أشعلت القوات البحرية الملكية البريطانية صراعاً قانونياً قد يستمر لأشهر، حين ساعدت في مصادرة ناقلة نفط إيرانية قبالة الساحل الجنوبي لإسبانيا الخميس، 4 يوليو/تموز 2019.
إذ صُودِرَت The Grace 1، ناقلة النفط العملاقة القادرة على نقل مليوني برميل من براميل النفط الخام، في الساعات الأولى من صباح ذلك اليوم. وقالت سلطات جبل طارق إنَّها صادرت ناقلة النفط لأنَّها كانت تعتقد أنَّها سوف تنتهك عقوبات الاتحاد الأوروبي من خلال تسليم النفط الخام إلى سوريا. وجاءت تلك الشحنة من إيران، التي احتجَّت بدورها على مصادرة ناقلة النفط.
ما المطلوب للإفراج عن ناقلة النفط؟
وكانت الخارجية الإيرانية استدعت السفير البريطاني في طهران، وطالبته بالإفراج فوراً عن الناقلة "غريس 1″، وحذرت من أن هذه العملية قد تؤجج التوتر في المنطقة.
وبالتزامن، هدد قائد في الحرس الثوري الإيراني باحتجاز ناقلة بريطانية رداً على احتجاز الناقلة الإيرانية، وهو التهديد نفسه الذي ردده أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي.
وتتواجد ناقلة النفط الآن في خليج جبل طارق، بالقرب من سواحل أقاليم ما وراء البحار البريطانية، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما المطلوب للإفراج عن ناقلة النفط؟ وتقول آنا برادشاو، الخبيرة القانونية المتخصصة في العقوبات، لشبكة Bloomberg الأمريكية، إنَّ هناك طريقتين للتعامُل مع الأمر.
الخيار الأول: الاعتراف بالخطأ
- هذا الخيار هو الأبعد احتمالاً. إذ يُمكن أن تُصرِّح حكومة جبل طارق بأنَّها ارتكبت خطأً وأنَّها لا تعتقد أن ناقلة النفط تنتهك في الحقيقة عقوبات الاتحاد الأوروبي. وربما يبدو ذلك أمراً غير لائق، نظراً لإرسال قوات خاصة من بريطانيا لتنفيذ عملية المصادرة، والاهتمام الدولي بتلك المسألة لاحقاً.
- ووفقاً لآنا، سيضمن ذلك الخيار مغادرة السفينة للميناء وإبحارها بعيداً، ولكن لا توجد أي ضمانات بأنَّ الولايات المتحدة لن تحاول مصادرتها مجدداً لانتهاكها العقوبات الأمريكية الخاصة. وأضافت أنَّ الولايات المتحدة قد تواجه صعوبةً عملية في تنفيذ ذلك، نظراً لعدم توافر سيادة قانونية أو قضائية لها في تلك المنطقة.
- أو بدلاً من ذلك، من الممكن أيضاً أن تنجح إيران في الدفاع عن نفسها أمام النظام القضائي في جبل طارق، مما سيسمح لناقلة النفط بالمغادرة.
الخيار الثاني: معركة قانونية
أوضحت آنا أنَّ تسلسل الأحداث المُحتمل سيشهد استمرار حجز ناقلة النفط لفترةٍ أطول. وبدأت بالفعل سلسلةٌ من الأحداث التي سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى إطلاق سراح ناقلة النفط:
1) بمجرد مصادرة ناقلة النفط، سوف تحتاج المحكمة إلى تمديد الفترة المخصصة لاحتجازها، والتي تبدأ من 72 ساعة، وجرى تمديدها الآن إلى 14 يوماً.
2) وبعد انتهاء المدة، يُمكن تمديدها مجدداً لتصل إلى 90 يوماً.
3) وبحلول ذلك الوقت، تستطيع الحكومة أن تسعى إلى الحيازة القانونية للسفينة وشحنتها، والمعروفة بالمصادرة، أو بيعها. ومن شأن ذلك أن يُعيد ناقلة النفط إلى المحيط العالمي مجدداً.
4) ومن الممكن أن يحدث كل ذلك بالتزامن مع رد مالكي السفينة ومديريها على تُهمٍ بانتهاك العقوبات. وهي عمليةٌ معقدة وقد تكون طويلة، خاصةً في ظل ندرة انعقاد المحاكمات الخاصة بانتهاك عقوبات الاتحاد الأوروبي، وندرة حالات مصادرة ناقلة نفط عملاقة أثناء الشحن أيضاً. وهذه المعركة القانونية الطويلة والشرسة قد تعني أيضاً تعطيل عملية بيع أو الإفراج عن ناقلة النفط.
ومن المهم أيضاً أن نتذكَّر احتجاج إيران على مصادرة السفينة، لذا فمن المحتمل أن نرى تدخلات سياسية أوسع نطاقاً من الجدالات القانونية.
وقالت آنا: "نادراً ما تُنفَّذ عقوبات تجميد الأصول في الاتحاد الأوروبي، لدرجة عدم وجود سوابق قانونية كثيرة يُمكن الاستناد إليها. لن تُحَلَّ تلك الأزمة سريعاً على الأرجح".