قال
علماء إنَّ فيروس البرد قد يشفي من السرطان، إذ وجدوا أنَّ أحد العلاجات
"الثورية" قادر على استئصال المرض خلال أسبوعٍ واحدٍ، نتيجة طريقة عمل
هذا الفيروس المعتاد!
ووصف بروفيسور العلاج الجيني، السويسري ماغنوس إيساند، فيروس البرد بأنه "قاتل محترف متخصص بقتل الأشرار في جسم الإنسان"، فهو لا يستهدف أي شيء آخر سوى خلايا السرطان.
فيروس البرد قد يشفي من السرطان
هذا الفيروس، الذي يعد رخيص الإنتاج، دقيق للغاية، مع آثار جانبية خفيفة شبيهة بالأنفلونزا لدى البشر.
بداية هذا الاكتشاف الذي يحمل في طياته أملاً كبيراً كانت في عام 2012. ونشرت وقتها صحيفة Telegraph مقابلة مع إيساند، الذي كان حذراً في وعوده، مؤكداً أن نجاح التجربة وقتها كان على الفئران فقط، ولم يتم اختبارها على البشر.
7 سنوات للأمام، توسَّع نطاق البحث ووصل إلى التجربة السريرية، ليثبت نجاحه في جسم الإنسان.
هل يُعقل أن يكون الحل بهذه البساطة؟
في تجربة بريطانية رائدة، حُقن 15 مشاركاً بالفيروس، قبل دخولهم إلى عملية جراحية لإزالة وفحص الأورام.
ووجدت الدراسة أنه في جميع هذه الحالات، دُمرت جميع الخلايا السرطانية تماماً؛ بل اختفى كل أثر للمرض في إحدى الحالات.
وقال العلماء إنهم كانوا "متحمسين جداً" للنتائج التي ظهرت في حالة المصابين بسرطان المثانة، وهو ما قد يجلب الأمل لمَن يعانون الأنواع الرئيسية الأخرى للمرض.
ووصفوا الفيروس بأنه قد يصبح "وكيلاً شاملاً" لمحاربة السرطان، ليحل محل العلاجات التقليدية كالعلاج الكيماوي.
وقال الباحثون لصحيفة The Telegraph البريطانية، إنَّه وإلى جانب تقليل حجم الأورام، لم تظهر لهذا العلاج -المحقون بقسطرة في المثانة- أي أعراض جانبية على أيٍّ من المرضى.
البداية مع سرطان المثانة
ويقول العلماء إنهم يأملون أن يكون العلاج متاحاً خلال فترة قصيرة تُقدَّر بثلاث سنوات فقط، وهو ما يمنح الأمل لآلاف المرضى الحاملين لأمراض يصعب علاجها.
ولا توجد خلايا مناعية ضد أغلب الأورام التي تظهر في المثانة، وهو ما يزيد صعوبة علاج هذا المرض تحديداً.
لكن الدراسة تشير إلى أن حقن سلالة من سلالات فيروس البرد العادي، معروفة باسم فيروس كوكساكي (CVA21)، كان قادراً على إلهاب الورم والتسبب في اندفاع الخلايا المناعية إلى البيئة السرطانية، مستهدفةً الخلايا السرطانية للقضاء عليها.
وقال العلماء إنه وبمجرد استهداف الفيروس للسرطان، يعمل على التكرار نفسه، وهو ما يزيد من قوة أثره.
فيروس البرد يصبح مصنعاً يستهدف السرطان
وعبَّر البروفيسور هارديف باندها، الباحث الرئيسي بالدراسة وأستاذ طب الأورام في جامعة سري، عن حماسته قائلاً: "إنَّنا متحمسون جداً حيال هذا. إذ يدخل الفيروس إلى السرطان ويبدأ في التكرر كأنه مصنع صغير للفيروسات. ويعمل على زيادة حرارة بيئة الورم، وهو دقيق جداً في استهداف السرطان، ويمتلك أقل درجة رأيتها من السُّمية على مدى سنوات طويلة".
ويأتي ذلك بالتزامن مع اختبار تجارب أخرى لدور فيروس البرد العادي في علاج عدد من السرطانات، من ضمنها الثدي، والأمعاء، والرئة، والجلد.
ثورة جديدة في علاج السرطان
ويقول د. باندها: "إنه كالوكيل الشامل؛ فبمجرد دخوله، يبدأ في القضاء على السرطان. ويمكن جمعه مع كثير من العلاجات الأخرى".
وتابع أن استخدام الفيروس قد يساعد على "إحداث ثورة" في علاج المرض.
وشملت الدراسة، التي أُجريت بالاشتراك مع مستشفى مقاطعة سري الملكية، مرضى بسرطان المثانة غير العضلي الذي يصيب الأنسجة الداخلية لسطح المثانة.
وحين اختُبرت عينات الأنسجة بعد العملية الجراحية، استطاع العلماء رؤية أن الفيروس يستهدف الخلايا السرطانية وحدها، مع بقاء الأنسجة الأخرى دون أذى.
علاوة على ذلك، تبيَّن أن الفيروس أصاب الخلايا السرطانية، وكرَّر نفسه ليتسبب في تمزق الخلايا وموتها.
أسبوع واحد من العلاج يكفي
وكشفت عينات البول المأخوذة من المرضى بعد العلاج "تخلُّص" الجسم من الفيروس.
وهو ما يعني أنه بمجرد موت الخلايا السرطانية المصابة بالفيروس، استمرت الفيروسات المتولدة حديثاً في مهاجمة مزيد من الخلايا السرطانية.
تقول نتائج البحث: "أمكن ملاحظة نقصان عبء الورم وزيادة موت خلايا السرطان في جميع المرضى، وقد زالت جميع آثار المرض من جسم أحد المرضى بعد أسبوع واحد من العلاج، وهو ما يُظهر إمكاناته من حيث الفاعلية. والجدير بالملاحظة، أنه لم تُلاحَظ أي آثار جانبية كبيرة على أي مريض".
العلاجات الأخرى لا تمنع عودة المرض
ويقول العلماء إن نجاح التجربة كان كبيراً بشكل ملحوظ؛ لأن العلاجات الحالية للمرض تحقق نجاحاً محدوداً.
فعلاجٌ مثل قطع البروستاتا عبر الإحليل (إجراء جراحي لإزالة الآفات الظاهرة كافة)، يملك احتمالية كبيرة لعودة المرض بمعدلات تتراوح بين 50% و70%.
وتقول د. نيكولا أنيلز، الباحثة الزميلة بجامعة سري: "ارتبطت الفيروسات التقليدية بالمرض؛ لكنها في الموقف المناسب قد تُحسِّن من صحتنا وسلامتنا العامة من خلال تدمير الخلايا السرطانية".
وتضيف أن استخدام الفيروسات "قد يغير الطريقة التي نعالج بها السرطان، وقد يبشر بابتعاد العلاجات الأكثر رسوخاً، مثل العلاج الكيماوي".
ويقول د. مارك لينش، من جمعية أبحاث السرطان في المملكة المتحدة: "هذه نتائج مُشجعة، رغم أنَّ العلاج ما يزال في مرحلةٍ مبكرة. وسيكون من المثير للغاية رؤية نجاح هذا العلاج الجديد المعتمد على الفيروسات في تجارب أكبر على المصابين بسرطان المثانة غير العضلي، خاصةً عند جمعه مع علاجات مناعية أحدث".