كشفت وثائق جديدة مسرّبة تفاصيل عن كيفية إدارة الصين مراكز احتجاز تعتقل فيها مسلمي الإيغور في منطقة شينجيانغ، وتحكّمها بكل تفاصيل حياة المحتجزين من المواعيد الدورية لقص الشعر إلى توقيت إغلاق الأبواب.
وتظهر الوثائق التي حصل عليها "الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين" ونشرتها 17 وسيلة إعلامية حول العالم، أمس الأحد 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، النظام الصارم المعتمد في مراكز الاحتجاز بالإقليم الواقع في أقصى غرب الصين.
ويقول خبراء أجانب إن مراكز الاحتجاز هذه تأوي أكثر من مليون شخص من الأويغور وغيرهم من أبناء الأقليات المسلمة، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.
وقال الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين إنه حصل على قائمة توجيهات تعود إلى عام 2017 "تعتبر فعلياً كُتيب إرشادات لإدارة المعسكرات"، وتضمنت الأوامر إلى إدارات مراكز الاحتجاز:
– لا تسمح أبداً بالهرب.
– زيادة الانضباط والعقاب على الانتهاكات السلوكية.
– تعزيز التوبة والاعتراف.
-اجعل دراسات الماندرين (اللغة الصينية) العلاجية أولوية قصوى.
– شجع الطلاب على التحول بإخلاص.
– ضمان مراقبة كاملة بالفيديو لعنابر النوم والفصول الدراسية.
التحكم بحياة المعتقلين
كذلك تحتوي على توجيهات لكيفية منع الهرب والحفاظ على سرية وجود المعسكرات وتلقين النزلاء للمبادئ بهدف غسل أدمغتهم، "ومتى يسمح لهم برؤية أقاربهم أو حتى باستخدام دورات المياه".
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إن الوثائق تكشف عن مراقبة كل جانب من جوانب حياة المعتقل والتحكم فيه، فعلا سبيل المثال "يجب أن يكون لدى الطلاب مكان سرير ثابت، ومكان ثابت في الطابور، ومقعد ثابت في الفصل، ومركز ثابت أثناء العمل على المهارات، ويمنع منعا باتا من تغيير ذلك".
وأشارت بي بي سي إلى وجود أدلة جديدة تقوض ادعاء حكومة بكين بأن معسكرات الاعتقال، التي بنيت في شينجيانغ خلال السنوات الثلاث الماضية، هي لأغراض إعادة توعية طوعية لمواجهة التطرف.
وتتضمن التسريبات محاضر اجتماعات استخبارية تكشف كيفية استخدام الشرطة جمع البيانات والذكاء الاصطناعي لتحديد الأشخاص الذين تعتبر أنه يجب احتجازهم في هذه المراكز.
وتحدّد التوجيهات التي تشير إلى المحتجزين على أنهم "طلاب يجب أن يتخرجوا في المراكز"، كيفية إدارة تفاصيل الحياة اليومية لهؤلاء، بما في ذلك "قص الشعر والحلاقة" ومنعهم من حيازة هواتف خلوية.
وورد في التسريبات أن "الطلاب (الإيغور) لا يحق لهم الاتصال بالعالم الخارجي إلا خلال أنشطة مقررة".
وتضيف أنه إذا اقتضت الضرورة على الطلاب "الذين يحتاجون بالفعل للخروج من مركز التدريب بسبب المرض أو ظروف خاصة أخرى أن يرافقهم خصيصاً شخص يراقبهم ويسيطر عليهم".
مراقبة صارمة
وبحسب التسريبات أيضاً فإن المحتجزين يتم تقييمهم بناء على نظام نقاط لقياس "تحولّهم العقائدي ودراستهم وتدريبهم وامتثالهم للانضباط".
وتدعو التوجيهات القادمة من السلطات إلى "التحكم بشكل صارم بالأقفال والمفاتيح، وأن أبواب المهاجع والأروقة والطوابق يجب أن تقفل بشكل مزدوج وفوراً بعد فتحها وإغلاقها".
وتتضمن التسريبات توجيهات حكومية جاء فيها أنه "يجب أن تكون هناك مراقبة كاملة عبر الفيديو تغطي المهاجع وقاعات الدراسة من دون أي استثناء، لضمان مراقبة الحراس المناوبين لحظة بلحظة وتسجيل كل الأمور بالتفاصيل والإفادة فوراً عن أمور مشبوهة".
وبحسب التسريبات أيضاً فيجب أن يقضي الطلاب في الاحتجاز عاماً واحداً على الأقل، لكن ذلك لا يتم التقيّد به دائماً، وفق ما أفاد محتجزون سابقون لاتحاد الصحافيين الاستقصائيين.
ونقلت صحيفة The Guardian – العضو في الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين – عن السفارة الصينية في لندن قولها إن "ما تسمى الوثائق المسربة هي أنباء ملفقة تماماً وكاذبة"، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
وجاء في بيان السفارة أنه "لا وجود لتلك الوثائق أو الأوامر لما يسمى مراكز احتجاز. مراكز التعليم والتدريب المهني أنشئت لمكافحة الإرهاب"، وفق قولها.
وتأتي هذه التسريبات الجديدة بعد أسبوع من نشر صحيفة The New York Times الأمريكية معلومات تستند إلى أكثر من 400 صفحة من الوثائق الداخلية الصينية، تفيد بأن الرئيس شي جين بينغ أمر المسؤولين بالتحرّك "بلا أي رحمة" ضد النزعات الانفصالية والتطرف.
ويعود توجيه الرئيس الصيني إلى خطاب ألقاه عام 2014 بعدما قتل مسلحون من الأويغور 31 شخصاً في محطة قطارات في جنوب غرب الصين.