وقع كل من قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي، السبت 17 أغسطس/آب 2019، الوثيقة الدستورية المتعلقة بالمرحلة الانتقالية في السودان.
وجرت مراسم التوقيع التي أطلق عليها اسم "فرح السودان"، في "قاعة الصداقة" بالعاصمة الخرطوم، بحضور لفيف من الزعماء والشخصيات الإقليمية والدولية.
ووقع الوثيقة كل من نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بينما وقعها عن قوى إعلان الحرية والتغيير القيادي فيها أحمد الربيع.
وشهد مراسم التوقيع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكري، والوسيطان الإفريقي محمد الحسن ولد لبات، والإثيوبي محمود درير، وكان بين الحضور وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو.
وأفاد مراسل الأناضول بأن الآلاف توافدوا إلى مقر التوقيع وهم يحملون الأعلام، ويرددون الشعارات الوطنية.
وشهدت "قاعة الصداقة" إجراءات أمنية مشددة، وأغلقت السلطات الأمنية منذ الصباح الباكر الطرق الرئيسية المؤدية إلى القصر الرئاسي والقيادة العامة للجيش، وانتشرت قوات الأمن بكثافة في شوارع الخرطوم.
تفاؤل حذر
وبينما أعرب السودانيون عن سعادتهم بهذه اللحظة الفارقة من تاريخ بلدهم بعد الإطاحة بالبشير، إلا أن القلق ما يزال يساروهم، خشية من أن يكون مصير هذا الاتفاق كمصير اتفاقات سابقة تعرضت للعرقلة والفشل.
وينظر سودانيون إلى هذا الاتفاق على أنه "اتفاق تاريخي" فإذا نجح فذلك سينقل بلدهم بشكل فعلي إلى مرحلة الحكم المدني الذي لطالما طالب به المحتجون منذ إزاحة البشير، وأما في حال فشله فسيُدخل ذلك السودان في دوامة أخرى من الخلافات بين الجيش والمعارضة، قد تولد عنفاً ضد المحتجين.
وفي 4 أغسطس/آب 2019، وقع المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير بالأحرف الأولى وثيقة "الإعلان الدستوري"، بوساطة من الاتحاد الإفريقي. واتفق الطرفان على جدول زمني لمرحلة انتقالية من 39 شهراً يتقاسمان خلالها السلطة، وتنتهي بإجراء انتخابات.
وأنهى الاتّفاق الذي تم التوصل إليه في 4 أغسطس/ آب الجاري، ما يقرب من ثمانية أشهر من الاضطرابات التي بدأت بتظاهرات حاشدة ضدّ الرئيس البشير، الذي أطاح به الجيش في نيسان/أبريل بعد 30 سنة من التربّع على كرسي الحكم.
ويشهد السودان اضطرابات متواصلة منذ أن عزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل/نيسان الماضي، عمر البشير من الرئاسة (1989 – 2019)، تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.
مجلس الحكم الانتقالي
وغداة توقيع الاتفاق سيتم غداً الأحد الإعلان عن تشكيلة مجلس الحكم الانتقالي الجديد الذي سيشكّل المدنيون غالبية أعضائه.
وكان قادة الحركة الاحتجاجية أعلنوا يوم الخميس الفائت، أنّهم اتّفقوا على تعيين المسؤول السابق في الأمم المتحدة عبد الله حمدوك، وهو خبير اقتصادي مخضرم، رئيساً للوزراء.
ومن المتوقّع أن يركّز حمدوك جهوده على إصلاح الاقتصاد السوداني الذي يعاني من أزمة منذ انفصل الجنوب الغني بالنفط في 2011 عن الشمال، والذي شكّل شرارة الاحتجاجات ضد حكم البشير.
لكنّ العديد من السودانيين يشكّكون في قدرة المؤسسات الانتقالية على كبح جماح قوى النخبة العسكرية خلال فترة السنوات الثلاث التي ستسبق الانتخابات.
وسيحكم البلد الذي يبلغ عدد سكانه 40 مليون نسمة، مجلس سيادة سيتألف من 11 عضواً غالبيتهم من المدنيين، بحسب الاتفاق الذي ينصّ على أنّ وزيري الداخلية والدفاع سيعيّنان من قبل المجلس العسكري.
ويشكّك البعض من المعارضين في قدرة الاتفاق على الحدّ من سلطات الجيش وضمان العدالة لنحو 250 متظاهراً قتلوا على أيدي قوات الأمن.