قبل الساعة الخامسة مساءً من يوم 20 مايو/أيار 2019، دخل رجل مسلح إلى بنك في مدينة ميدلوثيان بولاية فرجينيا، وأجبر عاملاً على فتح واحدة من الخزائن وهرب بمبلغ 195 ألف دولار.
وأظهرت كاميرات المراقبة الرجل واضعاً هاتفاً جوالاً على أذنه قبل السرقة، وهي التفصيلة التي قادت الشرطة إلى محاولة استخدام تقنية مراقبة تزداد ذيوعاً بين أجهزة إنفاذ القانون الأمريكية، وفقاً لما ذكرته قناة CNBC الأمريكية، الأربعاء 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
وعندما عجزت السلطات عن تحديد المشتبه به بعد بضعة أسابيع من عملية السطو، استخرج واحد من الضباط مذكرة للحصول على بيانات مواقع جوجل، المتعلقة بجميع الهواتف الجوالة التي كانت موجودة في منطقة بنك Call Federal Credit Union خلال عملية السرقة.
وانطلاقاً من 19 حساباً، تمكن المحققون من تضييق بحثهم وصولاً إلى أوكيلو شاتري، الشاب البالغ 24 عاماً من مدينة ريتشموند، الذي اتُّهم في نهاية المطاف بارتكاب جريمة السطو المسلح.
وتسمى المطالبة ببيانات جوجل مذكرة "السياج الجغرافي"، وهي طريقة أجهزة إنفاذ القانون للاستفادة من مجموعة بيانات العملاء الضخمة التي تملكها الشركة.
مخاوف من انتهاك الخصوصية
ويسمح الأمر للشرطة بتتبع أي شخص تقريباً يستخدم جهازاً بنظام تشغيل أندرويد، أو تطبيقاً من تطبيقات الشركة، مثل خرائط جوجل أو Gmail، في مكان معين وخلال فترة معينة من الزمن.
ومع تزايد استخدام الشرطة لهذه المذكرات، تزداد مخاوف المدافعين عن الخصوصية، الذين يقولون إن الحكومة تجمع معلومات من المواطنين بطريقة تنتهك التعديل الرابع الذي يحميهم من عمليات البحث غير المبررة.
وهو بالضبط ما يستخدمه محامو شاتري في الدفاع، فيما قد تكون أول قضية يحارب فيها المدعى عليه استخدام مذكرة "السياج الجغرافي" لمحاكمته على ارتكاب جريمة.
وقال محامو شاتري خلال تقديم المستندات للمحكمة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي: "إنها المكافئ الرقمي لتفتيش كل منزل في الحي الذي أُبلغ فيه عن السطو، أو تفتيش حقائب كل شخص يمشي في شارع برودواي، على خلفية جريمة سرقة وقعت في ميدان تايمز".
وأضافوا أنه "من دون اسم مشتبه به واحد أو رقم هاتفه، ومن دون البرهنة على أن جوجل تملك بيانات مرتبطة بالجريمة حتى، انتهك عناصر إنفاذ القانون خصوصية عشرات أو مئات أو آلاف الأفراد، بسبب أنهم كانوا فقط في المنطقة".
دفاع عن طريقة تتبع السارق
لكن المدعين قالوا إن التفتيش كان قانونياً لأن شارتي اشترك في خدمات جوجل، سامحاً لهاتف الأندرويد وتطبيقات الشركة بتتبع حركته، مضيفين أن الشرطة تجنبت جمع البيانات الشخصية من الأشخاص غير المرتبطين بالسرقة.
وكتب المدعون رداً قُدم للمحكمة، يوم الثلاثاء 19 نوفمبر/تشرين الثاني، يقول: "سمحت المذكرة لهم بحل القضية وحماية العامة من خلال تفحص مجموعة محدودة ومركزة بشكل لافت من سجلات جوجل".
أما شاتري فتمسك بأقواله بأنه غير مذنب، وينتظر حالياً المحاكمة، بحسب ما ذكرته قناة CNBC الأمريكية.
ووفقاً لمحامي الدفاع والمدافعين عن الخصوصية، يبدو أن استخدام مذكرات "السياج الجغرافي" في تزايد، ومع أنه لا توجد طريقة سهلة لتتبع مثل هذه الحالات، لكنها وُثقت في قضايا في ولايات: شمال كارولينا، ومينيسوتا، وفرجينيا، وأريزونا، وغيرها. ويعرض الآن بعض المتعاقدين مساعدة الشرطة الراغبة في استخدام المذكرة.
ولم تعلق شركة جوجل على الفور، لكن تُظهر تقارير الشفافية التي تصدرها أن عدد مذكرات البحث المرسلة إلى الشركة زادت أكثر من الضعف خلال العامين الماضيين، مرتفعة إلى 19,046 مذكرة في الفترة بين يوليو/تموز 2018، ويونيو/حزيران 2019.