قال رئيس لجنة التحقيق السودانية، فتح الرحمن سعيد، السبت 27 يوليو/تموز 2019، إن 87 شخصاً قُتلوا عندما فضَّت قوات الأمن اعتصاماً للمحتجين في الثالث من يونيو/حزيران الماضي، وهو ما رفضته المعارضة السودانية، التي أوضحت أسباب الرفض.
وأشار سعيد إلى أن أفراداً من قوات الأمن أطلقوا النار على المحتجين الذين كانوا في الاعتصام المُطالِب بتسليم الجيش للسُّلطة إلى مدنيين.
وقال إن ثلاثة ضباط خالفوا الأوامر، بإدخال قوات الأمن إلى موقع الاعتصام خارج مقر وزارة الدفاع، وهي منطقة تركزت فيها الاحتجاجات التي أدت إلى عزل الرئيس عمر البشير في 11 أبريل/نيسان الماضي.
ولفت سعيد إلى أن 17 ممن قُتلوا كانوا في ساحة الاعتصام، وأن 48 من الجرحى أصيبوا بأعيرة نارية، مضيفاً أن أمراً صدر بجلد المحتجين، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز.
وكان مسعفون من المعارضة قد قالوا إن 127 شخصاً قُتلوا وأصيب 400 خلال الفض، في حين قالت وزارة الصحة بالبداية إن عدد القتلى 61.
واتهم سعيد من وصفهم بـ "بعض المتفلّتين" باستغلال تجمُّع المتظاهرين، "وكوَّنوا تجمعاً آخر، وذلك بما يُعرف بمنطقة كولمبيا، وتمت فيه ممارسات سلبية وغير قانونية (…)، أصبح مهدِّداً أمنياً، مما اضطر السلطات إلى اتخاذ الترتيبات اللازمة لتنظيف هذه المنطقة"، بحسب تعبيره.
المعارضة ترفض التقرير
وقوبل تقرير لجنة التحقيق برفض واسع بين أحزاب المعارضة السودانية، التي عددت أسباب رفضها، معتبرة أنه "مطعون في نزاهته"، وكان هدفه "إخفاء الحقائق ودفنها تحت الركام".
وقالت "قوى إعلان الحرية والتغيير" قائدة الحراك الاحتجاجي بالسودان، في بيان: "نرفض نتائج لجنة التحقيق التي كوَّنتها النيابة العامة بالكامل، كما رفضنا من قبلُ إجراءات تكوينها شكلاً وموضوعاً".
وأضافت: "نصرُّ على لجنة التحقيق المستقلة، ليس في فضِّ اعتصام القيادة العامة والمجزرة المصاحبة له فحسب، بل في كل الحوادث والجرائم منذ يوم 11 أبريل/نيسان 2019 (تاريخ إعلان المجلس العسكري خلع الرئيس عمر البشير) وحتى اليوم".
وعن أسباب رفض نتائج التحقيق، قالت "قوى التغيير" إن "الرفض الإجرائي (مَردُّه) أن لجنة التحقيق كُوِّنت بتكليف من المجلس العسكري، وهذا يطعن في نزاهتها، لأن المجلس العسكري نفسه متهم في هذه القضية".
واعتبر البيان أن المجلس العسكري "خصم" في قضية فض الاعتصام، مستدركاً: "لا يمكن أن يكون الخصم هو الحَكم".
وشدد البيان على أن المجلس العسكري متهم أيضاً "بحكم مسؤوليته عن أمن وسلامة المواطنين، ولأن تصريحات بعض عضويته الموثَّقة كان فيها إقرار باتخاذ القرار بفضِّ الاعتصام".
اتهامات لأطراف غامضة
وقالت "قوى التغيير" إن أسباب رفضها نتائج التحقيق ترجع أيضاً إلى أن "اللجنة لم تشمل فرقاً متخصصة أخرى كان يمكن أن تسهم في الوصول إلى نتائج أكثر جدية"، مضيفةً: "مثلاً، قضايا الاغتصاب يجب أن يشارك في التحقيق فيها مختصون نفسيون واجتماعيون".
كما أشارت القوى إلى أنها على المستوى العملي ترفض تقرير اللجنة، لأن "التحقيقات لم تُبيِّن بوضوحٍ الجهات المتهمة، بل وجَّهت الاتهام بحروف غامضة إلى أشخاص غامضين".
ولفتت إلى أنه كان على اللجنة نشر الأسماء كاملة ومسؤولية الجهات المختصة بالحجز والتحفظ عليهم، كما اعتبرت أن اللجنة خرجت "بإحصائات معيبة وناقصة للشهداء والضحايا والجرحي".
وأشار بيان المعارضة أيضاً إلى أن لجنة التحقيق لم تشر إلى المفقودين، ولم تجرِ أي تحقيق في هذا الجانب.
وشددت "قوى إعلان الحرية والتغيير" على تشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة لإجراء تحقيق شفاف ودقيق بدعم إفريقي، وفقاً لما ورد في الوثيقة الدستورية (الإعلان الدستوري)، الذي يجري التفاوض عليه مع المجلس العسكري.
بدوره، قال حزب المؤتمر السوداني، أحد مكونات تحالف "نداء السودان"، في بيان: "كما هو متوقع، لم تخيّب لجنة التحقيق الظنون فيها، إذ بثت تقريراً تمت صياغته بهدف واحد لا غير، هو إخفاء الحقائق ودفنها تحت الركام".
ومن جهته، قال القيادي بـ "قوى الحرية والتغيير"، محمد ضياء الدين، على صفحته بـ "فيسبوك"، إن "لجنة التحقيق المستقلة حول مجزرة فض الاعتصام، (ستتشكل) عند تكوين السلطة الانتقالية المدنية بنص الوثيقة الدستورية".
في حين قال القيادي بـ "قوى الحرية والتغيير"، محمد الحسن المهدي، على صفحته بموقع فيسبوك، إن "تقرير لجنة التحقيق التي كوَّنها المجلس العسكري لا يعنينا في شيء".
كذلك اعتبر القيادي بـ "الحرية والتغيير"، مدني عباس مدني، على صفحته بـ "فيسبوك"، أن "ما خرجت به لجنة التحقيق لن يكون ذا قيمة للجنة التحقيق المستقلة، ولن يحول دون تكوينها وقيامها بمهامها، قضايا الشهداء والانتهاكات التي حدثت قضايا لا يحجبها أي اتفاق سياسي، ولن تسقط بالتقادم".
وفي 3 يونيو/حزيران الماضي، شكَّل النائب العام السابق، الوليد سيد أحمد محمود، لجنة تحقيق في حادثة فض الاعتصام أمام قيادة الجيش بالخرطوم.
وتضم اللجنة، وفق قرار النائب العام، رؤساء نيابات عامة، ووكلاء أعلى نيابات، ووكلاء أوائل نيابات، وممثلين للشرطة، وللقضاء العسكري.