أصبح بوريس جونسون رئيسَ وزراء بريطانيا الجديدَ، بعد انتصار ساحق في انتخابات حزب المحافظين الحاكم، الثلاثاء 23 يوليو/تموز 2019، بعدما حصل على أكثر من 92 ألف صوت، بينما حصل منافسه جيريمي هانت على نصف هذا العدد، وهو قرابة 47 ألف صوت، في انتخابات حزب المحافظين التي لا يرضى عنها عموم الناخبين في بريطانيا، ويشعر البعض تجاهها بنوع من الإحباط وفقاً لاستطلاعات الرأي، ويشعرون أنهم خارجون عن العملية، لاختيار من سيقود البلاد في أزمة الخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث تمكن فقط 160,000 عضو من حزب المحافظين من التصويت لصالح رئيس الوزراء الجديد، مما يؤدي إلى تهميش 99% من الناخبين المسجلين.
ويبدو أن كافة المؤشرات تؤكد أن فوز جونسون بالمنصب سيؤدي إلى اضطراب سياسي. من المتوقع أن يستقيل العديد من وزراء الحكومة، بسبب خطة بوريس جونسون بشأن مغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وأبرزهم وزير الخزانة البريطاني فيليب هاموند، الذي أدلى في تصريحات تلفزيونية أوردتها وكالة "بلومبرغ" الأمريكية، يوم الأحد، أنه "يتفهم أنه في حال أصبح جونسون رئيساً للوزراء سيمضي قدماً في تنفيذ خططه، التي تضمن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في 31 من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، سواء تم التوصل لاتفاق مع الأوروبيين أو لم يتم، وهو ما لا أستطيع الموافقة عليه نهائياً.. وبالتالي أنتوي تقديم استقالتي لتيريزا ماي، قبل اختيار رئيس وزراء جديد يوم الأربعاء المقبل".
وإلى جانب الاضطراب السياسي يتخوَّف الغالبية من السياسيين، ويشككون في كفاءة جونسون، خاصة بالنظر إلى سجله المتقلب في الأدوار السابقة كرئيس لبلدية لندن ووزير خارجية البلاد، بغض النظر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الداعم الأبرز لرئيس الوزراء البريطاني الجديد، والذي كان أول المهنئين له بالفوز بالمنصب.
بالنظر إلى شخصية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فهي متقاربة جداً مع شخصية رئيس الوزراء البريطاني الجديد، ليس فقط أن كلاهما بشعر أشقر وتسريحة مميزة، وأن مكان الولادة نيويورك، إنما يتشابهان أكثر في المعتقدات العنصرية، والمواقف المتهورة، التي تبدو في عيون مؤيديهما شجاعة، على سبيل المثال تصريح جونسون، الذي أبدى إعجابه بمنهج ترامب الجنوني "إعجابي يتزايد يوماً بعد يوم بدونالد ترامب. ووصلت إلى قناعة بأن ثمة نهجاً في جنونه".
يتشابه الاثنان في التهور والتراجع عنه، في أحد التصريحات وصف جونسون المسلمات المنتقبات بصناديق البريد ولصوص البنوك، قبل أن يعتذر إبان حملته الانتخابية، ويفجر مفاجأة بعد أن كشف أن والد جده كان مسلماً، وعلى الطريقة ذاتها كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في وصف النساء بألفاظ مشينة، قبل أن يسارع إلى الاعتذار في بيان مصور.
وكلامهما يتميز بمواقف عنصرية غاية في الرجعية، خصوصاً تجاه المسلمين والمهاجرين، بالأخص ذوي الأصول الإفريقية، فجونسون هاجم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، بسبب أصوله الإفريقية، وهكذا ترامب عندما هاجم 4 برلمانيات بالكونغرس من ذوي الأصول الأجنبية، بينهم مسلمتان، رغم تمرير مجلس النواب مشروع قرار يدين تغريدات ترامب "العنصرية" ضد النائبات الأربع.
كما يتشاركان في موقف "معاد للإسلام"، ففي عام 2007 كتب جونسون في ملحق تمت إضافته إلى إصدار لاحق من كتابه "حلم روما"، أن الإسلام "تسبب في تخلف العالم الإسلامي لقرون"، وأن هناك شيئاً ما عن الإسلام يعوق التنمية في أجزاء من العالم، ونتيجة لذلك، كانت "المظلمة الإسلامية" عاملاً في كل صراع تقريباً… بينما لا يخفى موقف ترامب تجاه المسلمين، وهو الذي وصفته إحدى الصحف الأمريكية أنه تحوَّل إلى ملهم لكل كاره للإسلام، تحت مبدأ "أعتقد أن الإسلام يكرهنا".
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.