أثنى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على مصر في اجتماع ثنائي مع رئيسها عبدالفتاح السيسي، بمدينة نيويورك الأمريكية قبل ساعات من استضافة المملكة المتحدة مؤتمراً عالمياً حول حرية وسائل الإعلام بحضور أمل كلوني، المبعوثة البريطانية لحرية الإعلام.
يأتي ذلك بالتزامن مع حملة صارمة جديدة ضد الصحفيين والمعارضين عقب اندلاع احتجاجات ضد الفساد في مصر، كما وصفتها صحيفة The Guardian البريطانية.
وقد عقد جونسون والسيسي اجتماعهما الثنائي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل ساعات من استضافة المملكة المتحدة فعالية تهدف للتعبير عن دعم البلاد لحملة من شأنها سنّ قوانين جديدة للدفاع عن حقوق الصحفيين.
ولكن بسام راضي، المتحدث باسم الرئيس المصري، قال في أعقاب الاجتماع المنعقد مع جونسون إن المملكة المتحدة كانت "حريصة على الإشادة بالأداء الاقتصادي لمصر"، مشيراً إلى أن "الاقتصاد المصري يشهد تحسناً واضحاً".
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة إن الزعيمين ناقشا الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب والتطرف وتعزيز تبادل المعلومات ومنع تمويل الأنشطة الإرهابية.
تجاهلا الحملة الأمنية الشرسة
لم يتطرّق بيان رئاسة الوزراء بشأن الاجتماع إلى الحملة التي تشنّها السلطات في البلاد ضد الاحتجاجات، بل قال البيان ببساطة إن "الزعيمين أشارا إلى اجتماعهما البنّاء في قمة مجموعة السبع في مدينة بياريتس الفرنسية، وأكدا مجدداً التزامهما بالعمل سويّاً من أجل دفع التقدم الإيجابي في العلاقات الثنائية".
وأضاف قائلاً: "لقد ناقشا العلاقات الاقتصادية بين بلدينا وأهمية البناء على هذا بعد مغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي".
موجة قمع تشهدها مصر
كجزء من موجة القمع، أضافت الحكومة المصرية موقعيْ هيئة الإذاعة البريطانية BBC ومحطة Alhurra الأمريكية الناطقة بالعربية إلى قائمة المواقع الإعلامية المحجوبة في مصر ويبلغ عددها 513 موقعاً إلكترونياً.
وبالإضافة إلى ذلك، تعطلت تطبيقات المراسلة عبر الإنترنت من أجل كبح جماح المزيد من الاحتجاجات، وأرسلت الحكومة المصرية تحذيرات استشارية للصحفيين الأجانب حول كيفية تغطية الاحتجاجات.
وقالت مجموعات المجتمع المدني، ومن بينها المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إن السلطات المصرية اعتقلت حتى وقتنا هذا 1003 أشخاص، منهم أكاديميون بارزون.
رغم دعم المملكة المتحدة للصحفيين ورفضها القمع في المؤتمرات
قال مسؤولون إن حملة القمع الموجهة ضد الإعلام ربما تكون قد أثيرت على نحو يتّسم بالخصوصية مع السيسي. ولكن عدم وجود أي نقد للاعتداء على حرية الصحافة في البيان الرسمي يثير أسئلة حول ما إذا كانت حكومة المملكة المتحدة مستعدة لمساءلة المستبدّين القمعيين أمام الجمهور فيما يتعلّق بقضايا حرية الإعلام، خاصة في ظل احتمالية تعرّض العلاقات التجارية للتهديد.
وقال لورد أحمد، وزير شؤون حقوق الإنسان في بريطانيا، الذي تعرّض للضغط في قمة حرية الإعلام في نيويورك للتحدث بشأن ما إذا كان الوزراء مستعدين لعرض القضية مباشرةً أمام زعماء العالم المُعارِضين، إن حكومة المملكة المتحدة كثيراً ما تثير قضايا حقوق الإنسان علانية وعلى نحو خاص على حدٍّ سواء، وأصر على أن هذا الضغط الخاص كان له تأثير.
وقد عقدت المملكة المتحدة مؤتمراً بشأن حرية الإعلام في الصيف، وساعدت أمل كلوني التي تتسم بالبطولة في دفاعها عن الصحفيين المهددين، على إنشاء لجنة رفيعة المستوى من الخبراء القانونيين لدراسة القوانين العالمية اللازمة للدفاع عن حرية الصحافة على الصعيد العالمي.
وفي الاجتماع الذي انعقد في نيويورك، أكد لورد أحمد من جديد عزم المملكة المتحدة على ترسيخ نظام عقوبات بريطاني عالمي لحقوق الإنسان لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك حالات استهداف الصحفيين والمبلّغين والمدافعين عن حقوق الإنسان. وقال إنه سيتم تقديم نصوص قانونية في أقرب وقت ممكن.
وقالت أمل كلوني، المحامية البارزة المدافعة عن الصحفيين المعرضين للتهديد: "إذا قُدِّرت للديمقراطية أي فرصة للبقاء، فسنكون في حاجة إلى صحوة القادة الذين يؤمنون بالقيم الليبرالية".
وأضافت أن الصحفيين أصبحوا مُهددين بشكل لا يصدق بسبب ارتفاع وتيرة تشويه كبار المسؤولين لوسائل الإعلام وخلق بيئة سامة.
وأوضحت كلوني أن المعاهدات الدولية الحالية التي تدافع عن حرية التعبير ليست فعّالة، مضيفة أن فريق الخبراء القانونيين البارزين الذي أسسته وزارة الخارجية البريطانية قبل شهرين ويرأسه رئيس المحكمة العليا السابق اللورد نيوبيرغر، يُعدُّ حالياً قوانين نموذجية ضرورية لترسيخ صحافة حرة حقيقية.
وتفضّل أمل 5 آليات جديدة، بما في ذلك أنظمة العقوبات، وتجميد الحسابات المصرفية، وتطبيق إجراءات من شأنها حظر مسؤولي الدول الذين ينتهكون حرية وسائل الإعلام من دخول البلاد، وتوظيف فريق من المحامين الدوليين القادرين على التحقيق في الهجمات، والالتزام بالشفافية عند اعتقال الصحفيين، فضلاً عن تعزيز المشورة القنصلية ونظام التأشيرات للصحفيين الذين يعانون من الاضطهاد.