلب بالفعل منذ بدء حملة القصف الحكومية أواخر الشهر الماضي.
جريدة الوطن، المؤيدة للنظام، قالت إن قوات بشار الأسد على بعد كيلومترات قليلة من معرة النعمان، مضيفةً أن البلدة "قد تستسلم للجيش بدون قتال".
فيما قالت منظمة الدفاع المدني السوري المعارضة، التي تُعرف أيضاً بـ "الخوذ البيضاء"، إن بلدة معرة النعمان وبلدة سراقب القريبة خاويتين تقريباً بعد مغادرة عشرات الآلاف من المدنيين هرباً من القصف الجوي الكثيف وقصف المدفعية الثقيلة.
أما عضو بمنظمة الدفاع المدني السوري فقال في مقطع فيديو يظهر فيه متجولاً في مدينة معرة النعمان: "كما ترون، حجم الدمار هائل. أُجبر السكان على الفرار من هذه المنطقة. كان عليهم الاختيار بين الموت أو الهرب شمالاً إلى المجهول".
وأمس الإثنين أيضاً، انفجرت سيارة مفخخة في سوق بلدة في شمال سوريا يسيطر عليها قوات المعارضة المدعومة من تركيا، ما تسبب في مقتل خمسة أفراد وإصابة الكثيرين، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الحكومية وناشطون معارضون.
وكالة الأنباء الحكومية SANA قالت إن الانفجار وقع في قرية سلوك بالقرب من الحدود السورية، مشيرةً إلى مقتل 5 أفراد بسبب الانفجار إلى جانب إصابة الكثيرين.
على صعيد منفصل، قال الجيش الروسي إن المعارضين استخدموا الطائرات المسيرة للهجوم على قاعدة حميميم الجوية الروسية على ساحل البحر المتوسط. وقال اللواء يوري بورينكوف، من مركز المصالحة الروسي في سوريا، إنهم تمكنوا من إسقاط الطائرتين بدون أي أضرار أو إصابات.