يبدو أنَّ عمدة مدينة نيويورك السابق الملياردير مايكل بلومبرغ يأمل في أن تساعده ثروته في تعويض تأخُّر دخوله الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي المتعلقة باختيار مرشَّح لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها في العام المقبل 2020.
إذ حقق بلومبرغ رواجاً وجذب الانتباه بشراء إعلان تلفزيوني مبدئي بقيمة أكثر من 30 مليون دولار، وهو أكبر مبلغ أنفقته حملة انتخابية رئاسية في أسبوع واحد، وفقاً لصحيفة The New York Times الأمريكية.
فيما تغزو الإعلانات التي تروج لمواقفه بشأن الرعاية الصحية وتغير المناخ، وكذلك نجاحاته في مجال ريادة الأعمال ونجاحاته السياسية، أسواق التلفزيون والإعلام في جميع أنحاء البلاد. كما يعتزم العمدة السابق إنفاق ما يصل إلى مليار دولار من أمواله الخاصة طوال الحملة.
وصحيحٌ أنَّ حجم إنفاق حملته أصغر من ذلك بكثير، لكنَّها تنشر إعلانات كثيرة للغاية عبر الإنترنت، إذ إن المدير الرقمي للحملة هو غاري بريغز، كبير مسؤولي التسويق السابق في شركة فيسبوك، وفق تقرير الصحفي في مجلة Slate الأمريكية آرون ماك.
أكثر من مليون ونصف على دعايا عبر الإنترنت في 10 أيام
أنفق بلومبرغ أكثر من مليون دولار على إعلانات دعايته الانتخابية التي تظهر عبر فيسبوك وإنستغرام في الأسبوع الأول من الحملة، لينافس بذلك ما أنفقه العديد من منافسيه الديمقراطيين بصورةٍ فردية طوال السباق الانتخابي منذ بدايته.
ويبدو أن هذه الإعلانات لا تستهدف إلَّا الولايات التي ستشهد انتخابات تمهيدية في يوم الثلاثاء الكبير في مارس/آذار القادم، وهي استراتيجية يتابعها بإعلاناته التلفزيونية كذلك لأنَّه لن يكون مؤهلاً للتنافس في أولى الولايات التي ستشهد انتخابات تمهيدية مثل آيوا ونيوهامبشير.
كذلك أنفق المرشح الذي أطلق حملته الانتخابية رسمياً في 24 نوفمبر/تشرين الثاني حوالي 500 ألف دولار على إعلانات دعايته التي تظهر على جوجل ويوتيوب.
إعلانات بلومبرغ تصدرت عمليات بحث جوجل
أسفرت محاولات بلومبرغ إغراق البلاد بدعايته عن ظهور إعلاناته في أماكن غريبة على الإنترنت، لا سيما على موقع يوتيوب.
كذلك تسيطر الإعلانات المرتبطة بدعايته الانتخابية على عمليات البحث في جوجل. إذ أبلغ بعض المستخدمين عن أنَّها كثيراً ما تَظهر في صدارة النتائج الأولية عند البحث عن مصطلحات شائعة عامة تماماً مثل "العزل" و "الحد من انتشار الأسلحة" و "أزمة المناخ".
وقد تحققتُ بشكلٍ مستقل من أن إعلاناته تظهر من حينٍ إلى آخر في صدارة النتائج عند البحث عبر جوجل عن المصطلحات المتعلقة بالمناخ والأسلحة، مثل "سلامة التعامل مع الأسلحة" و "الاحترار العالمي". بالإضافة إلى أنَّ البحث عن وكالة Bloomberg الإخبارية يعرض كذلك إعلاناً مرتبطاً بحملته الانتخابية.
وعادةً ما يضع المرشحون للرئاسة إعلانات دعايتهم الانتخابية في نتائج البحث عن أسمائهم، فكل حملة تقريباً من حملات مرشحي انتخابات 2020 تُغرِق هذه المساحة الإعلانية بروابط التبرع لها وزيارة مواقعها الرسمية، ولكن يبدو أن بلومبرغ يتجاوز وضع إعلاناته عند البحث عن اسمه فقط.
وكما وجد موقع Earther، تستهدف حملة بلومبرغ ظهور إعلاناتها عند البحث عن أكثر من 1000 مصطلح يتعلق بتغير المناخ، مثل "هل تغير المناخ خدعة" و "الفقر وتغير المناخ"، ما يساعد على توضيح سبب تمكُّن إعلاناتها من السيطرة على عمليات البحث عبر جوجل.
بل حتى أنَّ بلومبرغ استهدف ظهور إعلاناته عند البحث عن مصطلح "خطة إليزابيث وارين المتعلقة بالمناخ"، في محاولةٍ واضحة لجذب مؤيديها.
ومن المرجح أنَّ الحملة تستهدف كذلك ربط إعلاناتها بعمليات البحث عن المصطلحات المتعلقة بالحد من انتشار الأسلحة والعزل.
هنا يتضح أنَّ حملة بلومبرغ لا تُثبِت فقط كيف يمكن للأموال الطائلة أن تُحدِث هزَّة في السباق الرئاسي، بل توضِّح كذلك كيف يمكن للإنفاق على الإعلانات الرقمية أن يشوه نتائج البحث عبر جوجل.
ينفق أيضاً على مهاجمة ترامب، وبالطبع الرئيس لم يمرر ذلك بسهولة
أيضاً أنفق بلومبرغ 100 مليون دولار على إعلانات رقمية تهاجم دونالد ترامب. إذ اتهم مدير حملة ترامب لانتخابات 2020 براد بارسكيل وكالة "بلومبرغ نيوز" بالتحيز لصالح مالكها الذي ينافس ترامب، وقال إن: "معظم المؤسسات الإعلامية لا تعلن عن تحيّزها بهذا الشكل العلني".
معلناً منعه مراسلي الوكالة من تغطية أنشطتهم الانتخابية، وأشار إلى أنه سيقرر إذا كان سيتعامل مع صحافيين بشكل منفرد للإجابة عن أسئلة من "بلورمبرغ نيوز" بناءً على كل حالة، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب).
وهو ما اعتبره رئيس تحرير بلومبرغ نيوز جون ميكليثويت قيوداً تضعها حملة ترامب، مؤكداً تغطية الوكالة أخبار ترامب بشكل منصف وغير منحاز منذ ترشّحه سنة 2015.
كما هاجم ترامب بلومبرغ ووكالته ووصفه بـ "ميني مايك" (أي مايك القزم). وقال: "أمر ميني مايك بلومبرغ مؤسسته الإخبارية من الدرجة الثالثة بعدم إجراء أي تحقيقات عنه أو عن أي ديمقراطي، وملاحقة الرئيس فقط".
مضيفاً: "نيويورك تايمز الفاشلة تعتقد أن لا مشكلة في ذلك لأن كراهيتها وانحيازها كبيران لدرجة تمنعها من رؤية الأمور بشكلها الصحيح. هناك مشكلة".