حذّرت "لجنة الإنقاذ الدولية" (IRC) في تقريرٍ جديد صدر الإثنين 2 ديسمبر/كانون الأول 2019، من أن الفشل في استغلال الفرصة النادرة الحالية لإحلال سلام في اليمن قد يكلف المجتمع الدولي 29 مليار دولار (22 مليار جنيه إسترليني) في هيئة مساعدات إنسانية إضافية، إذا استمرت الحرب الأهلية لخمس سنوات أخرى.
تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين، يوضح أنه إضافةً إلى أن استمرار الحرب من المحتمل أن يطيل مدةَ عجز اليمن عن العودة إلى مستويات نقص الغذاء قبل الأزمة بمقدار 20 عاماً أخرى، بالنظر إلى أن ظروف المجاعة ونقص الغذاء غالباً ما ستتصاعد في حال استمرار الصراع.
هذه التحذيرات موجهة جزئياً إلى السعودية والإمارات، اللتين تقودان القتال في اليمن ضد المتمردين الحوثيين، بالإضافة إلى تمويل الجزء الأكبر من المساعدات الإنسانية الموجهة بشكل رئيس إلى وكالات تابعة للأمم المتحدة مثل "برنامج الأغذية العالمي" (WFP).
التكلفة الهائلة لعصر الإفلات من العقاب
يقول ديفيد ميليباند، رئيس لجنة الإنقاذ الدولية ووزير الخارجية البريطاني السابق، إن "تنبؤات اليوم المتشائمة نظرةٌ بصيرة على التكلفة الهائلة لعصر الإفلات من العقاب: إذ تُخاض الحروب في أجواء يسودها استخفاف كامل بحياة المدنيين، وفي ظل إهمالٍ من دبلوماسيين يقع على عاتقهم مسؤولية إنهاء العنف ومحاسبة هؤلاء الذين ارتكبوا الجرائم وانتهكوا القانون الدولي".
"الأسوأ من ذلك، هو أن أمد الحرب في اليمن أخذ يُطال من خلال دعم عسكري فعّال، وغطاء دبلوماسي من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وقوى غربية أخرى".
"الأخبار الجيدة هي أن المساعي الضخمة التي بذلتها الوكالات الإنسانية والحكومات المانحة وعمال الإغاثة قد آتت أُكلها وأخذت تساعد في تقليل المستويات المروعة لسوء التغذية لدى الأطفال في اليمن".
"الأخبار السيئة هي أنه، في حال استمرار هذا المعدل، فإن الأمر سيستغرق 20 عاماً أخرى، فقط للوصول إلى مستويات الجوع بين الأطفال في زمن ما قبل الحرب. وهذا يمثل ضِعفَ الجدول الزمني المتفق عليه لإنهاء سوء التغذية في جميع أنحاء العالم".
يقدّم برنامج الأغذية العالمي حالياً مساعدات غذائية إلى نحو 12 مليون شخص في اليمن، ومن المقرر أن يجري مسحاً جديداً على مستوى اليمن حول مستويات انعدام الأمن الغذائي.
مستقبل متشائم من نهاية الحرب في اليمن
يزعم التقرير أن هناك علامات على أمل دبلوماسي بحلٍّ في اليمن لأول مرةٍ منذ التدخل السعودي قبل خمس سنوات، ويتضمن ذلك مقترحات محلية بوقف إطلاق النار، والإفراج عن سجناء، وأخذ خطوات تأخرت فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق ديسمبر/كانون الأول 2018، والذي جمع حينها الأطراف المتحاربة معاً للمرة الأولى في عامين.
ومع ذلك، فإنه يحذّر أيضاً من وجود علامات على أن اتفاقيةً توسطت فيها السعودية في جنوب البلاد الشهر الماضي باتت هشةً للغاية، إذ يبدو أن المتمردين الحوثيين يتجاهلون العناصر الأساسية لاتفاقية وقف إطلاق النار في ميناء الحُديدة المطل على البحر الأحمر، في الوقت الذي يصارع برنامج الأغذية العالمي للحفاظ على سيطرته على توزيع المواد الغذائية في مواجهة المتمردين.
قال التقرير إن المملكة المتحدة، التي تعد حاسمةً في عملية السلام لأنها تقود التحركات بشأن القضية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أخذت تسمح بتقلّص المساعي الدبلوماسية التي كانت قد سخرتها لحل القضية.
"في الأشهر الأخيرة، وفي ظل انشغالها بالأوضاع السياسية المضطربة على المستوى الوطني، أخذت حكومة المملكة المتحدة تتراجع عن مشاركتها الفعالة سابقاً في عملية السلام في اليمن، والتي تمثلت سابقاً في الدفع على مستوى عالٍ لعقد اتفاق ستوكهولم [بشأن الهدنة في الحُديدة في عام 2018] وزيارة وزير الخارجية السابق جيريمي هَنت إلى اليمن".
التقرير أوصى بأنه بعد الانتخابات العامة التي تجرى هذا الشهر، على المملكة المتحدة أن تكثف مساعيها لإحلال السلام في اليمن، أي "الأولوية الأولى لوزارة الخارجية وشؤون الكومنولث البريطانية لعام 2020".
مزيد من الضغوط على السعودية
يذهب دبلوماسيون إلى أنه، مع تولي السعودية رئاسة مجموعة العشرين هذا الشهر وبلوغ الأمر ذروته مع القمة المفترض عقدها في الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فإن حلول البلاد في صدارة الاهتمام العالمي يوفر فرصة لفرض نفوذ عليها لإنهاء الحرب في اليمن في غضون عام.
يقترح فريق لجنة الإنقاذ التي يرأسها ميليباند أن تتقدم المملكة المتحدة بخطة عمل لعام 2020، لتأمين السلام وإزالة العوائق أمام وصول المساعدات الإنسانية في اليمن، في الأسابيع الستة الأولى من أي حكومة بريطانية تتشكل.
إذ إن "أي غيابٍ متصورٍ فيما يتعلق بالمشاركة السياسية للمملكة المتحدة عن القمة سيقوّض احتمالات السلام وسمعة المملكة المتحدة في التأثير على السياسة الخارجية وحل النزاعات الدولية".
يوصي التقرير أيضاً بأن تعالج المملكة المتحدة عدم التوازن في موقفها من انتهاكات القانون الدولي في اليمن، وأن تصدر باستمرار بيانات رسمية بالإدانة عندما يُقتل مدنيون أو تشهد البلاد تدميراً في البنية التحتية المدنية على يد أي طرف في النزاع.