هل تساءلت يوماً عن أسباب نسيانك كثيراً من اللحظات التي عشتها مؤخراً؟ أو ربما عن نسيان تفاصيل مهمّة في حوار دار مع أحد أفراد عائلتك، أو شيء نويت شراءه ثم نسيت كلياً؟ الذاكرة البشرية تتأثر بالهواتف الذكية أكثر مما نتوقع.
إذ توصّلت صحيفة France Soir الفرنسية إلى أن المبالغة في استخدام الهواتف الجوالة لتوثيق اللحظات التي يعيشها الإنسان، يؤثر سلباً في قدرته على تذكُّر التجارب وفي ذاكرته الطبيعية في الاحتفاظ بالمواقف التي يمر بها.
الذاكرة البشرية تتأثر بالهواتف
وخلال الدراسة أكد علماء وباحثون أن الاعتماد المتواصل على كاميرات الهواتف لتخزين هذه المواقف والوضعيات يصرف اهتمامنا ويمنعنا من الاحتفاظ بها في أذهاننا وذاكرتنا.
وقالت الباحثة في علم النفس إيما تمبليتون للصحيفة، إن استخدام الهواتف الجوالة لتوثيق الصور والمواقف يُلهي الذاكرة عن وظيفتها الحقيقية في الاحتفاظ الطبيعي والتلقائي بما يعيشه الإنسان.
كما أشارت الباحثة إلى أن وسائل التواصل الجديدة من رسائل نصية قصيرة وتغريدات على تويتر وتدوينات على فيسبوك، تسبب فقدان الذاكرة.
التي تُنسينا التفاصيل..
وأضافت الصحيفة نقلاً عن نتائج دراسة أُنجزت بشأن الموضوع، أن الأشخاص الذين يحضرون مؤتمرات ويدوّنون ما وقع تداوله خلالها من معطيات ومعلومات باستخدام وسائل رقمية (هواتف لوحات أجهزة إلكترونية)، قد ينسون عديداً من هذه المعطيات مقارنة بنظرائهم الذين اعتمدوا على ذاكرتهم الشخصية.
وفي الختام، تنصح الدراسة بتقليل استخدام الهواتف الذكية، والعمل على معايشة مختلف الوضعيات والمواقف حتى ترتسم بالذاكرة وتظل حية فيها.
ما الذكريات؟
إن الذكريات تشكل جزءاً من تجربتنا المستمرة في الحياة، مثل طعم البسكويت الذي تصنعه الجدة، أو رائحة نسيم المحيط.
وهذه الذكريات هي ما يوفر لنا الشعور بذاتنا، وتجعلنا نشعر بالراحة في حضور الأشخاص الذين نكون متآلفين معهم، وهي أيضاً ما يصل الماضي مع الحاضر، ويوفر إطاراً للمستقبل.
وبمعنى آخر، فإن مجموعة الذكريات التي نمتلكها هي ما يجعلنا ما نحن عليه.
أشكال الذاكرة البشرية
تتنوع الذاكرة البشرية حسب طريقة حفظ المعلومات، ومدة حفظها:
- الذاكرة قصيرة الأمد: تساعد الذاكرة قصيرة الأمد الأشخاص على تذكُّر قليل من المعلومات فترة قصيرة. ومن أقصر أنواعها الذاكرة العاملة، التي تخزن المعلومات مدة لا تتجاوز عدة ثوانٍ، وهي تساعد الإنسان على تذكُّر المعلومات مدة قصيرة، كأن تحتفظ بأحد الأرقام حتى يدونها الشخص أو يسجلها.
- الذاكرة طويلة الأمد: تُقسم الذاكرة طويلة الأمد إلى قسمين: الذاكرة الواضحة، والذاكرة الضمنية، وتساعد الذاكرة طويلة الأمد على الاحتفاظ بالمهارات الحركية التي يتعلمها الإنسان، مثل تعلُّم الطباعة على لوحة المفاتيح، أو تعلم ركوب الدراجة.
وفي ظل استخدامنا الدائم للهواتف.. كيف يمكن تقوية الذاكرة؟
تشبه الذاكرة عضلات جسم الإنسان، فهي تحتاج تمارين لتقويتها، ومن أهمها:
- القراءة والمطالعة: القراءة من أفضل التمارين المتَّبعة لتقوية الذاكرة، كما أنها تسهم في زيادة نسبة الذكاء التحليلي للعقل البشري، ويمكن أن يقرأ الفرد كتاباً من اختياره. وعند الانتهاء من جلسة القراءة يغلق الكتاب دون وضع علامة على الورقة التي وصل إليها، ثم محاولة تذكُّر الصفحة التي تمّ الوصول إليها عند قراءة الكتاب.
- قراءة جملة معينة من أحد الكتب صباحاً، ثم محاولة تذكُّر هذه الجملة ورقم الصفحة التي وردت فيها الجملة مساءً، على أن تكون المدة التي يحاول تذكُّر الجملة فيها عشر دقائق، فإذا لم يتذكر الجملة يؤجل التمرين ويُعاد في اليوم التالي.
- إنشاء ملف على جهاز الحاسوب الشخصي، ثم حفظ كلمة أو ملاحظة داخل الملف، وفي المساء يحاول الشخص تذكُّر الكلمة أو الملاحظة التي تم تدوينها في الملف، مدة لا تتجاوز 10 دقائق. ويُكرر هذا التمرين أسبوعاً كاملاً، وفي نهاية الأسبوع سيصل عدد الكلمات أو الملاحظات إلى سبع كلمات، ويحاول الشخص تذكُّر هذه الكلمات مدة 30 دقيقة.
- محاولة تذكُّر اسم صديقٍ من الأصدقاء القدماء الذين قد يكون من الصعب تذكرهم.
- المداومة على الحفظ اليومي، حتى لو كانت جملة بسيطة، أو مقولة صغيرة، فهي تساعد الدماغ على زيادة قدرته على الحفظ والتذكر.
- الابتعاد عن استخدام وسائل التذكير الخارجية مثل المنبه، ومحاولة الاعتماد على ذاكرة الشخص نفسه.
- محاولة تذكُّر الأفكار الرئيسية، أو الشخصيات، أو الأماكن التي وردت في أحد الكتب التي تم الانتهاء من قراءتها حديثاً، والاستمرار في هذا التمرين مدة تتراوح بين 5 و10 دقائق.
- استخدام ألعاب الذاكرة، والتركيز لزيادة قوة الذاكرة، مثل الألغاز والشطرنج، وسودوكو وغيرها من ألعاب الذكاء المختلفة.
- محاولة تذكُّر عناوين البريد الإلكتروني، أو أرقام الهواتف، أو أسماء الأشخاص دون تدوينها إلا عند العودة إلى المنزل مساءً.
- مراجعة المعلومات الجديدة التي تعلّمها، والرجوع إليها ومحاولة تذكُّرها بين الحين والآخر.
- تدوين الملاحظات على دفتر خاص، فالكتابة من شأنها أن تعزز قوة الذاكرة.
- التحدث مع النفْس بصوت مرتفع عن الأمور التي يجب أن يفعلها الشخص ويريد تذكُّرها، مثل سبب ذهابه إلى البقالة، وسبب دخوله إلى مكان معين، أو المكان الذي وضع فيه مفتاح سيارته وغيرها من أمور الحياة المختلفة.
- وضع إشاراتٍ للتذكير بالأمور التي يريد الشخص إنجازها، ويمكن وضعها في المنزل، أو السيارة، أو المكتب.
- الاحتفاظ بالاحتياجات الرئيسية للفرد في أماكن معروفة أو من السهل تذكُّرها، ومن الممكن أيضاً تدوين أماكنها في دفتر الملاحظات السابق ذكره.
- الابتعاد عن المُلهيات قدر المستطاع، كإطفاء التلفاز عند التحدث مع أحد الأصدقاء.
- الاهتمام بصحة الجسد يؤثر في العقل والذاكرة، ولذلك يُنصح بالابتعاد عن كلّ ما يرهق العقل، مثل السهر فترة طويلة، أو سوء التغذية، أو حتى بعض الأدوية التي قد تؤثر في الذاكرة.
- المداومة على ممارسة ألعاب العقل، التي من شأنها زيادة قدرة الذاكرة.
- معرفة الأسلوب الذي يناسب الشخص في التعلم والحفظ والفهم، لتسهيل عملية التذكر وزيادة قوة الذاكرة.
- استخدام حيلٍ لاستذكار المعلومات، مثل الجمل المقفّاة، أو الاختصارات.
- التمهّل والتروّي، فتقدُّم الأشخاص في السن قد يقلّل من قوة الذاكرة والقدرة على الحفظ والتركيز لديهم، ولذلك يُنصح هؤلاء الأشخاص بأن يطلبوا من أقربائهم، أو أصدقائهم، أو أطبائهم التحدث إليهم ببطء، وذلك لتسهيل عملية التركيز لديهم والتي تؤثر في قوة الذاكرة لديهم.