تخلّف تجارة المخدرات غير القانونية وراءها ضحايا كُثراً، ليس البشر وحدهم وإنما البيئة أيضاً تدفع الثمن، فما أضرار الكوكايين على البيئة؟
وحسب موقع Mic الأمريكي، تشير دراسة حديثة نشرتها مؤسستا Neotropic Foundation و Prisma Foundation في السلفادور، إلى أن تجارة الكوكايين تسهم في التغيّر المناخي، وتتسبب في خسارة سنوية تزيد على 200 مليون دولار أمريكي، وتُشجع على اجتثاث مزيد من أشجار الغابات، بالإضافة إلى أنها سببٌ في تهجير الناس من بيوتهم؛ إذ تجعل الكثير من المناطق غير صالحة للسكن.
وتعد عملية النقل الفعلية لتلك المخدرات أحد الطرق الأساسية التي تضر البيئة، إذ يتحتم نقل المخدر عبر أمريكا الوسطى.
ولتجنب تطبيق القانون، يسلك المهربون عادةً في سفرهم طرقاً غير معروفة بعض هذه الطرق تمر مباشرةً عبر الغابات الوطنية.
ولغسيل الأموال التي يجنيها المهربون بدأوا في استثمار الأموال في الزراعة وتربية المواشي- وهما صناعتان تسمحان لهم بالتحكم في أراضي الغابات لإفساح الطريق للمحاصيل والمواشي. وبدلاً من تجريف الأشجار وحرق الغابات لهذه الأسباب، بدأ المهربون في تشييد الطرق ومهابط الطائرات لمساعدتهم على نقل المخدرات.
الدراسات التي نُشرت تؤكد مفهوم العلاقة بين اجتثاث الغابات والمخدرات، أو ما يسمى Narco-Deforestation، الذي شغل أذهان أنصار المحافظة على البيئة لسنواتٍ عدة.
لا سيما أن ما يقرب من 30% من الغابات المزالة سنوياً في دول أمريكا الوسطى في نيكاراغوا وهندوراس وغواتيمالا، كانت مرتبطة بتهريب المخدرات.
وتحدث 30% إلى 60% من هذه الخسارة السنوية لمناطق الغابات في مناطق محمية، ما يهدد التنوع البيولوجي في هذه الغابات ويحد من قدرتها على دعم النباتات والحيوانات وحتى السكان الأصليين في المنطقة.
يمكن لهذه الجهود المبذولة في اجتثاث الغابات على يد تجار المخدرات أن تحمل آثاراً مدمرة على أمريكا الوسطى، وعلى المناخ بشكل عام. إذ تمثل الغابات في أمريكا الوسطى تقريباً من 7% إلى 10% من التنوع البيولوجي في العالم، بحسب مجلة Science، ما يعني أن تلك المنطقة هي موطن أكثر من 10% من الأنواع المعروفة من الأشجار.
إضافة إلى أن مجتمعات السكان الأصليين تسكن العديد من هذه المناطق المحمية، فكلما توغل المهربون بعمق داخل الغابات ينفصل هؤلاء البشر الذين سكنوا تلك المناطق لأجيال عدة عن مجتمعاتهم وعن أرضهم التي عاشوا عليها نتيجة طردهم ونزوحهم عنها.
يحد اجتثاث الغابات من القدرة التي تملكها أفضل الدفاعات الطبيعية ضد التغيّر المُناخي، إذ إن الغابات أهم مصارف لغاز الكربون، ما يعني أنها تمتصّ وتحبِس كمية من غاز الكربون تفوق الكمية المُنبعثة.
وتمتص الأشجار ما يقرب من 30% من انبعاثات الكربون سنوياً، فإذا تركنا الأشجار تؤدي وظيفتها ببساطة، فمن الممكن أن تكون مفتاحاً رئيسياً في إنقاذنا من أكثر الأمور تدميراً للتغيّر المُناخي.
وتقترح دراسة أجريت عام 2016 أنه في حال تركت غابات أمريكا اللاتينية على وضعها، دون المزيد من الإزالة لأي عدد من الأسباب، فإن بإمكانها امتصاص أكثر من 31 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي من تلقاء نفسها، ما يكفي تقريباً للتخلص من 37 مليار طن نتسبب في انبعاثه سنوياً.
الخلاصة أن تجارة المخدرات لا يقتصر تأثيرها على تناولها، بل ترتبط ارتباطاً جوهرياً بالبيئة، وحين اتخذت الولايات المتحدة قرارات صارمة تجاه عصابات المخدرات الناشطة في المكسيك، دفعت تلك العصابات بتجارة الكوكايين والأنشطة غير القانونية الأخرى إلى أمريكا الجنوبية والوسطى أدت تلك السياسة دون قصد إلى اجتثاث الغابات الذي يحدث حالياً.