طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من ألمانيا أن ترسل قوات برية إلى سوريا لتحل محل القوات الأمريكية التي يريد سحبها من هناك، والرفض الألماني للطلب يطرح تساؤلات عديدة خصوصاً في ظل إعلان ترامب نفسه هزيمة داعش نهائياً، فما هي القصة الحقيقية وراء مطالبات ترامب لأوروبا عموماً وألمانيا تحديداً بأن تدفع مقابل حمايتها؟
بدأت قصة "ادفعوا مقابل حمايتنا لكم" منذ العام الماضي عندما أعلن ترامب موقفه الصادم لأعضاء حلف الناتو عموما وخصَّ ألمانيا بالتحديد، حينما قال إن ألمانيا "مدينة لواشنطن بمليارات الدولارات مقابل حمايتها" .
ترامب كرر طلباته المالية من ألمانيا وكان أكثر تحديد حينما طالب بمقابل الحماية إضافة إلى 50% فوائد.
خطة ترامب تقوم على أن تدفع ألمانيا، بصفتها تستضيف أكثر من 35 ألف عسكري أمريكي على أراضيها، تكلفة تلك القوات كاملة إضافة لـ50% مقابل الميزة التي تتمتع بها ألمانيا من ناحية الحماية بوجود تلك القوات.
تصريحات ترامب سببت نفوراً شديداً في الأوساط السياسية الألمانية، وبالتالي جاء طلبه الآن بإرسال قوات برية ألمانية ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية داعش ليثير جدلاً واسعاً انتهى سريعاً برفض ألماني حاسم.
ألمانيا الآن ملتزمة بموجب التحالف الدولي بتوفير طائرات تورنادو لأغراض استطلاعية وطائرات أخرى مهمتها تزويد طائرات التحالف بالوقود، وذلك بموجب تفويض من البرلمان الألماني (البوندستاج) لحكومة المستشارة أنجيلا ميركيل، وينتهي ذلك التفويض في 31 أكتوبر/تشرين الأول القادم وتعالت المطالبات بعدم تمديده بعد ذلك التاريخ.
لماذا يريد ترامب قوات لمحاربة داعش؟
النقطة الأخرى هنا هي أن ترامب كان أول من أعلن هزيمة داعش في سوريا والعراق بنسبة 100% وذلك في فبراير/شباط الماضي، وهو الآن يريد سحب القوات الأمريكية في سوريا والبالغ عددها 2500 لأسباب انتخابية، لذلك يريد من ألمانيا أن ترسل قوات لتحل محل قواته ولما رفضت ألمانيا تتردد التقارير الآن أن دولاً أوروبية أخرى ربما ترسل المزيد من الجنود.
في هذا السياق، ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية، الثلاثاء 9 يوليو/تموز أن بريطانيا وفرنسا تعتزمان إرسال قوات إضافية إلى سوريا، لسد الفراغ بسبب أي انسحاب أمريكي محتمل.، وأشارت الصحيفة، استناداً إلى مصادر في الإدارة الأمريكية، أن هذه الخطوة تأتي لسد أي فراغ قد ينتج نتيجة خفض ترامب لعدد قواته في سوريا.
ولفتت الصحيفة إلى أن البلدين سيزيدان عدد وحداتهما العسكرية (قوات النخبة) في سوريا بنسبة 10 إلى 15٪، بهدف محاربة تنظيم داعش الإرهابي.
وفي الوقت الذي رفضت فيه ألمانيا إرسال قوات إلى سوريا، تدرس إيطاليا قراراً حول إرسالها قوات عسكرية إلى المنطقة، ومن المتوقع أن تخفض الولايات المتحدة عدد قواتها في سوريا من 2500 عسكري إلى 400 عسكري فقط.
ألمانيا غير قادرة على حماية نفسها
ترامب لم يعجبه الرفض الألماني لإرسال قوات برية إلى سوريا التي تعتبر منطقة مهمة لأوروبا فمنها تدفق مئات الآلاف من اللاجئين والمزيد ربما يكونون في الطريق ما لم تستقر الأوضاع هناك، كما عبر عن الشكوك في قدرة أوروبا عموما وألمانيا خصوصا على حماية نفسها من المخاطر التي تأتي من الشرق الأوسط.
تأتي في هذا السياق مطالبات ترامب المتكررة لألمانيا بدفع الأموال مقابل الحماية أو إرسال الجنود للمشاركة في العمليات العسكرية بدلا من جنوده، وهو ما رفضته برلين، مما يعني أن الأمور بين البلدين ربما تكون في طريق شائك، خصوصا وأن النسبة المئوية بين الرأي العام الألماني للراغبين في مغادرة القوات الألمانية أراضيهم ازدادت مؤخرا لتصل إلى 42% في آخر استطلاع للرأي.