أطراف في المعارضة السودانية ترفض الاتفاق مع المجلس العسكري

وقَّع الفرقاء السودانيون وثيقة اتفاق المرحلة الانتقالية المبرمة بين المجلس العسكري و «قوى الحرية والتغيير» لكن يبدو أن ذلك لم يرق للجميع.

عربي بوست
تم النشر: 2019/07/17 الساعة 21:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/17 الساعة 22:04 بتوقيت غرينتش
حميدتي أبرز وجوه المجلس العسكري السوداني/ رويترز

وقَّع الفرقاء السودانيون، صباح الأربعاء 17 يوليو/تموز 2019، بالأحرف الأولى، وثيقة اتفاق المرحلة الانتقالية المبرمة بين المجلس العسكري و "قوى الحرية والتغيير"، في العاصمة الخرطوم، وذلك بعد تأجيلٍ دامَ 3 أيام وجلسة مفاوضات استمرت ساعات بين الطرفين.

لكن مع المساء، تباينت ردود الفعل على الاتفاق بين الرفض والقبول، وتمحورت أسباب الرفض التي جاءت من قوى بارزة، بعضها منضوية في تحالف التغيير، حول عدم تلبية الاتفاق لمطالب الثورة، في حين رأت القوى المرحبة، وبينها حزب الأمة، أن الاتفاق سيضع نهاية لـ "الفراغ السياسي" في البلاد. 

أبرز بنود الاتفاق بين المجلس العسكري والمعارضة

ونص الاتفاق في أبرز بنوده، على تشكيل مجلس للسيادة (أعلى سلطة بالبلاد) من 11 عضواً: 5 عسكريين يختارهم المجلس العسكري، و5 مدنيين تختارهم "قوى التغيير"، تضاف إليهم شخصية مدنية يتم اختيارها بالتوافق بين الطرفين.

ويترأس أحد الأعضاء العسكريين المجلس 21 شهراً، بداية من توقيع الاتفاق، تعقبه رئاسة أحد الأعضاء المدنيين مدة اﻷشهر الـ18 المتبقية من الفترة الانتقالية (39 شهراً).

في حين ترك تحديد صلاحيات ووظائف وسلطات مجلس السيادة للوثيقة الدستورية، التي من المنتظر أن تشهد جلسات تفاوضية ستحدد أيضاً سلطات وصلاحيات رئيس الوزراء.

كما تم إرجاء التوقيع على وثيقة الإعلان الدستوري التي تتضمن صلاحيات وسلطات المجلس السيادي ورئيس الوزراء إلى الجمعة المقبل، وفق ما أعلنه ممثل "قوى إعلان الحرية والتغيير"، إبراهيم الأمين.

في حين أشار الوسيط الإفريقي محمد حسن ولد لبات، في كلمته، الأربعاء، خلال مراسم توقيع الاتفاق، إلى أن الإعلان الدستوري يتطلب "دراسة وتنقيحاً". 

والتي لم تُرضِ جميع مكونات المعارضة السودانية

الحزب الشيوعي، أحد مكونات "قوى التغيير"، كان أول من أعلن رفضه للاتفاق، معتبراً أنه "كرَّس هيمنة المجلس العسكري على كل مفاصل الدولة".

وتعهد الحزب، في بيان، باستمرار "التصعيد الجماهيري السلمي، حتى تحقيق أهداف الثورة"، و "الانتزاع الكامل للحكم المدني الديمقراطي".

وتابع أن "الاتفاق أغفل تفكيك النظام السابق، ومحاسبة رموزه الفاسدة، واستعادة أموال وممتلكات الشعب، وإلغاء القوانين المقيِّدة للحريات، وإعادة هيكلة جهاز الأمن، وحل كل الميليشيات وفق الترتيبات الانتقالية في الفترة الانتقالية".

ممثل قوى الحرية والتغيير خلال التوقيع على الاتفاق/ رويترز
ممثل قوى الحرية والتغيير خلال التوقيع على الاتفاق/ رويترز

في حين أعلنت "الجبهة الثورية" رفضها للاتفاق، باعتباره "لم يعالج قضايا الثورة"، و "تجاهَل أطرافاً وموضوعات مهمة".

وقالت "الجبهة الثورية"، في بيان، إنها "ليست طرفاً في الإعلان السياسي، الذي وُقّع عليه بالأحرف الأولى، ولن تُوافق عليه بشكله الراهن".

وتضم الجبهة حركات مسلحة متحالفة مع "نداء السودان"، أحد مكونات "قوى التغيير".

وحمل البيان توقيع رئيسَي حركتين مسلحتين متمردتين، هما رئيس حركة تحرير السودان/أركو مناوي (تقاتل الحكومة في إقليم دارفور/غرب)، ورئيس الحركة الشعبية/قطاع الشمال، مالك عقار (تقاتل الحكومة في ولايتي جنوب كردفان/جنوب، والنيل الأزرق/جنوب شرق).

واعتبروا أن الموقِّعين لا يمثلون كل "قوى الحرية والتغيير"

ولاحقاً، اعتبر "عقار"، في بيان منفصل، اطلعت عليه "الأناضول"، أن من وقعوا الاتفاق لا يمثلون كل "قوى الحرية والتغيير".

وأضاف أن الاتفاق "تجاهل قضايا مهمة يجري بحثها في (العاصمة الإثيوبية) أديس أبابا، وتم إحداث تقدُّم فيها، وعلى رأسها قضية السلام".

وتابع: "تم حوار عميق بين قيادات فاعلة في قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية السودانية".

واستدرك: "الاتفاق أضر بهذا الحوار، وما ورد فيه حول السلام لا يتجاوز العلاقات العامة".

من جانبه، قال رئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، في تغريدة على تويتر: "ما حدث من توقيع بالأحرف الأولى على اتفاق سياسي بين المجلس العسكري الانتقالي، وأطراف من قوى الحرية والتغيير، استهتار بالمشاورات التي تجري في أديس أبابا". وأضاف: "الجبهة الثورية السودانية ليست طرفاً في هذا الاتفاق".

عضو المجلس العسكري السوداني محمد حمدان دلقو/ رويترز
عضو المجلس العسكري السوداني محمد حمدان دلقو/ رويترز

وتشهد أديس أبابا مشاورات بين "الجبهة الثورية"، و قوى الحرية والتغيير"، للوصول إلى تفاهمات بشأن تحقيق السلام في مناطق النزاعات.

"شبكة الصحفيين السودانيين" المعارضة، وهي أحد مكونات تجمُّع المهنيين (أحد مكونات قوى التغيير)، أعلنت هي الأخرى في بيان، رفضها للاتفاق، وقالت إنّه يصب في "الاتفاقيات القديمة ذاتها التي لم تصنع واقعاً جديداً لشعبنا".

وأضافت: "والاتّفاق يُريد أن يقطع الطريق أمام المَد الثوري، من أجل الحفاظ على المُكتسبات والامتيازات التّاريخية لقلة من السُّودانيين على حساب أغلبية الشعب". 

لكن هناك من رحَّب بالاتفاق السوداني

قال حزب الأمة السوداني، أحد أعرق الأحزاب بالبلاد، إن الاتفاق "يعد توافقاً واسعاً حول إطار عملٍ يضع نهايةً للعنف المدمِّر والفراغ السياسي الطويل".

وأضاف في بيان: "يطوي شعبُنا اليومَ بموجب الاتفاق صفحةً مريرةً وقاسية من الانقسام والاستقطاب، ويبدأ صفحةً جديدة في سجلِّ الانتقال السياسي المأمول".

بدورها، رحبت حركة "الإصلاح الآن"، بتوقيع الاتفاق بين المجلس العسكري و "قوى إعلان الحرية والتغيير".

وأكد نائب رئيس "الإصلاح الآن" (إسلامية)، حسن عثمان رزق، أن الاتفاق السياسي بين الطرفين "خطوة إلى الأمام"، وفق وكالة الأنباء السودانية.

ومع ذلك، اعتبر رزق أن المعضلة تكمن في وثيقة الإعلان الدستوري التي تم تأجيل التوقيع عليها إلى الجمعة المقبل.

ويتولى المجلس العسكري، الحُكم منذ أن عزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل/نيسان الماضي، عمَر البشير من الرئاسة (1989-2019)، تحت وطأة احتجاجات شعبية، بدأت أواخر العام الماضي؛ تنديداً بتردي الأوضاع الاقتصادية.

ورغم توقيع الاتفاق ما يزال سودانيون يخشون من التفاف الجيش على مطالب الحراك الشعبي للاحتفاظ بالسلطة، كما حدث في دول عربية أخرى.

تحميل المزيد