لا تنحصر اضطرابات الكبد بوظائفه الحيوية فحسب، بل تؤدي السموم المنتشرة في مجرى الدم إلى إتلاف الدماغ، في ما يُعرف بـ "اعتلال الدماغ الكبدي".
نستعرض في هذا التقرير تفاصيل اعتلال الدماغ الكبدي وتداعياته على جسم الإنسان.
ما هو اعتلال الدماغ الكبدي؟
اعتلال الدماغ الكبدي هو تراجع في وظائف المخ، يحدث نتيجة لمرض الكبد الحاد.
في هذه الحالة، لا يستطيع الكبد إزالة السموم من الدم، فتتراكم مسبِّبة تلفاً في الدماغ.
يمكن أن يكون اعتلال الدماغ الكبدي حاداً (قصير الأجل) أو مزمناً (طويل الأجل)، وقد يتعرض المريض به لغيبوبة.
ما هي اضطرابات الكبد التي تؤدي إلى اعتلال الدماغ؟
يتطور اعتلال الدماغ الكبدي الحاد بسبب بعض اضطرابات الكبد، ومن هذه الحالات:
1- التهاب الكبد الفيروسي الحاد: وهو نوع حاد من التهاب الكبد الفيروسي، يُصاب به المرء فجأة.
2- التهاب الكبد السام: نتيجة التعرض للكحول أو المواد الكيميائية أو المخدرات أو المكملات الغذائية.
3- متلازمة راي: وهي حالة نادرة وخطيرة، وتحدث بشكل أساسي عند الأطفال، ويحدث خلالها تورم مفاجئ والتهاب في الكبد والدماغ.
أعراض اعتلال الدماغ الكبدي
تختلف أعراض اعتلال الدماغ الكبدي حسب السبب الكامن وراء تلف الكبد، وقد تشمل أعراض وعلامات اعتلال الدماغ الكبدي المعتدل ما يلي: صعوبة في التفكير، تغيرات بالشخصية، ضعف في التركيز، مشاكل بالكتابة اليدوية أو فقدان القدرة على القيام بحركات اليد البسيطة الأخرى، إلى جانب الارتباك والنسيان.
أما أعراض اعتلال الدماغ الكبدي الشديد فتشمل: الارتباك، النعاس أو الخمول، القلق، النوبات، تغيرات شديدة في الشخصية، الإعياء، التشوش في الكلام، عدم القدرة على السيطرة على حركات الأيدي، بطء الحركة في العموم.
يجب الحصول على مساعدة طبية طارئة فوراً بمجرد ظهور أعراض اعتلال الدماغ الكبدي الوخيم، لأنها قد تتسبب في غيبوبة.
أسباب اعتلال الدماغ الكبدي
السبب الدقيق لاعتلال الدماغ الكبدي غير معروف، ومع ذلك، عادةً ما يكون سبب الإصابة بهذا المرض هو تراكم السموم في مجرى الدم، أي عندما يفشل الكبد في إزالة السموم من الجسم بشكل صحيح.
في الطبيعي يُزيل الكبد المواد الكيميائية السامة مثل الأمونيا، كما تقوم الكليتان بتحويل هذه السموم إلى مواد أكثر أماناً تتم إزالتها عن طريق التبول.
عند تلف الكبد، يتعذر عليه تصفية جميع السموم، فتتراكم في مجرى الدم وربما تصل إلى العقل، وقد تلحق الضرر أيضاً بالأعضاء والأعصاب الأخرى.
وقد يكون سبب اعتلال الدماغ الكبدي: الالتهابات مثل الالتهاب الرئوي، مشاكل في الكلى، الجفاف ونقص السوائل في الجسم، نقص أو انخفاض مستويات الأكسجين، جراحة حديثة أو صدمة، الأدوية التي تقمع نظام المناعة، تناول كثير من البروتين، الأدوية التي تثبط الجهاز العصبي المركزي مثل الباربيتورات أو المهدئات البنزوديازيبين، عدم التوازن بالكهرباء خاصةً انخفاض مستويات البوتاسيوم بعد القيء أو تناول مدرات البول.
كيف يتم تشخيص اعتلال الدماغ الكبدي؟
تُستخدم عدة اختبارات لتشخيص اعتلال الدماغ الكبدي، ومنها:
1- تحاليل الدم:
للتحقق من مستويات الصوديوم والبوتاسيوم والأمونيا في الدم، فوجود كثير من هذه المواد علامة على ضعف وظائف الكبد.
2- اختبارات التصوير:
مثل التصوير المقطعي والرنين المغناطيسي، والتحقق من حدوث تشوهات في الدماغ.
3- اختبارات وظائف الكبد:
للتحقق من مدى وجود مستويات إنزيم مرتفعة.
ما المراحل المختلفة لاعتلال الدماغ الكبدي؟
ينقسم اعتلال الدماغ الكبدي إلى مراحل بناء على شدة الأعراض، وهي:
1- المرحلة 0: في هذه المرحلة، تكون الأعراض ضئيلة.
2- المرحلة 1: الأعراض خفيفة، وقد تشمل ضعفاً في الانتباه وتغييرات في عادات النوم مثل فرط النوم أو الأرق.
3- المرحلة 2: الأعراض معتدلة، وفي هذه المرحلة، يسود شعور بالارتباك أو السكون وعدم الرغبة أو القدرة على الحركة.
4- المرحلة 3: الأعراض شديدة، ولن يتمكن المريض من أداء المهام الأساسية التي كان يقوم بها، ويشعر خلالها بالارتباك ويواجه تغييرات في الشخصية.
5- المرحلة 4: إذا تم الوصول إلى هذه المرحلة فقد يعني هذا دخول المريض في غيبوبة.
علاج لاعتلال الدماغ الكبدي
تعتمد خيارات علاج اعتلال الدماغ الكبدي على شدته وسببه الأساسي.
من المحتمل أن يحتاج المريض تناول كميات أقل من البروتين إذا كان البروتين هو سبب هذه الحالة، لكن يجب الحذر، لأن البروتين ضروري للجسم.
تجب الاستعانة بأخصائي التغذية أو الطبيب، لتصميم نظام غذائي يسمح بالحصول على ما يكفي من البروتين دون زيادة الأعراض.
تساعد الأدوية أيضاً في إبطاء معدل امتصاص الدم للسموم، كما يمكن أن تسحب هذه الأدوية الأمونيا من الدم إلى القولون، وسيزيلها الجسم بعد ذلك من القولون.
في الحالات الشديدة التي تشهد صعوبة في التنفس، قد يكون جهاز التنفس الصناعي أو قناع الأكسجين ضرورياً، وفي بعض الحالات يُنصح بعملية زرع الكبد.
هل يمكن الوقاية من اعتلال الدماغ الكبدي؟
أفضل طريقة للوقاية من اعتلال الدماغ الكبدي هي الوقاية من أمراض الكبد أو معالجتها.
يمكن تقليل فرص الإصابة بمرض الكبد عن طريق اتخاذ الخطوات التالية:
- تجنُّب الكحول، أو استهلاكه بشكل مُعتدل.
- تجنُّب الأطعمة عالية الدهون.
- الحفاظ على وزن صحي.
- تجنُّب استخدام الإبر الملوثة.
ولتجنُّب الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي: اغسل يديك جيداً بعد استخدام الحمام أو تغيير الحفاض، وتجنَّب استخدام الإبر الملوثة، وتجنَّب الاتصال الوثيق مع الأشخاص المصابين بالتهاب الكبد الفيروسي، وأخيراً الحصول على تطعيم ضد التهاب الكبد A والتهاب الكبد B.