افتتحت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها أمام الناخبين، صباح اليوم الأحد 6 أكتوبر/تشرين الأول 2019، في ثاني انتخابات برلمانية تشهدها البلاد بعد ثورة 2011.
ويبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت 7 ملايين و155 ألفاً، مسجلين في كشوف هيئة الانتخابات، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول.
وتتم العملية الانتخابية في 13 ألف مكتب اقتراع، موزَّعة على 4567 مركز تصويت، في 33 دائرة انتخابية داخل تونس وخارجها، وتمتد الانتخابات في دوائر خارج البلاد من الجمعة إلى اليوم الأحد.
1592 قائمة تتنافس
وبحسب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، تفتح نحو 242 مكتب اقتراع في توقيت استثنائي الساعة العاشرة صباحاً (09.00 بتوقيت غرينتيش) وتغلق في الساعة الرابعة بعد الظهر (15.00 حسب توقيت غرنيتيش) وذلك في المناطق الغربية، لأسباب أمنية.
وللفوز بمقاعد البرلمان (217 مقعداً)، تتنافس 1592 قائمة، هي: 695 قائمة حزبية، و190 قائمة ائتلافية، و707 قوائم مستقلة، تضم إجمالاً أكثر من 15 ألف مرشح.
وبلغ عدد القوائم داخل تونس 1405 قوائم، مقابل 1393 قائمة في انتخابات عام 2014.
وفي دوائر الخارج ترشحت 187 قائمة، هي: 90 قائمة حزبية، و33 قائمة ائتلافية، و64 قائمة مستقلة.
وسجّل عدد القوائم المستقلة داخل تونس ارتفاعاً في 2019، حيث بلغ 643 قائمة مقابل 414 في العام 2014.
وقال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، نبيل بفون، في تصريحات سابقة، إن 10 أحزاب فقط من بين 221 حزباً تتنافس في كل الدوائر، مضيفاً أن 175 حزباً تقدموا بقائمة واحدة لكل منهم، فيما لم يتقدم 11 حزباً بأية قوائم.
والأحزاب التي غطَّت كلَّ الدوائر هي: حركة "النهضة" (إسلامية- 68 نائباً بالبرلمان الحالي)، وحركة "تحيا تونس"، بقيادة رئيس الحكومة يوسف الشاهد (ليبرالي- 43 نائباً)، و "نداء تونس" (ليبرالي- 26 نائباً)، و "التيار الديمقراطي" (وسط يسار- 3 نواب)، و "حركة الشعب" (قومي ناصري- 3 نواب)، و "آفاق تونس" (ليبرالي).
وكذلك حزب "قلب تونس" (ليبرالي)، بقيادة المرشح للدور الثاني للانتخابات الرئاسية، نبيل القروي، و "أمل تونس" (وسط)، بقيادة سلمى اللومي، مديرة الديوان الرئاسي السابقة للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، و "الجبهة الشعبية" (أقصى اليسار)، و "البديل التونسي" (ليبرالي)، بقيادة رئيس الحكومة السابق مهدي جمعة (2014-2015).
حملات انتخابية "باهتة"
ويُقدِّر مراقبون أن يصبح المشهد السياسي في البلاد مشتّتاً، مع تركيبة برلمانيّة مؤلّفة من كُتل صغيرة، ما من شأنه تعقيد عمليّة التوافق على تشكيلة الحكومة المقبلة، وذلك استناداً إلى نتائج الدورة الرئاسيّة الأولى، التي أفرزت مرشحين غير متوقّعين، هما أستاذ القانون الدستوري المستقل قيس سعيّد، ونبيل القروي رجل الأعمال الموقوف بتهم غسل أموال وتهرب ضريبي.
ولم تكُن حملات الانتخابات النيابيّة لافتةً، بل كانت باهتةً أحياناً، بسبب تغيير روزنامة الانتخابات بتقديم موعد الرئاسية على التشريعية، جرّاء وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، إضافة إلى "صدمة" الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
وسجّلت انتخابات الدورة الرئاسيّة الأولى نسبة مشاركة ناهزت الـ50% فيما حضّت الهيئة العليا للانتخابات المسجَّلين على التوجّه، الأحد، بكثافة للتصويت.
ونظّم التلفزيون الحكومي ثلاث مناظرات تلفزيونيّة لمرشّحين للانتخابات التشريعيّة، إلا أنّها لم تلق نجاحاً ومتابعة من التونسيّين، كما كان عليه الحال في الدورة الرئاسيّة الأولى.
كما كان لاستمرار سجن القروي ورفض مطالب الإفراج عنه منذ توقيفه، في 23 أغسطس/آب الفائت، تأثير على المشهد الانتخابي، وتصَدَّرت قضيّته الجدل السياسي خلال الأيّام السابقة.
الأنظار تتجه للمرشحين المستقلين
وتعدّ الانتخابات الحاليّة مفصلية في تاريخ البلاد، التي تمرّ بأزمات اقتصاديّة واجتماعيّة خانقة منذ ثورة 2011.
وأظهرت توجّهات التصويت للدورة الرئاسيّة الأولى أنّ الناخبين التونسيّين اختاروا اللجوء إلى "تصويت العقاب" ضدّ رموز المنظومة الحاكمة، التي عجزت عن إيجاد حلول اقتصاديّة واجتماعيّة، وخاصّة فيما يتعلّق بالبطالة وارتفاع الأسعار والتضخّم.
ويدخل الانتخابات متنافسون جدد إلى جانب الأحزاب، على غرار المستقلّين الذي يمثّلون ثلثي القائمات المشاركة، ومن المنتظر أن يُحدِثوا مفاجأة، وأن يحصلوا على عدد مهمّ من المقاعد.
وأمام البرلمان الجديد ملفّات حسّاسة ومشاريع قوانين أثارت جدلاً طويلاً في السابق وأخرى مستعجلة، وأهمّها أحداث المحكمة الدستورية، وقانون الماليّة للسنة المقبلة.
ولم تتمكّن البلاد من التوفيق بين مسار الانتقال السياسي الذي تقدّم بخطوات كبيرة منذ الثورة، وبين الانتقال الاقتصادي والاجتماعي الذي لا يزال يُعاني مشاكل لم تستطع الحكومات المتعاقبة إيجاد حلول لها، وفقاً للوكالة الفرنسية.
وتجري الانتخابات فيما تعيش تونس تهديدات أمنيّة متواصلة، ولا تزال حال الطوارئ سارية إثر عمليّات إرهابيّة شنّها متطرفون في السنوات الفائتة، وألحقت ضرراً كبيراً بقطاع السّياحة، الذي يُعدّ أحد ركائز الاقتصاد التونسي.