زراعة الأشجار يُمكن أن تكافح فعلياً تغير المناخ.. إذا بدأنا من الآن

الأشجار تقاوم تغير المناخ وتقف على الجبهة الأولى لمكافحة الاحتباس الحراري، فإذا نجح البشر في تعزيز هذه البشرى فقد يتغير مصير كوكب الأرض الذي يحذر منه العلماء.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/07/09 الساعة 04:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/09 الساعة 10:11 بتوقيت غرينتش
الأشجار تمتص الكربون الذي قمنا بضخه في الغلاف الجوي/ istock

الأشجار تقاوم تغير المناخ وتقف على الجبهة الأولى لمكافحة الاحتباس الحراري، فإذا نجح البشر في تعزيز هذه البشرى فقد يتغير مصير كوكب الأرض الذي يحذر منه العلماء.

أي بمعنى آخر، إذا زرعنا جميعاً الأشجار، فقد يُظلَّل نحو 4.4 مليار هكتار من سطح كوكبنا بالأشجار، وهو ما يكفي لامتصاص الكربون الذي قمنا بضخه في الغلاف الجوي على مدار عقود.

ففي مطلع هذا العام، حصر توماس كراوثر الباحث بجامعة ETH Zurich في سويسرا وزملاؤه، مهمتهم على تحديد كيفية الحدِّ من الانبعاثات قبل فوات الأوان.

وفي مؤتمر عُقد في فبراير/شباط الماضي، عرض كراوثر النتائج التي توصَّل إليها فريقه حول كيفية مساهمة تعظيم التنوع البيولوجي في حفظ الكربون في صورة خشب ومواد عضوية أخرى.

وقد نشروا الآن تفاصيل بحثهم وتضمنت الأخبار مزيجاً من الإيجابيات والسلبيات، وفق ما نشره موقع Science Alert الأسترالي.

الأشجار تقاوم تغير المناخ

واكتشف الفريق من خلال تقديرهم لقدرة الكوكب على استيعاب الغابات كثيفة الشجر، أنه إذا قمنا باستثناء الأجزاء من العالم التي توجد بها غابات بالفعل بالإضافة إلى المدن والأراضي الزراعية، فستكون هناك مساحة متبقية أقل قليلاً من مليار هكتار، لا يزال بإمكاننا زراعة بعض الأشجار فيها.

ولكن هناك مشكلة واحدة صغيرة، وهي أن مناخنا العالمي يتغير بسرعة، وهو ما يعني أنه خلال العقود القليلة القادمة ربما تتقلص المساحة القابلة للتشجير إلى حد كبير.

وبالنظر إلى أن اللجنة الدولية للتغيرات المناخية تدرج الغابات الجديدة المتنامية والغابات القديمة المتجددة في توصياتها لتجنب ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050، فإن النتائج الجديدة هي إضافة مرحب بها لبياناتنا.

فهل توجد مساحة كافية لزراعتها؟

وفي الوقت الذي يمكننا فيه تحطيم الأرقام القياسية في عدد الأشجار التي ربما نحتاجها لامتصاص الانبعاثات، إلا أننا نحتاج أيضاً معرفة ما إذا كانت لدينا مساحة لجميع تلك النباتات أم لا.

وقد قدَّمَت لنا دراساتٌ سابقة بعض التقديرات التقريبية التي يعتمد معظمها على سعة المناطق الإيكولوجية الحالية. 

وبينما نعلم أن هذه المناطق يمكن أن تتوسَّع، إلا أنها لم تخبرنا كثيراً عن سعة المناطق المفتوحة الأخرى.

ولتجنُّب تقييد أنفسهم وللحصول على إحصائيات دقيقة، استكشف فريق بحث كراوثر مجموعة من البيئات المحمية التي لم تتضرر كثيراً بفعل البشر.

واستناداً إلى تحليلهم لنحو 80 ألف قياس باستخدام أدوات محرك البحث جوجل إيرث، حصل الباحثون على تقديرٍ أفضل للكمية الفعلية للمساحات التي يمكن تخصيصها لزراعة الأشجار التي ستمتص الكربون.

وأظهرت تقديراتهم أن النباتات المتناثرة والتربة الجرداء الصالحة لزراعة الأشجار تغطي ما بين 1.7 و1.8 مليار هكتار من الأراضي في الوقت الحالي.

وإذا أمكن زراعة الأنواع الصحيحة من الأشجار في كل هذه المساحة، فسيوجد على الأرض 0.9 مليار هكتار من ظلال الشجر، وهو ما يكون قادراً على استيعاب نحو 200 غيغا طن من الكربون.

هذه السياسة قادرة على تحقيق الهدف

وربما تكون هذه الأرقام أعلى إذا ذهبنا إلى أبعد من ذلك وزرعنا أيضاً على الأراضي الزراعية وفي جميع المدن الحضرية. 

فنظرياً بإجمالي نحو 8.7 مليار هكتار من الأراضي يمكن زراعة الأشجار بها.

وربما ما نحتاجه الآن هو شيء من الجنون، لأن ظروف زراعة هذه الغابات تعتمد على ظروفنا المناخية الحالية. 

وإذا لم نغير المسار، فلن يوضع نحو 223 مليون هكتار -لا سيما بالمناطق الاستوائية- في الحسبان كأراضٍ محتملة صالحة لزراعة الغابات بحلول عام 2050، في ظل ارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض.

إنَّ حثَّ المجتمعات على زراعة الأشجار أينما أمكنهم ذلك هو -بلا شك- مسار العمل الصحيح، خاصةً إذا كان ذلك يشمل إعادة إحياء الغابات التالفة.

وقال كراوثر: "من المهم حماية الغابات الموجودة حالياً، وأن نبحث عن حلول مناخية أخرى، وأن نستمر في التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري من اقتصاداتنا، لتجنُّب التغير المناخي الخطير".

وأضاف: "إذا بدأنا العمل من الآن، فإن هذا ربما يخفض نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بنحو 25%، وهي مستويات شوهدت آخر مرة منذ قرن تقريباً".

إندونيسيا تقدم أولى بوادر الحل

ورغم أنه من السهل أن نكون متشائمين في ضوء التقارير التي تفيد بأن مساحة الأراضي المزروعة بالأشجار تقل كل عام، فإن هناك بصيصاً من الأمل.

فمنذ عدة سنوات جاءت إندونيسيا في طليعة الدول التي أعلنت وقف إزالة الأشجار. 

وقبل عقد من الزمن، وعدت النرويج بدفع مبلغ من المال إلى إندونيسيا إذا انخفضت معدلات إزالة الغابات.

وهذا ما حدث بالضبط في عام 2017. ففي شهر فبراير/شباط الماضي، دفعت النرويج مبلغاً مالياً إلى إندونيسيا.

وهذا هو النوع من الجهد الدولي الذي نحتاجه إذا أردنا التغلب على مشاكل العصر. فالمساحة اللازمة لزراعة الغابات موجودة، وكلُّ ما نحتاجه هو التكاتف لزراعتها.

تحميل المزيد