قالت شركة فيسبوك، عملاقة التواصل الاجتماعي، الخميس 1 أغسطس/آب 2019، إن أشخاصاً مرتبطين بحكومة السعودية أداروا شبكة من الحسابات والصفحات المزيفة على فيسبوك، للترويج لدعاية الدولة ومهاجمة الخصوم في المنطقة.
وقالت فيسبوك إنها أغلقت أكثر من 350 حساباً وصفحة عليها جميعاً نحو 1.4 مليون متابع، في أحدث حملة ضمن جهود مستمرة لمحاربة "السلوك المزيف المنسق" على منصتها، وفي أول نشاط من نوعه تربطه بالحكومة السعودية.
وتلجأ دول في الشرق الأوسط بشكل متزايد إلى مواقع مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب، لشنِّ حملات سرية للتأثير السياسي على الإنترنت.
شبكة حسابات سعودية مزيفة لمهاجمة قطر
وكشفت رويترز تفاصيل حملة موسعة تدعمها إيران، العام الماضي، كما تواجه الرياض اتهامات باستخدام الأساليب ذاتها لمهاجمة غريمتها قطر، ونشر معلومات غير حقيقية، في أعقاب مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي.
ونفت السعودية مراراً الضلوع في مقتل خاشقجي، ولم ترد على مزاعم سابقة بشأن أنشطتها على مواقع التواصل الاجتماعي. وفرضت المملكة مع حلفاء لها مقاطعة تجارية ودبلوماسية على قطر، متهمة إياها بدعم الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة.
وأعلنت فيسبوك شنّ حملات على "السلوك المزيف" عدة مرات في الشهر، لكن نادراً ما تربط البيانات مثل هذه الأنشطة مباشرة بحكومة.
وقال ناثانيال جليتشر، مدير سياسة الأمن الإلكتروني في فيسبوك "بالنسبة لهذه العملية، استطاع محققونا التأكد من أن الأشخاص الذين يقفون وراءها مرتبطون بالحكومة السعودية".
وأضاف: "في أي مرة تكون هناك صلة بين عملية معلومات وحكومة، يكون ذلك مهماً وينبغي أن يعلم الناس".
إضافة لشبكات تسويق في مصر والإمارات
وقالت فيسبوك اليوم أيضاً إنها أغلقت شبكة منفصلة تضم أكثر من 350 حساباً مرتبطاً بمؤسسات تسويق في مصر والإمارات. لكنها لم تربط هذا النشاط مباشرة بحكومة في هذه الحالة.
وقال جليتشر إن الحملة السعودية كانت نشطة على موقعي فيسبوك وإنستغرام، واستهدفت بشكل أساسي دولاً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بينها قطر والإمارات ومصر وفلسطين.
واستخدمت الحملة حسابات مزيفة، تتظاهر بأنها من مواطني تلك الدول، كما صممت صفحات لتبدو مثل مواقع إخبارية محلية. وقالت فيسبوك إن أكثر من 100 ألف دولار أنفقت على الإعلانات.
وقال جليتشر: "عادة ما ينشرون بالعربية عن أخبار المنطقة والقضايا السياسية. ويتحدثون عن أمور مثل ولي العهد محمد بن سلمان وخطته للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، ونجاحات القوات المسلحة السعودية، ولاسيما في حرب اليمن".
ساحة معارك بين الدول على فيسبوك
تتعرض شركات التواصل الاجتماعي لضغوط متزايدة للمساعدة في وقف التأثير السياسي غير المشروع على الإنترنت. وقال مسؤولون في المخابرات الأمريكية إن روسيا استخدمت فيسبوك وغيرها من المنصات للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، ويشعرون بالقلق من أنها ستفعل ذلك مرة أخرى في عام 2020. وتنفي موسكو مثل هذه المزاعم.
وقال بن نيمو، من مختبر التحاليل الجنائية الرقمية التابع للمجلس الأطلسي، والذي يعمل مع فيسبوك لتحليل حملات التأثير، إن عمليات المعلومات على الإنترنت أصبحت مرئية بشكل متزايد، مع تبني مزيد من الحكومات والجماعات السياسية تلك الأساليب وتكثيف شركات وسائل التواصل الاجتماعي جهودها للتصدي لها.
والشركة تواصل التصدي "للسلوك العنيف"
وأعلنت فيسبوك عن 11 عملية للتصدي "للسلوك المزيف" من 13 دولة مختلفة حتى الآن هذا العام. وتضمن الإعلان الأخير في الأسبوع الماضي حسابات يديرها أشخاص في تايلاند وروسيا وأوكرانيا وهندوراس.
وقالت فيسبوك إن الشبكة التي مقرها الإمارات ومصر والتي تم تفكيكها اليوم الخميس أيضاً كانت منفصلة عن الحملة السعودية، رغم أنها استهدفت بعض الدول نفسها في الشرق الأوسط وإفريقيا، برسائل تروج لدولة الإمارات.
وقال نيمو "هذا يدل على مدى تحول وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة معركة، ولاسيما في الخليج، حيث توجد خصومات إقليمية قوية وتقليد طويل من العمل من خلال الوكلاء".
وأضاف "يصبح هذا أمراً طبيعيا إلى حد بعيد… حيثما تتصاعد التوترات الجيوسياسية تحدث أشياء مثل هذه، ونحن ننتقل إلى فضاء تتعامل فيه المنصات مع ذلك بشكل شبه روتيني".