السجين البريء.. قصة رجل قضى 15 عاماً خلف القضبان بسبب جريمة لم يرتكبها

عربي بوست
تم النشر: 2019/11/06 الساعة 16:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/07 الساعة 07:38 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية لسجن قديم/ istock

كان ريتشارد مايلز في سن المراهقة حين أُلقي القبض عليه واتهم بالقتل. وفي العشرين من عمره، حُكم عليه بالسجن لمدة 60 عاماً، ولكنه كان بريئاً، ورغم ذلك تقبل الرجل الأمر بصدر رحب وبدأ في مساعدة الناس المحتاجين من خلال منظمة خيرية تابعة له، بحسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية.

يقول مايلز: "أقول لنفسي في كثير من الأحيان " 15 مايو/أيار عام 1994 هو التاريخ الذي مات فيه ريتشارد راي مايلز جونيور" أصبحت رقماً (728716)".

وقضى مايلز 15 عاماً في سجن تكساس، وكان عمره 34 عاماً حين أُطلق سراحه عام 2009.

وقال: "كنت محطَّماً، كنت في الرابعة والثلاثين سناً، ولكني كنت في التاسعة عشرة من منظور المجتمع. لم أعرف كيف أتعامل مع العالم، وكنت مرعوباً، لم أكن أعرف شيئاً عن الضرائب والعمل، كان العالم مختلفاً كلياً".

وجاهد مايلز لمدة عامين ليقف على قدميه مجدداً. وفي النهاية وجد عملاً ومنزلاً، وهو اليوم متزوج ولديه طفل.

النور من ظلام المحنة

كانت الصراعات التي خاضها ورؤيته لأفراد آخرين كانوا سجناء سابقين في الموقف نفسه الدافع لبدء ما أصبح الآن Miles of Freedom، وهي منظمة غير ربحية في دالاس تهدف إلى مساعدة الناس على بدء حياة جديدة، والابتعاد عن السجن.

وقال مايلز، الذي أصبح الآن يبلغ من العمر 44 عاماً: "رأيت بنفسي علامات اليأس على هؤلاء الأشخاص العائدين إلى ديارهم بعد خروجهم من السجن. نعم، لقد ارتكبوا جريمة، لكن الكثير منهم أرادوا أن يفعلوا ما هو أفضل، ولم يكونوا في مكان يسمح لهم بذلك فحسب". 

ويُذكر أن معدل الحبس في الولايات المتحدة هو الأعلى في العالم، إذ دخل أكثر من مليوني شخص بالغ في الولايات المتحدة السجن لارتكابهم جرائم بسيطة أو خطيرة بحلول نهاية عام 2016، وفقاً للإحصاءات الفيدرالية الأخيرة.

وفي كثير من الأحيان، قد يؤدي توقيف شخص لمرة واحدة فقط إلى وقوعه في قبضة نظام العدالة الجنائية. وأظهرت إحدى الدراسات أن ما يقرب من 25 ألفاً من المجرمين أعيد اعتقالهم بسبب ارتكابهم جريمة جديدة، أو خرقهم لإطلاق السراح المشروط.

الحصول على البراءة

بُرِّئ مايلز بالكامل، في فبراير/شباط عام 2012، واستخدم جزءاً من الأموال التي تلقاها من الولاية لتوفير خدمات للأشخاص والأسر المتضررين من الحبس، تساعدهم على العودة إلى الاندماج في المجتمع.

تساعد المؤسسة غير الربحية، التي تعمل في ساوث دالاس، الأفرادَ العائدين إلى ديارهم بعد خروجهم من السجن عبر مساعدتهم في الحصول على بطاقة هوية، والتسجيل في إحدى الكليات والحصول على سكن آمن. وتوفر المنظمة أيضاً التدريب على الكمبيوتر والحياة المهنية وبرامج محو الأمية المالية والتوظيف.

وتوفر خدمة  Lawn Care في منظمة Miles of Freedom وظائف مؤقتة للرجال والنساء في البرنامج. وتقدم منظمة مايلز أيضاً خدمة نقل لأفراد أسر المسجونين لرؤية ذويهم.

وقال مايلز: "ثمة الكثير من الناس يساهمون في هذا الأمر، وأنا أدعو دائماً أن أكون متواضعاً، ونادراً ما أرغب في أن أكون في الصورة بنفسي… وأنا في عمر 19 عاماً كان كل ما أملكه 60 عاماً والفراش. وقد أعطاني الله الكثير وأنا في سن الـ44".

قصته في السجن

تحدثت ألي تورغان من شبكة CNN مع مايلز عن عمله. وإليكم نسخةً معدلة من حوارهما.

CNN: ما الذي ساعدك على تحمل تلك السنوات التي أُدنت بها وحُبست ظلماً؟

ريتشارد مايلز: أول شيء إيماني، لأنه حين قال القاضي إنني مذنب خذلني كل شيء في ذلك الوقت. شعرت أن النظام خذلني رغم أنه يفترض به أن يحميني، ويفترض به أن ينصفني. كنت أذهب إلى الكنيسة يومياً، وحين ذهبت إلى السجن كنت بحاجة شيء ما بالتأكيد، لذا استغرقت وقتاً مضاعفاً في محاولة للخروج به من مجرد فكرة في عقلي إلى شيء ملموس.

وكان والداي عاملاً رائعاً، لأنهما جاءا لزيارتي. وكانت أمي تقول لي دوماً: "عندما تنظر من النافذة لا تنظر إلى القضبان، بل انظر إلى السماء". الأمر كله يتعلق بطريقة تفكيرك، قد تكون في وضع لا يمكن تغييره، لكن هل يمكن أن تتغير في هذا الوضع؟ لذا، حين ذهبا ولم يتغير وضعي كان بإمكاني تغيير طريقة تفكيري في مكان الحبس.

 أقول للناس في كثير من الأحيان إن ثمة سلاماً في أن تكون بريئاً. كنت قادراً على إيجاد هذا السلام، لم أكن سجيناً، كنت رجلاً بريئاً في السجن، ولم أستطع ترك هذه الفكرة تغيب عن عقلي.

CNN: لماذا يتركز عملك في ساوث دالاس؟

مايلز: هدفنا هو تقديم خدمات شاملة للمناطق المتأثرة بالسجن. ساوث دالاس هي واحدة من المناطق المرغوبة لدى معظم الناس العائدين إلى ديارهم بعد خروجهم من السجن، لدينا عدد غير قليل من الناس الذين ينتقلون إلى دالاس عن طريق المنازل المؤقتة.

بعض التحديات التي سيواجهها الناس هي أنه لا يوجد الكثير من الوظائف أو فرص العمل، ولكن من خلال خدماتنا في إدارة هذه الحالات نساعد الأفراد العائدين إلى ديارهم بعد خروجهم من السجن، أو الذين خرجوا لبعض الوقت، نساعدهم بكل شيء قد يحتاجونه ليصبحوا ناجحين.

CNN: ماذا تقدمون إلى جانب برامج الدعم والتدريب المهني؟

مايلز: نتعمق في محو الجهل بالأمور المالية، وهو ما يدرّسه بنك فروست. ولدينا أيضاً منهج يتكون من تسعة دروس، يتناول المهارات الشخصية والتنوع والتغيير في مكان العمل والتحرش الجنسي، وكل هذه الأشياء تجعل المشتركين معنا جاهزين للعمل، وهو أمر أساسي للغاية، لأنهم قادمون من مؤسسة لم تقدم هذه المجموعة من المهارات لضمان الحصول على العمل.

لدينا أيضا برنامج للشباب، ولدينا مدارس ثانوية على الجانب الآخر من الشارع، حيث ندخل ونتحدث عن الذهاب إلى السجن والتحديات واتخاذ الخيارات الصحيحة. ونستضيف فعاليات مجتمعية مختلفة، وفعاليات حول العودة إلى المدرسة، حيث يمكننا التحدث مع الأطفال وأفراد الأسرة حول السجن، والابتعاد عن السجن والحاجة إلى التعليم.

CNN: وتعود أيضاً إلى السجون لتقديم الدعم.

مايلز: العودة إلى السجن بالنسبة لي هي على الأرجح أحد أفضل الأشياء التي أفعلها الآن، لأنني أشعر أن الناس في السجن هم من بحاجة حقيقية إلى معرفة أن كل شيء ممكن. العودة إلى المنزل ممكنة، النجاح ممكن. لذلك حين يمكنني العودة إلى السجن ويسمعون أنني موجود هناك فهذا أحد الأشياء التي تدعمهم.

هذا يغير من تفكيرهم تماماً، ويدفعهم إلى النظر إلى أنفسهم في المرآة، وأن يقولوا لأنفسهم: "إذا مر هذا الرجل المهذب بكل هذا وكان بريئاً، فأنا أعلم أنه يمكنني على الأقل محاولة إعداد نفسي لتحقيق النجاح". يريحني الدخول، لأنني أستطيع الخروج مجدداً وتقديم الدعم. ويشعر الرجال بالارتياح، لأنهم يرون شخصاً كان معهم في الداخل ويعود إليهم.

علامات:
تحميل المزيد