طبقاً لآخر المستجدات في رصد الكون الفسيح يمكننا أن نقول لك الآن: سافر إلى أبعد ما تستطيع في هذا الكون، وقد تجد نفسك عند نقطة البداية من جديد!.
أظهرت قياسات من مرصد بلانك الفضائي أن الكون قد يكون كروياً وليس مسطحاً، الأمر الذي قد يغير كل شيء نعرفه تقريباً عن الكون، بحسب ما نشر موقع Newscientist.
غير المتوقع في رصد الكون
نجح مرصد بلانك الفضائي، الذي عمل من 2009 إلى 2013، في تخطيط خلفية الموجات الكونية الصغرى، وهي بحر من موجات الضوء خلّفه الانفجار الكبير؛ الذي نشأت منه بداية الكون بحسب نظرية "الانفجار الكبير".
وأظهرت مجموعة من الملاحظات أن هناك ظهوراً أكبر للجاذبية، وتمدد الضوء بسبب تشكيل ما يعرف بالزمكان، الذي قد يتشوه بسبب "العناصر الثقيلة"، عمّا هو متوقع. وعندما أجرى أليساندرو ميلتشيوري، وزملاؤه في جامعة لا سابينزا، الحسابات اللازمة لتفسير ذلك، قالوا إن ذلك قد يكون بسبب اختلاف شكل الكون عمّا نعتقد.
جميع البيانات الكونية الأخرى تشير إلى أن الكون مسطح، مما يعني عدم وجود أي تقوّسات، مثل لوح الورق تماماً. ولكن قياسات مرصد بلاتك تشير إلى أنه قد يكون "مغلقاً"، أو كروياً، مما يعني أنك إذا سافرت بعيداً بما يكفي في اتجاه واحد، قد تعود مجدداً إلى نقطة البداية. هذا لأن عدسات الجاذبية الإضافية تعني وجود مادة مظلمة إضافية، مما يسحب الكون إلى شكل كروي محدود بدلاً من شكل اللوح المسطح
ووفقاً لتلك الملاحظات، فإن احتمالات أن يكون الكون مغلقاً أكبر من احتمالات كونه مسطحاً بنسبة 41:1. ويقول ميلتشيوري: "إنها أدق بيانات كونية حصلنا عليها وتمنحنا منظوراً مختلفاً تماماً".
تناقضات كونية
إذا كان الكون مغلقاً بالفعل، قد تكون هذه مشكلة كبرى بالنسبة إلى فكرتنا عن الكون. هناك لغز كوني آخر يشير إلى أن الكون يبدو أنه يتمدد بوتيرة أسرع مما اعتقدنا. من الصعب تفسير ذلك باستخدام النموذج القياسي المعروف لدينا عن الكون، الذي يتضمن كوناً مسطحاً، ويصبح الأمر أصعب بمراحل إذا كان الكون كروياً، إلى جانب عدد من التناقضات الكونية الأخرى التي لم نفسرها حتى الآن. يبدو أن الأمر سيئ فعلاً إلى درجة أنهم أطلقوا عليه "أزمة كونية".
يقول ميلتشيوري: "في الكون المغلق، تصبح هذه الظواهر الشاذة أكثر خطورة مما نعتقد. إذا لم يكن هناك شيء متفق عليه، علينا التفكير جدياً في نموذجنا عن الكون ونشأته".
التفسير المعتاد لنشأة الكون يتضمن فترة بعد الانفجار الكبير تسمى التضخم، يتمدد فيها الكون بشكل سريع. النماذج المتوفرة لدينا حالياً لمرحلة التضخم تؤدي إلى كون مسطح، لذا إذا كان الكون مغلقاً بالفعل، سوف تتغير تلك النماذج والنظريات.
يقول ميلتشيوري: "نحتاج إلى نموذج جديد، ولا نعرف ماهيته حتى الآن". لم يتوصل أحد إلى طريقة للتوفيق بين ملاحظات مرصد بلانك والعديد من القياسات الكونية التي تختلف معها، من بينها أيضاً بعض الملاحظات الأخرى من نفس المرصد.
في انتظار تأكيد النتائج
في الحقيقة، كل القياسات الكونية الأخرى تشير إلى أن الكون مسطح. لا توجد ملاحظات أخرى تشير إلى أن الكون قد يكون مغلقاً فعلياً، لذا هناك فرصة في أن يكون هناك خطأ إحصائي في قياسات مرصد بلانك.
يقول ديفيد سبيرجل من جامعة برينستون: "إذا كان ذلك صحيحاً، ستكون له آثار عميقة على فهمنا للكون. إنها مزاعم مهمة جداً، ولكنني غير واثق من دعم البيانات لذلك النموذج. في الحقيقة، أود القول إن الدلائل تشير إلى عكس ذلك الادعاء".
ويقول سبيرجل إننا مع ظهور المزيد من البيانات خلال السنوات القليلة القادمة، سوف ندرك إن كان يجب أن نأخذ هذه الملاحظات الشاذة على محمل الجد أم إنها مجرد خطأ إحصائي. سوف يكون مرصد سيمونز، الذي يُبنى حالياً في تشيلي، قادراً على قياس عدسات الجاذبية بشكل أدق كثيراً من مرصد بلانك، ويخبرنا إن كان هناك أزمة كونية حقيقية أم لا.