نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية تقريراً تحدثت فيه عن "سقوط" أسماء الأسد وتشوّه صورتها، وكيف تحولت "من جنيّة (كائن أسطوري يوصف عادة بأنه مجسم وأنثوي ذو جمال رائع وقادر على تقديم الهدايا) إلى مشعوذة" تدعم زوجها الذي يخوض حرباً ضد السوريين قتلت مئات الآلاف بعدما انتفضوا في وجهه منذ عام 2011.
وقالت الصحيفة إن أسماء الأسد كانت دائماً ما تُوصف بأنها نموذج للمرأة الشرقية العصرية؛ نظراً لأناقتها وذكائها، لكن الحرب في سوريا شوّهت تلك الصورة، ودفعتها للتركيز على الدعاية لزوجها بشار الأسد.
بداية الشهرة
وعادت الصحيفة إلى عام 2002 الذي مثّل بداية ظهور أسماء الأسد للمرة الأولى إلى جانب زوجها بشار، خلال زيارة رسمية إلى المملكة المتحدة، وقد استُقبل الزوجان في قصر باكينغهام، وأمضيا أربعة أيام خطفت خلالها أسماء الأضواء من زوجها واستحوذت على اهتمام الصحافة البريطانية حينها.
وصدرت حينها أعداد من الصحف الإنجليزية تصدرتها السيرة الذاتية لأسماء الأخرس، المولودة في بريطانيا، مع سرد لتفاصيل حياتها منذ ولادتها في عيادة بادينغتون عام 1975، مروراً بمنزل عائلتها الفاخر في ضاحية آستون، الذي ترعرعت فيه، والمدرسة التي تلقت فيها تعليمها الإنجليزي، ومعهد كينغز كوليج، حيث درست لاحقاً.
وأوضحت الصحيفة أن أسماء الأسد لفتت سريعاً الأنظار، وأصبحت "مصدر فخر للكثيرين بعد وصفها في الصحف البريطانية والغربية بأنها سيدة أولى عصرية ومثقفة".
وبحسب ما نقلت صحيفة "القدس العربي" عن "ليبراسيون"، فإن عام 2010 شهد بداية نهاية الظهور الدولي لأسماء الأسد واستعراض نجوميتها بين سيدات العالم والتربع على عرش السيدات الأولى العصريات.
وكان بشار الأسد وزوجته أسماء قد تعرّضا لعزلة دولية في عام 2005، بعدما اتُّهم الأسد باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وتعرض بشار حينها لضغوط دولية كبيرة، أسفرت في النهاية عن خروج جميع قوات الجيش السوري من لبنان، بعدما تواجدت فيه منذ عام 1976.
واستطاعت أسماء من جديد أن تجذب انتباه الصحف الفرنسية؛ إذ خصصت لها مجلة "باري ماتش" تقريراً من أربع صفحات في أحد أعدادها مع مقابلة خاصة، تطرقت أسماء خلالها لدراستها المعلوماتية وعملها كموظفة في مصرف استثماري.
تلميع صورة أسماء الأسد
وفي الجانب الشخصي من حياتها، أكدت أسماء أنها لم "تكن تتوقع أن تتزوج رئيس دولة"، وقالت: "كانت مفاجأة والحياة مليئة بالمفاجآت"، وكأنها كانت تتوقع مفاجأة أخرى قادمة وهي اندلاع الثورة السورية بعد ذلك بأشهر قليلة.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أوروبي كان يعمل في دمشق، قوله إن "عام 2008 شكّل منعطفاً في صورة السيدة السورية الأولى بتغيير مظهرها الخارجي وتبني أنماط جديدة في اللبس. كل ذلك كان ثمرة مخطط دعائي شامل تنفذه منذ 2006 إحدى أكبر مؤسسات العلاقات العامة في لندن تدعى "بيل بوتينغر"، التي تتمتع بخبرة واسعة في هذا المجال. وكان الهدف تقديم العائلة الرئاسية بأنها عائلة شابة منفتحة وتقدمية وراقية".
ويبدو أن تكلفة أشغال الشركة دفعها رجال أعمال سوريو الأصل يقيمون في لندن منذ أمد بعيد، جميعهم أصدقاء والد أسماء فواز الأخرس، الذي يعمل مع السفير السوري في لندن ومجموعة من رجال الأعمال النافذين الذين شكلوا لوبياً لصالح نظام الأسد، وهم من يقفون وراء زواج ابنته من الأسد.
وتم ترتيب الزواج بعد ستة أشهر من وصول بشار الأسد للحكم خلفاً لأبيه حافظ؛ إذ كان الزواج من أسماء السُّنية "بهدف إظهار الرئيس بمظهر آخر بعدما كانت الأقلية العلوية تسيطر على القصر"، وفقاً لما قالته "ليبراسيون".
وأوضحت الصحيفة أيضاً أن أطرافاً تشكك في بعض النقاط التي تم تداولها بشأن السيرة الذاتية لأسماء الأسد مثل دراستها للفرنسية، وعملها سابقاً في مصرف جي بي مورغان البريطاني.
بداية سقوط أسماء الأسد
منذ دخولها القصر الرئاسي، ركزت أسماء الأسد على تعزيز صورتها كسيدة أعمال طموحة، وأسست هيئة للتنمية كانت تحصل حصرياً على كل التمويلات الموجهة لمنظمات المجتمع المدني في سوريا بحكم منع الترخيص عن المنظمات غير الحكومية.
وحصلت المنظمة التي ترأسها أسماء على تمويلات ضخمة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتم منحها قطعة أرضية لإقامة مقرها، إذ بدت المنظمة واجهة مدنية لنظام الحكم العسكري.
وذكرت الصحيفة أن أسماء الأسد وبعد وصولها لقمة الصعود السياسي والإعلامي، هبطت بشكل سريع ومفاجئ منذ بداية سحق المتظاهرين على يد زوجها الرئيس الديكتاتور ربيع عام 2011.
وبعد أيام قليلة من اندلاع الثورة ظهرت أسماء على غلاف مجلة فوغ الشهيرة تحت عنوان "وردة الصحراء"، وأثار الموضوع الكثير من الجدل.
وبعد فترة صمت وغياب عن المشهد، ظهر اسم السيدة الأولى في مراسلات نشرتها صحيفة The Guardian البريطانية بينما كانت تسعى للتبضع، وحمل المقال عنوان: "القتل والتسوق"، وتحدثت فيه عن شراء أسماء الأسد عبر الإنترنت لأحذية لوبوتان، وأدوات للمائدة، ومواد للديكور، لقضاء عطلتها في منزلها باللاذقية.
ومع مرور الوقت وطول أمد الحرب، اضطرت أسماء الأسد للانخراط في حملة إعلامية لتلميع صورة النظام لدى السوريين، وكثفت من ظهورها الإعلامي لدعم عائلات القتلى والمصابين وزيارة المقاتلين في المشافي وتقبيل الأرامل والحضور لحفلات تخرج الطلاب وتوشيح الرياضيين.
وقبل سنة من الآن، أصيبت أسماء الأسد بسرطان الثدي، واعتبرت الصحيفة أن المرض شكّل لاحقاً جزءاً من الحملة الدعائية، إذ حاول مستشاروها إظهارها بمظهر السيدة القوية الشجاعة التي تقف إلى جانب شعبها في المواقف الصعبة.