رأت صحيفة The New York Times أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ساهم في إضفاء المصداقية على رجل الأعمال والفنان، محمد علي، الذي ينشر منذ أيام مقاطع فيديو يتحدث فيها عن فساد كبير في الجيش، وإهدار للمال العام من أجل السيسي.
وجاء ذلك في تقرير نشرته الصحيفة الأمريكية، الأحد 22 سبتمبر/أيلول 2019، وعلّقت فيه على الاحتجاجات التي اعتبرتها نادرة ضد الرئيس السيسي، والتي بدأت يوم الجمعة الماضي.
ونقلت الصحيفة عن ميشيل دان، من مركز كارنيغي للأبحاث، قولها إن السيسي ساعد على زيادة مصداقية محمد علي، عندما اعترف في مؤتمر للشباب كان يُبث على الهواء مباشرة، بأنه بنى القصور وسيبني المزيد منها.
وقبل أن يدلو السيسي بتصريحه هذا، شككت وسائل إعلام في مصر مؤيدة للسيسي بما قاله محمد علي عن بناء قصور رئاسية تكاليفها باهظة، وعن مشاريع ضخمة للغاية نُفذت بناء على طلب السيسي، كبناء 3 فيلات في قرية مراسي بالساحل الشمالي على مساحة 5 آلاف متر، مخصصة له ولزوجته انتصار السيسي.
لكن تطرق السيسي للموضوع في مؤتمر الشباب وتعليقه على ما قاله علي، والإقرار بأنه بالفعل بنى القصور التي تحدث عنها علي في فيديوهات، زادت من مصداقية المعلومات التي بات يتحدث عنها المقاول المصري.
جهة ما تدعم علي؟
وقالت دان إن علي "ليس شخصاً من المعارضة يريد تصفية حسابات. يبدو رجلاً عادياً وليس من النخبة ويتحدث مفاهيم تجريدية لها".
وذكرت الصحيفة بأن هنالك الآن الكثير من النظريات عن علي، والتي تتساءل عمن هو، وكيف خرج من مصر بهذه الطريقة، وأين يحصل على معلوماته.
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض المراقبين يعتقدون بأن علي مدعوم من شخصيات داخل حكومة السيسي يريدون إضعاف الأخير.
ولفتت The New York Times إلى الأسباب التي جعلت علي يبدو قريباً من الشارع المصري، الذي نزل إلى الشارع بعد الدعوات التي أطلقها المقاول المصري على حسابه في فيسبوك.
وقالت عن رباب المهدي من الجامعة الأمريكية في القاهرة، قولها إن علي "ترك صدى لدى قطاع واسع من المصريين بطريقة لم يفعلها أحد قبله. ينظرون إليه على أنه نسخة ناجحة عن أنفسهم".
وبحسب الصحيفة الأمريكية يبدو أن "غالبية الذين شاركوا في احتجاجات يوم الجمعة الماضي هم من الشباب تحت سن العشرين، ممن كانوا أطفالاً عندما أطاحت الاحتجاجات برئيسين، ومن هنا جذبهم محمد علي غير المتعلم، الذي صنع الملايين، ويبدو رجلاً يريد إنقاذهم، وهو لا يتحدث بصفته ناشطاً أو سياسياً بل كونه واحداً مثلهم".
وتشير إلى أن دعم الشباب لعلي لا يبدو مفاجئاً، حيث ظهر في فيلم عام 2019، تدور قصته حول شباب يخاطرون بحياتهم للسفر عبر البحر المتوسط إلى أوروبا، ونال جائزة لوكسمبرغ للسلام.
علي قريب من الناس
كذلك فإن الطريقة التي يظهر بها علي تلعب دوراً في جعله قريباً من الناس، حيث قالت الصحيفة الأمريكية إن علي ومن خلال استخدامه للهجة الطبقة العاملة كشف عن سيطرة الجيش على الاقتصاد المصري، واتهم السيسي بتبذير أموال الدولة على مشاريع ترضي غروره، مثل بناء قصور رئاسية بملايين الدولارات.
ونوهت الصحيفة إلى أن أشرطة الفيديو التي يضعها محمد علي على صفحته في "فيسبوك"، أصبحت مشاهدتها واجباً على الشباب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يفتحون صفحاتهم كل يوم أو يومين لتلقي الجديد من علي، الذي يتحدث وهو يدخن ويصدر الإهانة تلو الأخرى للرئيس الذي يصفه بـ "القزم" و "المخزي".
واعتبرت The New York Times أن امتحان تأثير محمد علي على الشارع المصري سيأتي في نهاية هذا الأسبوع، بعدما دعا في مقطع فيديو نشره السبت الماضي، إلى الخروج في مظاهرة مليونية ضد السيسي يوم الجمعة المقبل.
وشهدت مصر، مساء الجمعة الماضي، احتجاجات في "ميدان التحرير" الذي مثّل رمزاً لثورة يناير/كانون الثاني 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.
وبث ناشطون على منصات التواصل مقاطع فيديو، قالوا إنها احتجاجات خرجت في ميدان طلعت حرب الشهير وسط القاهرة، ومدينة المحلة العمالية الشهيرة، والشرقية والمنصورة، وكفر الشيخ، ودمياط والإسكندرية، والبحيرة (شمال)، والسويس (شمال شرق).
وردَّت صحف وقنوات مؤيدة للسيسي في مصر، وحسابات بمنصات التواصل، بالقول إن تلك الفيديوهات مفبركة والتظاهرات سابقة منذ سنوات ولا تظاهرات حالية.