قالت خمسة مصادر إن مجلس إدارة أرامكو السعودية توصل إلى أن إدراج شركة النفط العملاقة في بورصة نيويورك سينطوي على كثير من المخاطر القانونية لجعله خياراً واقعياً، رغم أنها قالت إن القرار النهائي في يد ولي العهد السعودي.
وقالت المصادر إن نيويورك كانت البورصة التي يفضلها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قبل تعليق خطط الطرح العام الأوَّلي في العام الماضي، حتى بعد أن أثار محامو "أرامكو" وبعض مستشاري الحكومة بواعث قلق قانونية.
"أرامكو" تبحث عن "حصانة سيادية" لحمايتها
وتتيح نيويورك أكبر قاعدة للمستثمرين في العالم، وهي حيوية للطرح العام الأوَّلي الذي يهدف إلى اجتذاب ما يصل إلى 100 مليار دولار، وهو مبلغ قد يكون من الصعب على البورصات الأخرى جمعه. وحث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المملكة على إدراج "أرامكو" في نيويورك.
وقال مصدر مطلع على خطة الطرح العام الأوَّلي، لـ "رويترز"، إن المجلس، المكون من وزراء بالحكومة ومديرين التنفيذيين بـ "أرامكو"، خلص في اجتماع عُقد هذا الشهر، إلى أنه لن يدرس إدراجاً للشركة في الولايات المتحدة "ما لم تُمنح أرامكو حصانة سيادية تحميها من أي إجراء قانوني".
وأضاف المصدر قائلاً: "هذا، بالطبع، صعب إن لم يكن مستحيل التحقيق".
وكبقية المصادر الأخرى التي تحدثت إلى رويترز ، طلب هذا المصدر عدم ذكر اسمه، بسبب الحساسيات المحيطة بمصير الطرح العام الأوَّلي، الذي يأمل ولي العهد السعودي أن يجعل قيمة الشركة تريليوني دولار. ويقول بعض المطلعين والمصرفيين إن الرقم مرتفع جداً.
وقالت المصادر إن خطوة استبعاد نيويورك وتقليص القيمة تشير إلى أن خبراء في "أرامكو" والحكومة يضغطون من أجل خطة أكثر واقعية للطرح العام الأوَّلي.
وهناك بورصات أخرى تنتظر "الصفقة"
وإلى جانب نيويورك، تحرص بورصات لندن وهونغ كونغ وطوكيو على استمالة مسؤولين سعوديين إلى تأمين صفقة لتداول أسهم في "أرامكو"، التي من المتوقع أن يكون لها إدراج رئيس بالرياض.
لكن مسؤولين سعوديين يقولون إن إجراءات الإفصاح في نيويورك واللوائح المعقدة ربما تتداخل قانونياً مع سيادة الحكومة السعودية، التي ستظل المساهم الرئيس في "أرامكو"، ومن المحتمل أن تحتفظ بحصةٍ نسبتها 95 بالمئة.
وقال مصدر مطلع على عملية الطرح العام الأوَّلي: "الإدراج في نيويورك لم يعد خياراً".
وقالت أربعة من المصادر إن الرياض ولندن هما الآن الخياران الرئيسان مع إدراج محلي أولاً، يعقبه طرح دولي في مرحلة لاحقة.
وقال مصدر آخَر مطَّلع على عملية الطرح العام الأوَّلي: "احتمال إدراج محلي يتزايد، بحيث يجري إدراج 1-2 بالمئة من أرامكو محلياً"، مضيفاً: "الاحتمال الآخر هو إدراج في لندن".
هذا ما تخشاه إدارة "أرامكو"
ذكرت ثلاثة مصادر أن مخاطر التقاضي المحتملة في الولايات المتحدة تشمل قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (جاستا)، والتشريعات الأمريكية المقترحة المعروفة باسم "نوبيك" والتي قد تؤدي إلى أن تكون "أرامكو" عرضة للمقاضاة في المحاكم الأمريكية.
وقال مصدر آخر، ناقش عملية الطرح العام الأوَّلي مع مسؤولين سعوديين: "النظام برمته يميل بشدة إلى الاحتكام للقضاء، لكن بالطبع لدى أرامكو كثير من الاستثمارات في الولايات المتحدة والتي ستستمر".
وتشريعات "نوبيك" من شأنها أن تجعل عمل الدول الأجنبية معاً للحد من إمدادات الوقود الأحفوري وتحديد الأسعار غير قانوني، وهو ما يضع السعودية وأعضاء آخرين في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أمام تحديات قانونية في الولايات المتحدة.
ويسمح قانون "جاستا" بإقامة دعاوى قضائية ضد الحكومة السعودية، لأنه يقول إنها ساعدت في التخطيط لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة، ويجب عليها دفع تعويضات. وتنفي الرياض تلك الاتهامات.
وقالت المصادر إن "أرامكو" قد تجد نفسها ضالعة أيضاً في دعاوى قضائية حالية ضد شركات نفطية بالولايات المتحدة عن دورها في تغيُّر المناخ.
وفي ردٍّ على سؤال من رويترز عما إذا كانت نيويورك قد استُبعدت كموقع للإدراج، قالت "أرامكو" السعودية في بيان، إنها "تواصل التعامل مع المساهم بشأن أنشطة الاستعداد للطرح العام الأوَّلي".
وأضافت قائلة: "الشركة جاهزة، وسيعتمد التوقيت على ظروف السوق، ويكون في وقت يختاره المساهم".
ولهذا يفضّل محمد بن سلمان بورصة نيويورك
وقالت السوق المالية السعودية (تداول)، إنها تتوقع تدفقات تتراوح بين 15 مليار و20 مليار دولار هذا العام، بعد إدراجها في المؤشرين "فوتسي راسل" و "مورغان ستانلي" للأسواق الناشئة، وهو ما يساعد في تأمين سيولة للإدراج المحلي لـ "أرامكو".
وقالت مصادر مطلعة على التفكير السعودي، إن ولي العهد كان يفضل إدراجاً في بورصة نيويورك لأسباب، منها علاقات الرياض الطويلة الأمد مع واشنطن. وبدأت "أرامكو" أنشطتها في الثلاثينيات من القرن الماضي كمشروع أمريكي-سعودي.
وبيع حصة خمسة بالمئة في "أرامكو" محور لـ "رؤية 2030″، وهي خطة لتنويع الاقتصاد السعودي بعيداً عن النفط. لكن الطرح العام الأوَّلي، الذي كان من المنتظر في البداية أن يحدث في 2017، واجه تأجيلات متكررة.
وحالياً فإن الطرح العام الأوَّلي غير متوقع حتى تستكمل "أرامكو" استحواذها على حصة أغلبية في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) عملاق البتروكيماويات، وهو ما سيؤجله إلى 2020 أو 2021.
قال مصدران إن "أرامكو" طلبت بالفعل من بنوك كبرى تقديم مقترحات بشأن أدوار محتملة في الطرح العام الأوَّلي المزمع.