أصدرت الحكومة العراقية حزمةً ثانيةً من الإصلاحات الاجتماعية المقترحة، الثلاثاء 8 أكتوبر/تشرين الأول 2019، في محاولة لتلبية مطالب المحتجين المناهضين للحكومة، الذين تظاهروا في جميع أنحاء البلاد على مدى ثمانية أيام وسقط منهم 110 قتلى وستة آلاف مصاب.
وأصدر رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي خطةً مؤلفةً من 13 نقطة تركز على الدعم والإسكان للفقراء، بالإضافة إلى مبادرات للتدريب والتعليم للشبان العاطلين.
ونشر عبدالمهدي الإصلاحات على مواقع التواصل الاجتماعي، في أعقاب اجتماع للحكومة. وقُطع الإنترنت وسبل الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي عن الكثير من العراقيين لعدة أيام الآن.
إصلاحات اجتماعية لوقف الاحتجاجات في العراق
قرَّرت الحكومة "تضمين مشروع قانون الموازنة لعام 2020، وتجميد العمل بالقوانين والتعليمات النافذة التي تمنح الحق بتسلم الشخص أكثر من راتب أو تقاعد أو منحة وتخييره بتسلم أحدها".
كما قرَّرت أن تتولى وزارة الكهرباء توزيع منظومات طاقة شمسية متكاملة على ثلاثة آلاف عائلة فقيرة مجاناً، والعمل على توفير فرص عمل إضافية للشباب، بتسهيل إجراءات إقامة مشاريع وشركات صغيرة، ومنحها الأفضلية للحصول على العقود الحكومية.
وكذلك أن تتولى وزارة الكهرباء تشغيل الشباب العاطلين عن العمل من الفئة العمرية بين 18 و38 عاماً كمحصلين لأجور الكهرباء، حسب مناطق سكناهم.
وقرَّرت الحكومة أيضاً توزيع أراضٍ زراعية على خريجي الكليات والمعاهد الزراعية، ومنحهم قروضاً ميسّرة لإقامة مشاريع صغيرة ومتوسطة.
وستتولى وزارة الصناعة والمعادن تدريب الشباب العاطلين عن العمل من الخريجين وغيرهم، من الراغبين في تأسيس مشاريع تصنيع منتجات محلية، مع تمويل تلك المشاريع من صندوق المشاريع المدرّة للربح، أو من مبادرة تشغيل الشباب التي أطلقها البنك المركزي.
كما قرَّرت الحكومة فتح باب التعيينات في الجامعات الحكومية، وإلزام الجامعات الأهلية باستيعاب أعداد مناسبة من حملة الشهادات العليا، حسب الطاقة الاستيعابية المتاحة. وتعهَّدت بإقامة مشاريع في أرجاء العراق، للتعاقد مع المستثمرين لإنشاء مصانع لمعالجة وتدوير النفايات بالأساليب الحديثة.
في ظلِّ استمرار المظاهرات في أنحاء متفرقة من البلاد
عادت الاحتجاجات، الليلة الماضية، إلى شوارع مدينة الصدر بالعاصمة العراقية بغداد، حيث قُتل أحد أفراد قوات الأمن، في حين بدت معظم أنحاء البلاد أكثر هدوءاً مما كانت عليه على مدى الأسبوع المنصرم، في الوقت الذي سعى فيه الساسة لوضع حدٍّ للانتفاضة.
وأبلغت مصادر في الشرطة رويترز، أنَّ قوات الأمن بدأت اعتقال محتجين بعد حلول ليل الثلاثاء في المناطق الشرقية والشمالية الغربية ببغداد. وتحمل الشرطة صور المحتجين التي التقطت في الأيام الماضية، للتعرف عليهم واعتقالهم. وقالت المفوضية العراقية السامية لحقوق الإنسان شبه الرسمية، إن نحو 800 شخص اعتقلوا الأسبوع الماضي وأفرج عن 500 منهم بالفعل.
واشتبك المحتجون مع قوات الأمن في بغداد والجنوب بشكل أساسي. ويطالب المتظاهرون بإسقاط الحكومة والنخبة السياسية التي يعتبرونها فاسدة.
وقال الجيش العراقي اليوم، إنَّ شرطياً قُتل وأصيب أربعة آخرون إثر هجوم من مسلحين في مدينة الصدر، حيث قتل 15 شخصاً في الليلة السابقة في أعمال شغب.
وأحداث العنف الحالية هي الأسوأ في العراق منذ هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية قبل عامين، كما أنها تمثل أكبر اختبار أمام عبدالمهدي، الذي تولى السلطة قبل عام.
خاصة في مدينة الصدر
ومن شأن وصول أحداث العنف إلى مدينة الصدر هذا الأسبوع زيادة التحدي الأمني الذي تمثله الاحتجاجات. وتاريخياً، كان من الصعب إخماد الاضطرابات في مدينة الصدر، حيث يعيش نحو ثلث سكان بغداد البالغ عددهم ثمانية ملايين في ظروف صعبة تشمل نقص الكهرباء والمياه والوظائف.
وقالت الشرطة إن المحتجين أشعلوا النيران في إطارات أمام مبنى مجلس البلدية والمحكمة في ميدان مظفر. وأضافت أن إطلاق النار الذي استهدف قوات الأمن جاء مصدره من أحد الحشود.
لكن المحتجين قالوا إنهم تعرّضوا لهجوم من قوات الأمن باستخدام الذخيرة الحية طوال الأسبوع.
وشاهد صحفيون من رويترز قنَّاصة على أسطح المباني وهم يطلقون النار على حشود المحتجين، مما أدى لسقوط قتلى ومصابين.
واستدعى الجيش العراقي للخدمة اليوم الضباط والجنود الذين تم تسريحهم للاشتباه بأنهم تخلوا عن مدن وبلدات وتركوها للدولة الإسلامية في 2014.
وناقش البرلمان، الذي عقد أولى جلساته اليوم منذ بدء الأزمة، هذه الخطوة، وخطط الإصلاح التي تهدف إلى تهدئة المتظاهرين.