الأرض هي الكوكب الوحيد في الكون المعروف بوجود حياة على سطحه (حتى الآن)، لكن الأبحاث الجديدة تشير إلى أن محيطات الكواكب الأخرى البعيدة يمكن أن تهدد التنوع البيولوجي الموجود على سطح الرخام الأزرق.
ليس ذلك لخلو هذه الكواكب الخارجية الأخرى الصالحة للسكن نظرياً من البشر، ولكن لأن إمكانات الكوكب في إيواء الحياة تتوقف على مدى كفاءة تحريك محيطاتها للعناصر الغذائية حول العالم.
هذا بحسب كلام الدكتورة ستيفاني أولسون، العالمة الجيولوجية، في عرض تقديمي لها في مؤتمر غولدشميدت للكيمياء الجيولوجية في برشلونة، يوم الأربعاء الموافق 23 أغسطس/آب لعام 2019.
محيطات الكواكب الأخرى صالحة للحياة
تقول أولسون في بيان بشأن بحثها "إن بحث ناسا عن الحياة في الكون يركز على ما يسمى بكواكب المناطق الصالحة للحياة، وهي عوالم تتوافر بها احتمالات وجود محيطات المياه السائلة عليها. لكن ليست كل المحيطات مضيافة بنفس القدر، إذ من شأن بعض المحيطات أن توفر أماكن أفضل للعيش دون غيرها بسبب أنماط دورانها العالمية" .
وأضافت أولسون أن أحد أنماط دورة المحيطات بعينها، والتي تعرف باسم "التفاقم" ربما تكون المفتاح لتعزيز الحياة في البحار.
ووفق ما نشر موقع Live Science، يحدث التفاقم عندما تندفع الرياح على طول سطح المحيط، مما يخلق تيارات تدفع المياه العميقة الغنية بالعناصر الغذائية إلى أعلى البحر، حيث تعيش العوالق ضوئية التخليق.
قاع المحيطات يغذي كل ما بداخلها
تتغذى العوالق على هذه العناصر الغذائية، مما يسمح لها بإنتاج مركبات عضوية تغذي الكائنات الحية الأكبر حجماً، والتي بدورها تصبح وجبات للكائنات الأكبر حجماً، وهكذا على مدار السلسلة الغذائية.
عندما تموت أعضاء السلسلة الغذائية وتتحلل، تغرق بقاياها العضوية في قاع البحر، حيث تعلق في عملية تفاقم جديدة وتغذي الحياة السطحية مرة أخرى.
بفضل نظام إعادة التدوير تحت الماء الفعال هذا، يميل التنوع البيولوجي إلى الازدهار في المناطق التي يوجد بها تفاقمات للمياه على الأرض (بشكل رئيسي بالقرب من السواحل).
وترى أولسون أن الأمر نفسه ينطبق في الأغلب على الكواكب الخارجية الصالحة للحياة، مما يعني أن الكواكب ذات الظروف التي توجد بها تفاقمات أكثر للمحيطات، يوجد عليها تنوع بيولوجي أقوى.
لفهم أي من الظروف تؤدي إلى حدوث تفاقمات إنتاجية، استخدمت أولسون وزملاؤها نظام محاكاة تابعاً لوكالة ناسا الفضائية، يسمى ROCKE-3D، لاختبار مدى مساهمة العوامل الجوية والجيوفيزيائية في التيارات المحيطية.
والأرض قد لا تكون أصلح مكان للحياة!
في ضوء ذلك تقول أولسون: "وجدنا أن ارتفاع كثافة الغلاف الجوي ومعدلات الدوران الأبطأ ووجود القارات، كلها عوامل تؤدي إلى ارتفاع معدلات التفاقم. ومعنى ذلك أن الأرض ربما لا تكون أمثل مكان يصلح للحياة، وأن حياة أخرى في مكان آخر ربما تحظى بكوكب أكثر ضيافةً من كوكبنا" .
على الرغم من أن هذه النتائج لا تحتوي على أي تطبيقات مباشرة على الكواكب الخارجية التي يبلغ عددها حوالي 4000، المُكتشفة حتى الآن، إلا أنها توضح الطريقة التي يعتمدها العلماء للبحث عن عوالم صالحة للحياة في المستقبل.
تقول أولسون إن أجيالاً مستقبلية من التلسكوبات سوف تُبنى لتحليل أفضل لعوامل مثل كثافة الغلاف الجوي ومعدل الدوران، والتي يمكن أن تمنحنا لمحة سريعة عن قابلية العيش في أي عالم آخر غير الأرض.