عمَّت الاحتفالات شوارع وساحات الاحتجاجات بمدن عراقية بينها العاصمة بغداد، الجمعة 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2019؛ على خلفية إعلان رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي نيته تقديم استقالته إلى البرلمان.
وبدأ آلاف من المحتجين العراقيين بالتوافد على ساحة التحرير، معقل المتظاهرين، وسط بغداد، للاحتفال باستقالة الحكومة المرتقبة.
ولوَّح المتظاهرون بالأعلام العراقية، وسط أجواء احتفالية تخللها إطلاق الألعاب النارية، كما تمت إذاعة أغانٍ وطنية عبر مكبرات الصوت.
وقال صلاح الذياب، وهو أحد المحتفلين في ساحة التحرير، لـ "الأناضول": "هذا يوم سيسجَّل بحروف من ذهب في تاريخ العراق".
"سنواصل الإطاحة بكل الفاسدين"
وأضاف، بينما كان يستعد لإطلاق ألعاب نارية، أن "ثورة شبان العراق بدأت تؤتي ثمارها، وأولاها الإطاحة بالحكومة، ومن ثم ستتواصل للإطاحة بكل الفاسدين في البلد".
وأردف الذياب (26 عاماً): "لا يمكننا التراجع بعد إراقة كل هذه الدماء، لا نريد دولة فاسدة، لا نريد دولة ميليشيات. نريد حقوقنا في وطن يحتضن الجميع".
وفي مدينة البصرة، أقصى جنوبي البلاد، خرج آلاف من العراقيين في مسيرات احتفالية صوب وسط المدينة، حيث يعتصم مئات منذ أسابيع، على مقربة من مقر الحكومة المحلية.
وردد المشاركون في الاحتفالات الأهازيج والهتافات التي تعبر عن نجاح الانتفاضة الشعبية في تحقيق هدفها المتمثل بالاطاحة بحكومة عبد المهدي.
وقال حسين عبد الرضا (32 عاما)، وهو أحد المتظاهرين، للأناضول، إن الأجواء الاحتفالية تعم كل شواراع وأحياء وساحات البصرة.
وأضاف أن الاحتجاجات ستتواصل بكل تأكيد لحين تحقيق أهدافها المتمثلة بإصلاح القوانين التي تنظم الانتخابات وتقديم "الفاسدين" للقضاء تمهيدا لإجراء انتخابات مبكرة.
وشهدت محافظات بابل والديوانية وديالى وكربلاء وميسان أجواء احتفالية مماثلة.
لكن الاحتفالات في محافظتي ذي قار والنجف بدت مغلفة بالحزن إثر مقتل 58 متظاهرا منذ الخميس، حسب ما أفادت مصادر طبية حكومية للأناضول.
وساد الهدوء الحذر في المحافظتين إثر إعلان عبد المهدي نيته بتقديم استقالته، لكن الأجواء الاحتفالية كانت غائبة إلى حد كبير.
وكان تصاعد وتيرة العنف في محافظتي ذي قار والنجف دفع المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، اليوم، إلى دعوة البرلمان للسعي لسحب الثقة عن حكومة عبد المهدي الذي استبق الخطوة بإعلان نيته تقديم استقالته للبرلمان دون تحديد موعد بعينه.
وتحظى آراء السيستاني باحترام واسع في المجتمع العراقي، وخاصة بين المسلمين الشيعة في وسط وجنوبي البلاد، ولا يتجرأ السياسيون على مخالفته في العلن رغم أنه لا يتدخل في الأمور السياسية إلا في أوقات الأزمات.
كتلتان شيعيتان أوصلتاه للحكم
ووصل عبد المهدي إلى سدة رئاسة الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وذلك كمرشح متوافق عليه بين أكبر كتلتين شيعيتين في البرلمان وهما "سائرون" (54 من أصل 329 مقعداً)، و"الفتح" (47 مقعداً).
ومنذ بدء الاحتجاجات مطلع أكتوبر الماضي، سقط 406 قتيلا على الأقل و15 ألف جريح، وفق إحصاء أعدته الأناضول، استنادا إلى أرقام لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، ومفوضية حقوق الإنسان (رسمية تتبع البرلمان)، ومصادر طبية وحقوقية.
والغالبية العظمى من الضحايا من المحتجين الذين سقطوا في مواجهات مع قوات الأمن ومسلحي فصائل شيعية مقربة من إيران.
وطالب المحتجون في البداية بتأمين فرص عمل وتحسين الخدمات ومحاربة الفساد، قبل أن تتوسع الاحتجاجات بصورة غير مسبوقة، وتشمل المطالب رحيل الحكومة والنخبة السياسية المتهمة بالفساد.