طالبان، وممثلون لنساء أفغانستان، ومسؤولون حكوميون كلُّهم وقَّعوا على البيان الختامي للمؤتمر الأفغاني للسلام الذي عُقد بالدوحة، في خطوة فارقة في تاريخ أفغانستان، وُصفت بأنَّها "خطوة أولى نحو السلام"، فما هي أبرز نقاط بيان المؤتمر الأفغاني للسلام، الذي يُمهِّد لإنهاء النزاعات الدامية التي شهدتها البلاد.
وكيف استطاع البيانُ الصادرُ عن هذا المؤتمر أن يُرضي هذه القوى السياسية المتباينة في انتماءاتها واتِّجاهاتها، وبعد كلِّ هذه السنوات من القتال؟
مشاركة نسائية واسعة النطاق
وأعلنت قطر اليوم 9 يوليو/تموز 2019، نجاح "المؤتمر الأفغاني للسلام"، الذي استضافته الدوحة على مدى يومين برعاية قطرية ألمانية مشتركة، معتبرةً التوصل إلى بيان ختامي مشترك "خطوة أولى نحو السلام".
جاء ذلك على لسان مطلق القحطاني، مبعوث وزير الخارجية القطري الخاص لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات، خلال كلمة ألقاها في ختام المؤتمر مساء أمس الإثنين 8 يوليو/تموز 2019، ونقلتها وكالة الأنباء القطرية.
والشخصيات التي حضرت المؤتمر شاركت بصفتها الشخصية، وكان اللافت وجود مشاركة نسائية واسعة بلغت 20% من الحضور.
وتعهَّدت حوالي سبعين شخصية أفغانية تمثل كلاً من حركة طالبان والحكومة والمعارضة والمجتمع المدني -في بيان صدر في ختام المحادثات- بإعداد "خارطة طريق للسلام".
ومن بين هذه الخطوات التأكيد على حماية كرامة الشعب الأفغاني، والإفراج غير المشروط عن السجناء، وضمان أمن المنشآت العامة، واحترام حقوق النساء.
كما اتَّفق المشاركون على ضرورة ألا تشهد أفغانستان حرباً أخرى، ودعوا إلى تغليب لغة الحوار وتجنُّب الانتقام والتهديدات.
وقال القحطاني إنه التقى أكثر من 60 أفغانياً، يمثلون جميع أطياف المجتمع الأفغاني، بما فيهم النساء و "طالبان" وممثلون من الحكومة، مبيناً أنَّهم اجتمعوا بصفتهم الشخصية، لمناقشة سبل إنهاء الصراع في البلاد.
المؤتمر تزامن مع مباحثات سلام بين طالبان والولايات المتحدة
وتزامن المؤتمر مع الجولة السابعة من المباحثات بين الولايات المتحدة و "طالبان"، التي تستضيفها الدوحة منذ 29 يونيو/حزيران الماضي، وجرى تعليقها حتى الثلاثاء، لإفساح المجال أمام مؤتمر الحوار الأفغاني.
وسوف تستأنف اليوم الثلاثاء الجولة السابعة من المفاوضات التي تجري بين واشنطن وحركة "طالبان"، التي بدأت الأسبوع الماضي، بعد ختام مؤتمر الحوار الأفغاني-الأفغاني.
وأكَّد الطرفان على تحقيق تقدم ملموس في هذه الجولة، فيما يتعلق بانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، والضمانات بعدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
من جانبه، قال ماركوس بوتزل، المبعوث الألماني إلى أفغانستان وباكستان، إن "نجاح المؤتمر يعد أولى خطوات إنهاء العنف في أفغانستان".
وأعرب بوتزل عن سعادته باتفاق الأطراف المشاركة في المؤتمر على إصدار بيان ختامي مشترك كوثيقة ناتجة عن الحوار الأفغاني-الأفغاني.
أبرز نقاط بيان المؤتمر الأفغاني للسلام
بدا واضحاً أن البيان يحاول إرضاء الأطراف الثلاثة، أفغانستان والحكومة والمجتمع المدني، كما أنه حاول إغلاق باب عودة القتال.
ولذا فقد أكد البيان على اتفاق جميع المشاركين في المؤتمر على أنَّ تحقيق سلام مستدام في أفغانستان لن يتم إلا عبر مفاوضات أفغانية شاملة.
كما شدَّد المشاركون على أهمية تجنيب أفغانستان الدخول في حروب أخرى، وأن يكون حوار السلام مهم وحاسم بين مختلف أطياف المجتمع.
وبدا البيان حريصاً على إرضاء التوجه الإسلامي لطالبان وقطاع كبير من المجتمع الأفغاني، وفي الوقت ذاته احترام التنوع الكبير الذي تحظى به أفغانستان.
إذ أكد البيان على أن "أفغانستان دولة إسلامية موحدة، وموطناً لكل الأعراق المختلفة، وذات سيادة إسلامية".
وشدَّد البيان على أنه "من أجل التوصل إلى مفاوضات أفغانية فعالة لا بد من الالتزام ببعض النقاط، أبرزها تجنُّب أطراف الأزمة التهديدات والانتقام والحرب الكلامية، وتغليب لغة الحوار خلال الاجتماعات الرسمية، وعدم تأجيج الصراع".
كما أبدى البيان الختامي دعم المشاركين لمحادثات السلام الجارية في الدوحة.
خارطة طريق للسلام قائمة على ستة شروط
واتَّفق المشاركون على خارطة طريق للسلام، قائمة على ستة شروط، هي:
– تأسيس النظام الإسلامي للدولة لتطبيق السلام الشامل.
– بدء عملية السلام بالتزامن مع إنجاز كافة هذه البنود.
– رصد ومتابعة تنفيذ اتفاق السلام.
– إصلاح كافة المؤسسات الحيوية التي تعود بالنفع على الشعب الأفغاني.
– دعم الدول المانحة لمرحلة ما بعد اتفاق السلام.
– ضمان عدم تدخل الدول الجارة والإقليمية في الشأن الأفغاني.
الحفاظ على الطابع الإسلامي للدولة وحماية المنشآت العامة
ونصَّت "التفاهمات"، حسب البيان الختامي على "الحفاظ على النظام الإسلامي للدولة، وحماية المنشآت العامة والبنية التحتية للدولة، وحماية المدنيين وعدم استهدافهم من قبل الأطراف المتحاربة، والحفاظ على استقلال أفغانستان، وإجراء الإصلاحات اللازمة في بنية الحكومة الأفغانية وعودة المهاجرين الأفغان من دول الجوار وتوزيع الأراضي عليهم".
كما نصَّت "ورقة التفاهمات" على "منع استخدام لغة التهديد والانتقام ضد الأطراف الأفغانية بعضها لبعض، وإيجاد الجو الآمن لبدء المفاوضات المباشرة بين الأطراف الأفغانية، وأخذ الضمانات من دول الجوار بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان".
كما أكد المجتمعون على استمرار الحوار الأفغاني-الأفغاني، والتفاهم بين حركة "طالبان" وباقي الأطراف الأفغانية، على شكل التفاوض المباشر مستقبلاً، وما إذا كان التفاوض سيجري بين "طالبان" والحكومة الأفغانية وباقي الأطراف المحلية الأخرى، حيث لا تزال "طالبان" ترفض التفاوض المباشر مع الحكومة الأفغانية.
وتفهَّمت الأطراف الأفغانية المفاوضات بين طالبان والمبعوث الأمريكي في أفغانستان زلماي خليل زاد، وأبدت دعمها لها، مشدِّدة على أهمية تواصلها.
اللافت أيضاً، أنَّ "طالبان" أكَّدت التزامها بحقوق الأقليات والمرأة ودورها وبحقوق الإنسان.
وكانت الرئاسة الأفغانية قد اعتبرت الحوار المنعقد في الدوحة فرصة مهمة من أجل الوصول إلى المصالحة الشاملة، مؤكدة أن حلّ المعضلة هو الحوار المباشر بين الأطراف الأفغانية.