قال رجل الأعمال والفنان المصري محمد علي إن الحكومة المصرية شيدت أنفاقاً سرية تحت قناة السويس، لنقل المياه إلى وجهات من شبه المؤكد أنها خارج مصر، رغم نقص المياه الحاد في البلاد.
وقال علي في تصريحات لموقع Middle East Eye البريطاني، الجمعة 18 أكتوبر/تشرين الأول 2019، إن "المهندسين الذين شاركوا في بناء هذه الأنفاق أخبروني عنها، وقالوا إنها تكلفت مليارات الدولارات".
نقص الموارد المائية
وأضاف علي الذي عمل لسنوات مع الجيش والحكومة في مشاريع المقاولات، أن معارفه في قطاع البناء أخبروه بأنه "لا توجد مشاريع بنى تحتية حول هذه الأنفاق، ما يثير تساؤلات حول الوجهة المقصودة للمياه".
وتساءل: "إذا كانت هذه المياه متجهة إلى سيناء، فلمَ لم يشرعوا في إنشاء محطات لمعالجة المياه؟". وأضاف: "هذا يعني أن المياه لن تذهب إلى سيناء، بل إلى مكان آخر".
ولفت الموقع البريطاني إلى أن النمو السكاني وسوء إدارة الموارد ونقص الاستثمار في البنية التحتية للمياه، جعلت مصر واحدة من أكثر دول العالم التي تعاني "ضغوطاً في مواردها المائية"، وفقاً للأمم المتحدة، وتتوقع الأخيرة أن تنضب موارد مصر المائية بحلول عام 2025.
ويعيش محمد علي حالياً في مكان سري بإسبانيا حيث يخشى من ملاحقة السلطات المصرية له، وقد أصبح أحد أبرز منتقدي الرئيس عبدالفتاح السيسي، عندما بدأ في أوائل سبتمبر/أيلول 2019، بنشر مجموعة من مقاطع فيديو كشف فيها عن فساد في الجيش، وإهدار للمال العام تنفيذاً لمشاريع بطلب من السيسي، من بينها بناء قصور رئاسية له ولعائلته.
وأثارت هذه المقاطع موجة غضب هائلة ضد السيسي وفي أواخر سبتمبر/أيلول، تسببت في اندلاع احتجاجات كبيرة ضد حكمه.
وقال علي إن السيسي يبدد الأموال التي كان يمكن استخدامها لتخفيف الأزمة. وقال: "لقد اعترف بأننا نعاني نقصاً في مياه النيل، ثمة علامة استفهام كبيرة. أطلب من السيسي أن يجيبني ويجيب الشعب المصري: إلى أين ستذهب هذه المياه؟".
تقاسم مياه النيل
ويعود السبب وراء مخاوف مصر المائية إلى سد النهضة الإثيوبي، وهو بناء ضخم تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار ويجري بناؤه على نهر النيل في إثيوبيا.
ومع أن السد يقع على بعد 2500 كم جنوب القاهرة، فإن من الممكن أن يكون له تأثير مدمر على إمدادات المياه في مصر. إذ يعتمد حوالي 90% من سكان مصر البالغ عددهم 100 مليون نسمة على مياه النيل.
وحالما ينتهي بناء السد على النيل الأزرق، أحد شرياني النيل الرئيسيين، ستصبح إثيوبيا هي المسيطرة الحقيقية على مياه النهر.
وكان السيسي قد قال عام 2016: "لا أحد يمكنه المساس بحصة مصر من مياه النيل. إنها مسألة حياة أو موت.. وهذه بلدنا ويجب تأمين المياه لمواطنينا، من أسوان إلى الإسكندرية".
ولكن رغم حديثه الصارم، تعرض السيسي لانتقادات مؤخراً لفشله في حل المشكلة مع الحكومة الإثيوبية.
أزمة سد النهضة
وتسعى مصر باستمرار للحصول على تأكيدات من إثيوبيا بأن سد النهضة لن يقلل من حصة البلاد في المياه، وكانت المحادثات حول هذا الموضوع قد توقفت لكنها ستستأنف يوم الاثنين المقبل 21 أكتوبر/تشرين الأول.
وقال علي تعليقاً على ذلك: "ما يحدث الآن في مصر كارثة، خاصة سد النهضة واحتمالية حرمان مصر من مياه النيل".
وأحرزت مصر وإثيوبيا والسودان في السابق بعض التقدم في حل مسألة مياه النيل، إذ توصلت هذه الدول إلى اتفاق إطاري عام 2015 لم ينشر محتواه بالكامل.
إلا أن السيسي ألقى باللوم على ثورة عام 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في إضعاف موقف مصر في المفاوضات.
إذ قال يوم الأحد الماضي في مؤتمر بحضور عسكريين: "لو لم تقم ثورة 2011، لكان هناك اتفاق قوي وسهل حول بناء هذا السد. ولكن حين كشفت البلاد عن ظهرها وعرت كتفها، أصبح من الممكن حدوث أي شيء"، بحسب تعبيره.
غير أن علي رفض حديث السيسي رفضاً قاطعاً، وألقى باللوم في هذه الأزمة وتوقف المفاوضات على الرئيس، وقال: "بأي منطق تقول إن مصر في عام 2011 أصبحت عارية ومكشوفة؟ أنت الشخص الذي وقع الاتفاق مع إثيوبيا".
وانتقد علي أيضاً دعوة السيسي للوساطة الدولية للمساعدة في المفاوضات مع إثيوبيا، بعد أن قال إن المحادثات التي انتهت في وقت سابق من هذا الشهر قد وصلت مرة أخرى إلى طريق مسدود.
وقال: "أليس أنت من لجأ إلى طرف ثالث لحل النزاع؟ من المسؤول إذن؟ الثورة؟!".
وفي ضوء الإنفاق المصري الواضح على أنفاق سرية لنقل المياه، والاتفاقية التي دفعت الحكومة بالفعل إلى تقييد زراعة الأرز وقصب السكر، طالب علي الرئيس بإعلان التفاصيل.
وتساءل: "مصر في طريقها إلى أزمة المياه. وقد مَنع بالفعل زراعة الأرز، لماذا؟ لماذا منع زراعة قصب السكر؟".