نعم، النوم ضروري لتعزيز صحتنا وأدائنا، بل وحمايتنا من الأمراض، ولكن هناك طفرة جينية تؤثر على النوم، وتتحكم في عدد الساعات التي تكفينا لننامها.
ورغم اقتراح العديد من الباحثين ضرورة النوم لمدة تتراوح من 7 إلى 8 ساعات يومياً، إلا أن هناك بعض الطفرات في بعض الجينات التي تؤثر على نوعية النوم، فتجعل من يحملها لا يحتاج أكثر من 4 إلى 6 ساعات من النوم يومياً ليستيقظ متأهباً ونشيطاً.
تحديد الجينات والطفرات التي تجعل الناس ينامون بشكل طبيعي دون تأثير سلبي كبير، يضع الأساس للعلماء لاستكشاف كيفية تنظيم توازن النوم.
وسيساعد هذا الخط من الدراسات العلماء على إيجاد طرق ليس فقط للتخفيف عمن يعانون من مشاكل النوم، ولكن لزيادة كفاءة النوم للجميع.
طفرة جينية تؤثر على النوم
كانت البداية في عام 2009، حينما اكتشفت الدكتورة يينغ وي فو، أستاذ علم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا، أن هناك أُماً وابنتها تنامان مدة قصيرة لا تصل لمدة سبع ساعات يومياً، ولكنهما تشعران بالراحة ولا تعانيان من أي تعب.
واكتشفت فو في دراسة نُشرت في مجلة SCIENCE، أن هذه العائلة تحمل طفرة جينية مختلفة في الجين DEC2، الذي يساعد في تنظيم إيقاعات الساعة البيولوجية.
وقد كشفت دراسة أخرى أُجريت على الفئران، نُشرت في PNAS، في 12 مارس/آذار 2018، كيف يمكن لطفرة DEC2 التي شوهدت في الأشخاص الذين ينامون قصيراً أن تسمح لهم بالبقاء والنمو مع بضع ساعات فقط من النوم.
وقد صمم الباحثون تلك الفئران بحيث تكون حاملةً لنفس الطفرة الجينية التي تُسبب قصر عدد ساعات النوم الطبيعية للإنسان، فاكتشفوا أن الجين DEC2 يساعد على التحكم في مستويات الأوريكسين، وهو الهرمون الذي يشارك في الحفاظ على اليقظة.
وعن كيفية عمل الجين والهرمون، أشارت تلك التجربة إلى أن جين DEC2 قد يخفض مستوى اليقظة في المساء، عن طريق ربط مثبط MyoD1 وتثبيته، وهو جين يعمل على إنتاج الأوريكسين.
قبل الفجر، يتلاشى DEC2، مما يسمح للمثبط MyoD1 بتحفيز إنتاج الأوريكسين لإيقاظك، والحفاظ على تنبيهك طوال اليوم.
وعند حدوث الطفرة التي تُسبب قلة عدد ساعات النوم، تضعف من قدرة DEC2، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج الأوريكسين، ويتسبب في أن يبقى الشخص مستيقظاً فترة أطول.
جين آخر يتسبب في نوم حركة العين السريعة
لم يقتصر الأمر على الطفرة الجينية DEC2، فوفقاً لدراسة نشرت يوم الأربعاء، 28 أغسطس/آب 2019، في مجلة Neuron، فإن من يستيقظون مبكراً لديهم طفرة في الجين ADRB1.
وكانت فو وزملاؤها أجرت تحليلاً للحمض النووي لبعض الأشخاص الذين تواصلوا معها بعد نشر الدراسة الأولى.
وبعد إجراء التحليل للمجندين الجدد، اكشفت فو وزملاؤها أن هناك عائلة من الذين ينامون قليلاً لديهم خلل في جين ADRB1.
عندما لا يكون هناك خلل أو طفرة في الجين، فإن بروتينات ADRB1 الطبيعية، التي يشفرها جين ADRB1، على خلايا عصبية في منطقة القنطرة في جذع الدماغ تلعب دوراً في تنظيم سلوك النوم.
وللتأكد أجرى الباحثون تجاربَ على الفئران التي تحمل الجين المتحور ADRB1، فلاحظوا نشاط الجين، ليس فقط أثناء اليقظة، ولكن أيضاً أثناء نوم حركة العين السريعة REM، التي تكون عادةً قصيرةً في أول الليل.
يُشتبه في أن مستوى النشاط المرتفع للخلايا العصبية المرتبطة بالجينات المتحورة يُسهم في سلوك النوم القصير.
يلاحظ المؤلفون أنه على الرغم من أن هذا الجين المتحور المكتشف حديثاً يسهم في النوم القصير، إلا أنه على الأرجح ليس الوحيد.
هناك الكثير من الجينات ومناطق الدماغ التي تخبر أجسامنا متى تذهب إلى الفراش، ومتى تستيقظ في الصباح.
إذا كشفت الدراسات المستقبلية عن طرق لإعادة إنشاء آثار الطفرات المعروفة بالأدوية، فيمكنها علاج اضطرابات النوم، أو حتى مساعدة المحرومين من النوم في الاستفادة من أقل غفوة.
وماذا عن أولئك الذين ليس لديهم هذا الجين؟
تجيب يينغ هوي فو، مكتشفة جين DEC2: "كنت أحد الأشخاص الذين يكرهون النوم، وحاولوا كل شيء للنوم أقل، قبل أن أبدأ هذا البحث" .
ويضيف: "الآن، أتمنى لو لم أحاول تغيير نمط نومي في سنوات شبابي. عدم النوم بشكل كافٍ سيزيد من فرص مواجهة مشاكل صحية في وقت لاحق، وسيؤثر بالتأكيد على اليقظة العقلية" .
ونصح فو بالتأكد من حصول المرء على نوم جيد أثناء الليل.
ويمكن مساعدة الجسم عبر توفير أدوات النوم المريحة، مثل الوسائد والفراش وما إلى ذلك.
وإذا كانت البيئة الخاصة بك صاخبة، فاستخدم سدادات الأذن.
بمعنى آخر، افعل ما عليك القيام به للحصول على نوم جيد وسليم، بغض النظر عن أي من الجينات التي تحملها.