قالت صحيفة Washington Post، اليوم السبت 21 سبتمبر/أيلول 2019، إن الوضع يتغير الآن في مصر، بعدما بدأت احتجاجات نادرة، أمس الجمعة، ضد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي واجه بكل حزمٍ طيلة السنوات الماضية أيَّ محاولة لمعارضته.
وتحدَّثت الصحيفة في تقرير لها عن الاحتجاجات التي اندلعت مساء أمس الجمعة في عدد من المدن المصرية، مشيرةً إلى الدور الكبير الذي لعبته فيديوهات رجل الأعمال والفنان المصري محمد علي، التي رأت أنها سبب رئيسي في اشتعال الشارع المصري ضد السلطة، التي بات يُنظر إليها الآن على أنها تُبدِّد المال العام، فيما يعاني المصريون من الجوع.
فيديوهات تهز السلطات
وقالت الصحيفة إن أشرطة فيديو محمد علي هزَّت حكومة السيسي، ورأت أنَّ التغيير الأبرز للأوضاع في مصر الآن يأتي من كون أن هناك شخصاً قادراً على تحريك الشارع ضد السيسي.
ونقلت الصحيفة عن عمرو مجدي، وهو باحث في قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، قوله إن "أشرطة فيديو محمد علي وادّعاءاته قد شكّلت ضربةً كبيرةً للسيسي في الشوارع" .
ولفت إلى أن فيديوهات "علي" وصلت إلى فئات من المجتمع المصري، ليست ناشطة سياسياً، ولا تهتم كثيراً بالسياسة، واعتبر مجدي أن هذا "ما يُسبب الفزع للحكومة، ويُخيف السيسي" .
وأضافت الصحيفة نقلاً عن مجدي قوله إن "ما فعله محمد علي في الواقع شيء لم يتمكن جميع الفاعلين السياسيين من فعله في البلاد" .
والتغيير الأبرز، بحسب مجدي، أنه "سابقاً لم يكن بإمكان أحد أن يقود المعارضة لتحقيق شيء ما في الشارع، أو لتحقيق حشد سياسي، وهذا ما تغيّر الآن" .
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن ناشطين يعتقدون أنه من غير المرجَّح أن "تقود أشرطة الفيديو الخاصة بمحمد علي لثورةٍ أخرى، لكنَّ آخرين يرون أن أسلوبه أظهر طريقة مبتكرة للتعبير عن المعارضة للسيسي، دون المجازفة بالوقوع في أيدي قوات الأمن" .
وأضافت أن ما يجري الآن في مصر يُقدم خارطة طريق لمعارضة السيسي المتزايدة، التي قد تم إسكاتها بطريقة وحشية.
نفوذ كبير للجيش
ولفتت الصحيفة في تقريرها إلى اعتقال عشرات آلاف المعتقلين السياسيين والمنتقدين للسلطات في مصر، بالإضافة إلى حظر مواقع تابعة لوسائل الإعلام.
وتحدَّثت أيضاً عن تعاظُم دور الجيش بعد وصول السيسي للسلطة، حيث يمتلك الجيش نفوذاً كبيراً في اقتصاد مصر، ولديه محطات وقود، وفنادق، ومزارع، ومدارس خاصة يديرها، حتى إنه "يبيع المعكرونة وحليب الأطفال"، وفقاً للصحيفة الأمريكية.
وخرجت تظاهرات أمس الجمعة استجابةً لدعوات تمّ إطلاقها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ولاسيّما من جانب محمد علي، الذي ينشر منذ أيام مقاطع فيديو تحدث فيها عن "فساد في الجيش وإهداره للمال العام، واستغلال السيسي للسلطة".
وكان بعض الشباب المصري قد بدأوا النزول لميدان التحرير، أمس الجمعة، بشكل فردي أو جماعي "حيث لا يتعدى عددهم 3 أشخاص"، مناشدين من خلال مقاطع فيديو بثوها على مواقع التواصل الاجتماعي ضرورة التوجه إلى ميدان التحرير، للاحتشاد من أجل التظاهر ضد السيسي، وتلبية لدعوات محمد علي.
ونُشرت على الإنترنت لقطات من التظاهرات التي هتف فيها المتظاهرون "ارحل يا سيسي"، باستخدام وسم #ميدان_التحرير، كما تظاهر مصريون في ميدان "طلعت حرب" الشهير وسط القاهرة، وكذلك من أحد ميادين مدينة المحلة العمالية الشهيرة، شمالي البلاد، والشرقية (دلتا النيل/شمالاً)، والإسكندرية (شمالاً)، والسويس (شمال شرق).
وفي مشهد يعيد للأذهان التصدي العنيف للمتظاهرين أثناء ثورة يناير/كانون الثاني عام 2011، نشر مصريون على مواقع التواصل مقطع فيديو لعناصر تعتدي بالضرب المفرط على المتظاهرين في القاهرة، كما أظهرت مقاطع فيديو أخرى عناصر من الشرطة تشارك في اعتقال المتظاهرين.