جمع لقاء مغلق استمرّ لـ20 دقيقة بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، ورئيس الوزراء القطري عبدالله بن ناصر آل ثاني، قبل صدور البيان الختامي لقمة الخليج التي استضافتها الرياض، وسط حديث عن جهود من جانب الرياض لتخفيف شروط المصالحة مع قطر، لكن الصورة الجماعية لقادة الخليج تشي بأن الصعوبات قائمة في وجه المصالحة التي طال الحديث عن قربها.
لماذا يكتسب اللقاء أهمية كبيرة: يمثل حضور رئيس الوزراء للقمة أعلى مستوى من التمثيل القطري بالقمة الخليجية السنوية منذ العام 2017، الذي شهد بداية الأزمة الخليجية.
كان لافتاً استقبال الملك سلمان لرئيس الوزراء القطري، حيث تبادلا الحديث والإيماءات الودية، كما أن المحطات السعودية وصفت لقاءهما بـ "الأحاديث الأخوية"، بينما كان معلق يقول: "أهلاً وسهلاً بأهل قطر في بلدكم الثاني".
مشاركة قطر ولقاء ممثلها مع الملك السعودي اعتبرتها وكالة رويترز وقائع تمثل أوضح إشارة حتى الآن على انفراج محتمل لأزمة الخليج.
مؤشرات على تخفيف الخلافات: لم يتطرّق الخطاب الذي ألقاه الملك سلمان والبيان الختامي للقمة إلى الأزمة مباشرة، لكن اللهجة كانت تصالحية تجاه قطر، حينما دعت المملكة إلى ضرورة وحدة وتماسك دول الخليج، وتعزيز تعاونها العسكري والأمني وإنشاء تكتل مالي بحلول 2025.
- وكالة رويترز نقلت عن مصدرين مطلعين من الرياض قولهما إن المملكة خففت موقفها بشأن قائمة تضم 13 مطلباً لإنهاء مقاطعة قطر، منها أن تقطع الدوحة علاقاتها مع جماعة "الإخوان المسلمين"، وتوقف بث قناة الجزيرة، وتغلق قاعدة عسكرية تركية، وتقلص علاقاتها مع إيران التي تشترك معها قطر في حقل غاز عملاق.
- عقب قراءة البيان الختامي، أشاد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح بالدعوة إلى وحدة دول الخليج، وقال "إننا نشعر بارتیاح للخطوات الإیجابیة والبناءة التي تحققت في إطار جھودنا لطيّ صفحة الماضي، ونتطلع بتفاؤل للمستقبل".
- برز تأكيد سعودي آخر على جهود المصالحة مع قطر، حيث قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود، في مؤتمر صحفي بنهاية القمة، إنَّ بلاده تدعم جهود إنهاء الأزمة مع قطر، لكن "بعيداً عن الإعلام".
ما بين السطور: في مقابل المحادثات الجارية للتقريب ما بين السعودية وقطر، تبقى هنالك مؤشرات أخرى تشير إلى أن نهاية الأزمة التي عصفت بالخليج قد تحتاج إلى المزيد من الوقت، حيث قال دبلوماسي غربي لوكالة رويترز إن "القمة قد تكون خطوة للأمام باتجاه حل الخلاف، لكن من المستبعد رؤية نهاية فورية له".
لا يُعرف الكثير الآن عن الوضع الراهن للقاءات السرية بشأن حل الأزمة الخليجية، وقد ترفض الإمارات ومصر المصالحة، فعلى الأقل لا تزال أبوظبي الحليفة القوية للرياض تهاجم عبر منابرها وشخصياتها البارزة قطر.
أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، كتب على تويتر قبل ساعات من بدء قمة الخليج، إن "تشخيص حالة مجلس التعاون لمن يريد أن يكون صادقاً وأميناً أساسه تغليب مصلحة المجلس، والمسؤولية تبدأ ممن كان سبب الأزمة بمراجعة سياساته الخاطئة التي أدت إلى عزلته".
كما أن لتغير مكان عقد قمة الخليج، ونقله من أبوظبي إلى الرياض، دلالة على رغبة إماراتية في تفادي التقارب مع قطر، وفقاً لما قاله سايمون هندرسون، مدير برنامج الخليج في معهد واشنطن، الذي أشار أيضاً إلى إمكانية أن تتصدى الإمارات للخطوات الأخرى التي تُتَّخذ على طريق المصالحة.
صورة محملة بالرسائل: وفيما كان من المتوقع أن تُظهر الصورة التي التُقطت لزعماء القمة في نهايتها جهودَ التقارب بين الطرفين بشكل أوضح، إلا أن الملك سلمان وقف في الوسط، وعلى يساره كل من ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وحاكم دبي محمد بن راشد، ثم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أما على يمينه فوقف نائب رئيس الوزراء العماني فهد بن محمود، ثم رئيس وزراء قطر عبدالله آل ثاني، ثم أمير الكويت الشيخ صباح الجابر الصباح، ثم رئيس مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني، ما يفيد بأن المصالحة ليست قريبة تماماً، وأنها تحتاج لوقت لدمل الجراح العميقة.
عودة إلى الوراء: في يونيو/حزيران 2017، فرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، الدولة غير العضو بمجلس التعاون الخليجي، مقاطعةً سياسية واقتصادية على قطر بسبب اتهامات بدعم الدوحة للإرهاب. ونفت قطر هذه الاتهامات، واتهمت تلك الدول بمحاولة تقويض سيادتها.
حاولت واشنطن التوسط لحل الأزمة، مدفوعة بنيّتها تشكيل جبهة موحدة ضد إيران، التي تخوض صراعاً مع السعودية على الريادة في المنطقة.
أدّى الانشقاق الخليجي إلى تشتت العديد من الأسر، وارتفاع تكلفة الأعمال التجارية، لكن في المقابل دفعت الأزمة قطر إلى الاعتماد أكثر على نفسها في تأمين الموارد الرئيسية للبلاد.