اتخذ الاتحاد الأوروبي، الإثنين 15 يوليو/تموز 2019، بعض الخطوات والقرارات رداً على عمليات التنقيب التي تقوم بها تركيا شرق المتوسط، والتي وصفها بأنها "غير شرعية"، في حين ردّت أنقرة بتوعدها بأن هذه الإجراءات لن تؤثر على عمليات التنقيب التي تقوم بها.
وجاءت هذه الخطوات خلال اجتماع مجلس العلاقات الخارجية بالاتحاد الذي انعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، بمشاركة وزراء خارجية الدول الأعضاء بالتكتل الأوروبي، بحسب البيان الختامي للاجتماع.
واعتبر البيان أن أنشطة تركيا المتعلقة بالموارد الهيدروكربونية (النفط والغاز) شرق المتوسط، "غير شرعية"، مشيراً إلى اتخاذ الاتحاد عدداً من القرارات حيال هذا الوضع، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول.
وشملت القرارات الأوروبية:
– اقتطاع جزء من الأموال التي يقدمها الاتحاد لتركيا قبل انضمامها للكيان الأوروبي.
– مراجعة أنشطة البنك الاستثماري الأوروبي للإقراض في تركيا.
– تعليق المحادثات الجارية بين تركيا والاتحاد بخصوص اتفاقية الطيران.
– عدم عقد مجلس الشراكة، واجتماعات أخرى رفيعة المستوى تجري في إطار الحوار بين الاتحاد وتركيا.
وذكر البيان أنه "في حال مواصلة تركيا أعمال التنقيب عن الهيدروكربون، فإن الاتحاد سيعمل على وضع خيارات لمزيد من التدابير" .
وذكرت الأناضول أن الاتحاد الأوروبي قرر اقتطاع مبلغ من 4.45 مليار يورو تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديمها لأنقرة خلال الفترة من 2014-2020.
وكان بنك الاستثمار الأوروبي قد قدّم خلال العام 2018 مبلغاً يقدر بـ386 مليون يورو كقروض.
وبحسب الوكالة التركية أيضاً، فإن "اتفاقية الطيران التي تجري مباحثات بين تركيا والاتحاد، في الأساس لم تشهد تقدماً كبيراً بسبب سعي أوروبا لتضمينها الشطر الرومي من قبرص الذي لا تعترف به تركيا" .
واعتبرت الوكالة أن اللافت بهذه القرارات "أن الاتحاد اعتمد فيها على مقاربات اليونان والشطر الجنوبي من قبرص فقط، وهما عضوان بالكيان الأوروبي"، وأضافت أن "تركيا تتهم الاتحاد الأوروبي بجعل الشطر الجنوبي من قبرص عضواً به قبل التوصل لحل لقضية الجزيرة، وكأن الروم يمثلون الجزيرة بأكملها" .
تركيا ترد
وفي أول رد لها على القرارات الأوروبية، جددت تركيا تشديدها على عزمها مواصلة أنشطتها الخاصة بأعمال التنقيب شرق المتوسط، مشيرة إلى أن القرارات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي ضد هذه الأنشطة لن تؤثر عليها.
وجاء ذلك بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية، اليوم الثلاثاء، وقال البيان إن "عدم تطرق هذه القرارات إلى القبارصة الأتراك الذين لهم حقوق متساوية في الموارد الطبيعية لجزيرة قبرص، والتعامل معهم كأنهم غير موجودين، لأمر يوضح مدى انحياز الاتحاد الأوروبي وتحامله في تعاطيه مع أزمة الجزيرة" .
وأضاف بيان الخارجية قائلاً إن "هذه القرارات هي أحدث مثال على كيفية إساءة استخدام الثنائي اليوناني/الرومي لعضويتهما بالاتحاد الأوروبي، ومثال على كيف باتت دول الاتحاد الأوروبي الأخرى وسيلة فعالة في هذا" .
واستطرد: "كما أكدنا في الماضي مراراً وتكراراً، فإن أنشطة التنقيب عن الموارد الهيدروكربونية التي نقوم بها شرق المتوسط لها بعدان رئيسيان، هما حماية حقوقنا في جرفنا القاري، وحماية حقوق القبارصة الأتراك الأصحاب المشتركين للجزيرة، إذ لهم نفس الحقوق في الموارد الهيدروكربونية بالجزيرة" .
وأوضح البيان أنه "في البعد الأول، فإنه دون أن تحل أزمة الجزيرة لن يكون من الوارد دخول تركيا في مفاوضات مع الشطر الجنوبي الرومي لقبرص؛ للحد من مساحات السيطرة البحرية؛ وذلك لأن جمهورية قبرص ليست دولة حقيقية في نظرنا نحن والقبارصة الأتراك؛ لأنها لا تمثل القبارصة الأتراك منذ عام 1963" .
وبيّن أن "الجمهورية القبرصية التي قامت على المساواة السياسية للقبارصة الأتراك والروم، انتهت عام 1963″، مضيفاً: "والسبب الرئيسي لعدم حل القضية القبرصية حتى يومنا هذا، هو عدم اعتراف القبارصة الروم بالمساواة السياسية لنظرائهم الأتراك منذ العام 1963 وحتى الآن".
وشدد البيان على أن جمهورية شمال قبرص التركية هي الجهة التي تتعين على إدارة جنوب قبرص الرومية مخاطبتها، وليست تركيا، مضيفاً: "ومن ثم لن يكون بإمكان الاتحاد الأوروبي فهم القضية القبرصية، والمساهمة فيها بشكل بنّاء دون اعترافه بهذه الحيثيات، ودون اعتباره القبارصة الأتراك أصحاباً مشتركين في جزيرة قبرص، لكنه دأب على النظر إليهم على أنهم أقلية" .
وأضاف البيان: "أما في البعد الثاني، فإن إيجاد حل للأزمة لن يتحقق إلا من خلال ضمان حقوق القبارصة الأتراك. ولذلك فإن مقترح التعاون الثنائي الذي قدمه القبارصة الأتراك يوم 13 يوليو/تموز (الجاري) (للقبارصة الروم)، ولاقى دعماً كاملاً منا، يشكل فرصة هامة للغاية من أجل الحل" .
وأشار البيان إلى أن تركيا "ستواصل فيما هو قادم وبكل عزم مساعيها لحماية حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك، وستزيد من أنشطتها في هذا الاتجاه" .
كما أوضح البيان أنه "لا يوجد لدى الاتحاد الأوروبي ما يقوله لنا بهذا الخصوص؛ لا سيما أنه لم يفِ منذ 26 أبريل/نيسان 2004 بوعوده التي قطعها على نفسه لتركيا"، ولفت إلى أن "صدور هذه القرارات في يوم مهم للغاية بالنسبة للأتراك وهو الذكرى الثالثة للمحاولة الانقلابية الغاشمة التي وقعت يوم 15 يوليو/تموز، أمر له مغزى" .
يشار إلى أن كلاً من قبرص الرومية واليونان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومصر وإسرائيل، تعارض أعمال تركيا في التنقيب عن الغاز الطبيعي في المتوسط.