كشف تقرير سري إماراتي، نشرت مضامينه صحيفة "ميدل إيست آي"، عن انتقادات أبوظبي للسياسة التي تنتهجها السعودية في تعاطيها مع هجمات الحوثيين، وكذلك ضعف مواجهة دفاعات المملكة للطائرات المسيَّرة والصواريخ التي تُطلقها الجماعة اليمنية المدعومة من إيران.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، الأربعاء 21 أغسطس/آب 2019، أنَّ التقريرَ الاستخباراتي الذي رُفع للقيادة الإماراتية، انتقد بشكل مباشر وزير الطاقة السعودي خالد الفالح "لأنه قدَّم وصفاً مفصَّلاً للهجمات إلى وسائل الإعلام" .
وأشارت الصحيفة إلى أنَّ الوثيقة الاستخباراتية حدَّدت عددَ الهجمات التي تعرَّضت لها أهداف سعودية بـ155 هجوماً، بين يناير/كانون الثاني ومايو/أيار، وهو ما يفوق بكثير ما اعترفت به الرياض رسمياً.
وأضافت "ميدل إيست آي" أنَّ التقرير صادر عن مركز الإمارات للسياسات، الذي وصفته بأنه "وثيق الصلة بالحكومة وأجهزة المخابرات"، وذلك في إطار إصدارات شهرية حول السعودية، مخصصة لدائرة ضيقة في قيادة البلاد.
ولفتت إلى أنَّ التقرير ينتقد أداء دبلوماسية المملكة، إزاء هجمات تعرَّضت لأهداف حيوية، وكَشْف الرياض مباشرة عن جميع التفاصيل، وتوجيه اتهامات لإيران.
انتقاد إماراتي لطريقة تعامل السعودية مع الهجمات
ويُقارن التقرير ردَّ الرياض الهلع على الهجوم الذي تعرَّضت له أربع ناقلات قبالة ميناء الفجيرة، في 12 مايو/أيار، مع ردّ الفعل الإماراتي.
ويوضح أنَّ وزير خارجية الإمارات لم يوجه اتهاماً بالمسؤولية لطرف بعينه، ولم يُشِر إلى إيران كطرف يقف وراء الهجوم.
ويقول التقرير: "أكد الموقف الإماراتي أهمية استكمال التحقيق قبل اتخاذ أي قرار، ولقد توخَّى الإماراتيون الحرصَ على ألا يعزى الفضل للحوثيين، حتى لا يُسهم ذلك في تعزيز مكانتهم الدولية" .
ويوضح أن ذلك هو النهج الذي تتبنَّاه دولة الإمارات العربية المتحدة حينما تقع هجمات خطيرة، ثم يمضي ليعترف بوقوع هجوم حوثي على مطار أبوظبي، رغم أن دولة الإمارات العربية كانت قد نفت رسمياً وقوع الهجوم في حينه.
وجاء في التقرير: "هذا هو النهج الذي يتَّبعه الإماراتيون حينما تقع هجمات خطيرة، مثل ذلك الهجوم الذي استهدف مطار أبوظبي (وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنه)، لقد تركوا الباب مفتوحاً أمام التحقيق لاتهام إيران من خلال الدليل الذي توفره هذه الهجمات" .
وأضاف: "بدلاً من ذلك، قدَّم وزير الطاقة خالد الفالح وصفاً تفصيلياً لمرافق الطاقة التي تم استهدافها، وللمهاجم، وللأسلحة المستخدمة، ولتداعيات تلك الهجمات على سوق الطاقة العالمي، وهي تفاصيل كان بالإمكان تأجيلها إلى حين تقديم التقرير إلى مجلس الأمن الدولي" .
وهذا التقرير الاستخباراتي واحد من سلسلة شهرية يُعدها مركز السياسات الإماراتي، وهو مركز بحث وتفكير على صلة وثيقة بالحكومة الإماراتية وبأجهزة المخابرات فيها.
ضعف الدفاعات السعودية
ويكشف التقرير عن ضعف شديد في القدرة الدفاعية السعودية أمام الطائرات المسيّرة المسلحة التي يستخدمها الحوثيون.
ويؤكد أنه ما بين يناير/كانون الثاني ومايو/أيار، شُنَّ 155 هجوماً ضدّ أهداف سعودية في اليمن، وفي مختلف أرجاء الخليج، وهو رقم أعلى بكثير من كل ما تم الاعتراف به من قبل.
ويقول التقرير: "يُثبت الهجوم على قاعدة لحج العسكرية ضعف الدفاعات الجوية السعودية، وانعدام القدرة لديها على خوض حرب إلكترونية إذا ما أخذنا بالحسبان حقيقة أن تلك الطائرات المسيرة بسيطة، ولا يتم إطلاقها من مدرج" .
وبحسب ما ورد في التقرير، فقد شنَّ السعوديون هجوماً جوياً على الكهوف في اليمن، حيث تخزن هذه الطائرات المسيرة، ولكن دون جدوى.
وجاء في التقرير: "ليس لدى الدفاعات الجوية، مثل الباتريوت، القدرة على اكتشاف هذه الطائرات المسيرة؛ لأنَّ هذه الأنظمة الدفاعية صُممت لاعتراض صواريخ سكود طويلة ومتوسطة المدى" .
ويكشف التقرير عن أنَّ مطار نجران تعرَّض للضرب مراراً وتكراراً من قِبَل الطائرات المسيّرة للحوثيين، وذلك على الرغم من أنه محميّ ببطارية من صواريخ باتريوت.
ويبدو أن نجاح هجمات الطائرات المسيرة التابعة للحوثيين قد أثّر على معنويات الجنود السعوديين الموجودين على حدود المملكة الجنوبية.
اعتماد على "أمريكا المرتبكة" في موقفها من إيران
ويشير التقرير الإماراتي إلى مدى اعتماد السعوديين على السياسة "المرتبكة" للولايات المتحدة تجاه إيران.
ويكشف عن أن الدوائر الإعلامية داخل الديوان الملكي السعودي "تتابع باهتمام بالغ" تحليلاً صادراً عن ستيفن والت، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة هارفارد.
وكان والت قد أشار إلى أنَّ أهداف الولايات المتحدة تجاه إيران تأرجحت ما بين التخلي عن حلفائها الإقليميين وتغيير النظام في إيران.
يقول التقرير: "لقد كشف تحليل والت عن تبعات اعتماد المملكة على السياسة الأمريكية المرتبكة تجاه إيران، حيث لا توجد سياسة واضحة بأهداف وأدوات محددة تُظهر الموقف الأمريكي".