تجمَّع آلاف العراقيين، الجمعة 13 ديسمبر/كانون الأول 2019، في الساحات العامة وشوارع العاصمة بغداد ومدن وبلدات وسط وجنوب البلاد، استمراراً للاحتجاجات المناهضة للحكومة والطبقة السياسية الحاكمة.
تظاهر الآلاف في العراق تنديداً بسياسات الحكومة
حيث استمرت الاحتجاجات في 10 محافظات هي بغداد، وبابل، والنجف، وكربلاء، وميسان، والمثنى، والديوانية، وواسط، وذي قار، والبصرة.
أفاد مراسل "الأناضول" بأن آلاف المحتجين واصلوا احتجاجاتهم في ساحة التحرير والمناطق المحيطة بها وسط بغداد.
في حين لوَّح المتظاهرون بلافتات تندد بالسياسيين الفاسدين، وتطالب باختيار رئيس وزراء جديد مستقل ونزيه وبعيد عن التبعية الخارجية.
قال غالب السامرائي، وهو ناشط في احتجاجات بغداد، لـ"الأناضول": "اقتربنا من حصد ثمار الاحتجاجات المتواصلة منذ أسابيع، ولن نتراجع بعد كل هذه الدماء التي أريقت".
أضاف، في حين كان يحمل لافتة كُتب عليها "نريد وطناً للأحرار لا للتابعين"، أن "المتظاهرين يتطلعون إلى رئيس وزراء مستقل ونزيه، ويدين بالولاء للعراق فقط، وليس لإيران أو لأمريكا".
تابع السامرائي: "على الأحزاب أن تعلم أن أي مرشح لا يحظى بموافقتنا لن يُكتب له النجاح في تشكيل حكومة، بل سيزيد الأزمة تعقيداً".
في حين برزت استقالات حزبية دعماً للمتظاهرين
في الأثناء، أعلن قيادي في حزب الدعوة، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، استقالته من الحزب وكتلته البرلمانية، في قرار قد يراد منه الالتفاف على مطالب المتظاهرين، حسب مراقبين.
قال محمد شياع السوداني، في تغريدة نشرها على "تويتر": "أعلن استقالتي من حزب الدعوه الإسلامية/تنظيم العراق ومن كتلة ائتلاف دولة القانون، كما أني لست مرشحاً عن أي حزب".
أضاف السوداني: "العراق انتمائي أولاً".
تأتي استقالة "السوداني"، وسط تداول اسمه في الأوساط السياسية باعتباره مرشحاً محتملاً لرئاسة الحكومة بدلاً من رئيس الحكومة المستقيل، عادل عبدالمهدي.
قال خليل الجنابي، أحد ناشطي الاحتجاجات في ذي قار، لـ"الأناضول"، إن "السوداني" لا يحظى بموافقة المتظاهرين.
تابع الجنابي مستائلاً: "هل يتصور هؤلاء أننا بهذه السذاجة؟! يستقيل السوداني اليوم ويرشحونه لرئاسة الحكومة غداً".
من جانبه، قال صالح محمد العراقي، القيادي بالتيار الصدري والمقرب من زعيمه مقتدى الصدر، في تغريدة نشرها على "تويتر": "محمد شياع السوداني، استقلت أم لم تستقلَّ فأنت خارج دائرة الاختيار".
أضاف "العراقي": "بعد كل هذه السنين تأتي اليوم، لتعلن استقالتك من حزب السُّرَّاق وكُتلة الفساد!"، في إشارة إلى حزب الدعوة وكتلة ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي.
"السوداني" قيادي في حزب الدعوة، وكان وزير العمل والشؤون الإجتماعية بحكومة حيدر العبادي (2014-2018)، كما شغل منصب وزير حقوق الإنسان في الحكومة الثانية للمالكي (2010-2014)، ثم تقلد منصب محافظ ميسان خلال الفترة من 2009 إلى 2010.
ولا توجد بوادر انفراجة للأزمة حتى الآن
حيث أجبر المحتجون حكومة عادل عبدالمهدي على الاستقالة، مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، ويصرون على رحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003.
يتعين على رئيس الجمهورية، برهم صالح، تكليف رئيس جديد للحكومة خلال فترة 15 يوماً من استقالة عبد المهدي، وتنتهي المهلة الدستورية يوم 16 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
لا توجد بوادر انفراج لغاية الآن بشأن مرشح مقبول من الأحزاب الحاكمة والمحتجين، وهو ما قد يسير بالبلاد إلى فراغ دستوري.
ففي البصرة أقصى جنوبي البلاد، أقدم عشرات المحتجين على تغيير اسم شارع وسط المدينة، من "شارع الإمام روح الله الخميني" إلى شارع "شهداء ثورة أكتوبر".
حيث هتف المحتجون ضد إيران والأحزاب المقربة منها بالعراق، في حين كان شخصان يعلّقان الاسم الجديد للشارع على يافطة كبيرة، كانت تحمل أيضاً صوراً لمتظاهرين قُتلوا خلال الاحتجاجات.
في حين سمَّت الشارعَ باسم "الخميني" فصائل شيعية مسلحة موالية لإيران عام 2016، ومنذ ذلك الوقت تعرضت يافطة الشارع للحرق عدة مرات بيد عراقيين مناوئين لإيران.
من جانبه ندد السيستاني باستهداف النشطاء
من جانبه، دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، في بيان تلاه ممثله أحمد الصافي في خطبة الجمعة بكربلاء، إلى "ضرورة أن يكون بناء الجيش وسائر القوات المسلحة العراقية وفق أسس مهنية رصينة، بحيث يكون ولاؤها للوطن".
كما ندد السيستاني بحملة استهداف ناشطين في الأيام القليلة الماضي، قائلاً: "نشجب بشدة، ما جرى من عمليات القتل والخطف والاعتداء بكل أشكاله".
أشار إلى أنه أمام العراقيين "معركة مصيرية أخرى، وهي معركة الإصلاح والعمل على إنهاء حقبة طويلة من الفساد والفشل في إدارة البلد".
واندلعت الاحتجاجات في العراق مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتخللتها أعمال عنف واسعة النطاق.
أما الغالبية العظمى من الضحايا فهم من المحتجين، وسقطوا، وفق المتظاهرين وتقارير حقوقية دولية، في مواجهات مع قوات الأمن ومسلحين من فصائل "الحشد الشعبي" لهم صلات مع إيران، المرتبطة بعلاقات وثيقة مع الأحزاب الشيعية الحاكمة في بغداد. لكن "الحشد الشعبي" ينفي أي دور له في قتل المحتجين.