وافق مجلس الوزراء الليبي، الخميس 19 ديسمبر/كانون الأول 2019، بالإجماع، على تفعيل مذكرة التفاهم الأمني الموقعة مع تركيا. جاء ذلك في بيان نشره المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج.
قال البيان، إن مجلس الوزراء، عقد الخميس، اجتماعاً استثنائياً بالعاصمة طرابلس، برئاسة السراج، وحضور نائبي رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق، وعبدالسلام كاجمان، وعضوي المجلس محمد عماري زايد، وأحمد حمزة، والوزراء، وقادة المناطق العسكرية، واستعرض فيه مستجدات الأوضاع محلياً ودولياً.
أضاف أن "المجلس وافق بالإجماع خلال الجلسة، على تفعيل مذكرة التفاهم للتعاون الأمني والعسكري بين حكومة الوفاق الوطني وحكومة جمهورية تركيا، الموقّعة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي".
في تصريحات سابقة للأناضول، قال مصدر بوزارة العدل بالحكومة الليبية، إن مذكرتي التفاهم الموقّعتين مع تركيا قبل أيام دخلتا حيز التنفيذ بمجرد توقيعهما من قبل المجلس الرئاسي.
وأضاف المصدر، مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن قرار المجلس الرئاسي، الذي أقر المذكرتين، طلب فيه من الجهات المختصة تنفيذه اعتباراً من تاريخ صدوره.
وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني، وقع الجانبان التركي والليبي، مذكرتي تفاهم، تتعلقان بالتعاون الأمني والعسكري، وتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي.
وصادق البرلمان التركي على مذكرة التفاهم المتعلقة بتحديد مناطق الصلاحية البحرية، في 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري، فيما نشرت الجريدة الرسمية التركية، المذكرة، في عددها الصادر يوم 7 من الشهر ذاته.
ما الذي يدفع تركيا للتدخل عسكرياً في ليبيا؟
بالنسبة لتركيا، فإنها تقول إن العامل الأيديولوجي والأخلاقي هو الدافع الرئيسي لدورها في ليبيا.
تؤيد تركيا التي يحكمها حزب العدالة والتنمية الأحزاب الإسلامية المعتدلة في العالم العربي، كما أن لتركيا التي عانت لعقود من آثار الانقلابات العسكرية، حساسية خاصة تجاه ما تعتبره طغاة عسكريين، الذين ينقلبون على الديمقراطية، على غرار اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر. وفي ليبيا أيضاً توجد قبائل من أصول تركية.
كما لدى تركيا بطبيعة الحال مصالح اقتصادية، إذ كانت ليبيا سوقاً مهمة للمنتجات وشركات المقاولات التركية قبل الحرب الأهلية.
ولكن ازدادت أهمية ليبيا بالنسبة لأنقرة مؤخراً، بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين طرابلس وأنقرة، الذي يكتسب أهمية خاصة للأخيرة، في ظل اعتبار أنها تتعرض لمحاولة لتجاوز دورها ونصيبها في غاز شرق المتوسط.
كما وقّع البلدان اتفاقية أو مذكرة ثانية تتعلق بالجوانب الأمنية تسمح لتركيا بإرسال قوات إذا طلبت طرابلس.
إذ تتضمن الاتفاقية أو المذكرة الثانية إمكانية إرسال قوات تركية إلى ليبيا، إذا طلبت حكومة الوفاق الوطني دعماً عسكرياً.
فهل ينتج عن ذلك صراع مسلح في المتوسط؟
بات خطر الاشتباك العسكري في البحر المتوسط أكثر قرباً، بعد محادثات أكّدت فيها تركيا استعدادها إرسال قوات إلى ليبيا للدفاع عن الحكومة المعترف بها أممياً. إذ تواجه حكومة الوفاق الوطني في طرابلس ما يوصف بأنه هجوم حاسم تشنّه قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، أمير الحرب القادم من شرق ليبيا.
كانت تركيا، المنخرطة بالفعل في خلافات مع الكونغرس الأمريكي والاتحاد الأوروبي على جبهات متعددة، وقّعت الأسبوع الماضي اتفاقية تعاون عسكري مع حكومة الوفاق الوطني، تتيح لها طلب قوات ودعم عسكري من تركيا. يتضمن الاتفاق، الذي أُرسل للعرض على البرلمان التركي يوم السبت، تزويد الحكومة بما يسمى بقوة ردٍّ سريع لدعم الشرطة والجيش في ليبيا، فضلاً عن تعزيز التعاون في مجال الاستخبارات والدفاع، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
كان الدعم التركي لحكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السرّاج مقتصراً حتى الآن على طائرات مسيّرة ومعدات عسكرية، ومن ثمَّ سينطوي الأمر على تصعيدٍ كبير في حال إرسال قوات برية للدفاع عن طرابلس.
تقابل وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، ووزير الدفاع، خلوصي أكار، مع السرّاج على هامش مؤتمر دبلوماسي كبير، في الدوحة بقطر، خلال عطلة نهاية الأسبوع. وقال جاويش أوغلو، خلال حديثه في الدوحة، إن حكومة الوفاق الوطني لم يسبق أن تقدمت حتى الآن بأي طلب رسمي لإرسال قوات عسكرية لدعمها، لكنه أضاف أن "إرسال قوات عسكرية هو أسهل شيء".