يتطلع الباحثون إلى الاستفادة من بيانات التطبيقات الصحية التي تُجمَع من المستخدمين، من خلال منتجات الشركات مثل Fitbit، وClue، وساعة آبل.
ولكن على الرغم من أن تلك البيانات قد تمثل كنزاً علمياً للعلماء، فإنها تفرض كذلك تحديات لوجيستية وأخلاقية تتطلب المناقشة.
تقول إيدا سيم، مديرة الصحة الرقمية بقسم الطب الباطني العام في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، لموقع The Verge: "هناك كمٌّ هائل من الفرص. وهذا هو الأمر المثير والجذاب".
وتفسر سيم جاذبية الأمر بالنسبة للعلماء، بأن تلك التطبيقات والتقنيات مصممة لجذب الجمهور العام.
إذ يمكن استخدام التطبيقات أو الأجهزة التجارية ذات الواجهة الجذابة سهلة الاستخدام، والمصممة للاستخدام على المدى الطويل، في الدراسات البحثية.
بيانات التطبيقات الصحية كنز للعلماء
يستفيد الباحثون من التصميمات الأفضل لنظرائهم بالشركات، وفي بعض الحالات، تسعى الشركات بشكل خاص إلى التعاون معهم.
خلال ربيع هذا العام، قدَّم تطبيق تتبُّع الدورة الشهرية "Clue" تمويلاً للباحثين الطامحين إلى استخدام بيانات مستخدمي التطبيق، للرد على التساؤلات العلمية.
وكانت الشركة قدمت بيانات في السابق إلى الباحثين الذين تواصلوا معها مباشرة، ولكنها أضفت الآن طابعاً رسمياً على البرنامج المستخدم.
تقول أماندا شيا، مديرة التعاون البحثي في Clue: "أصبحت المحادثات أكثر تطوراً. لدينا الآن قاعدة بيانات كبيرة بما يكفي، ولدينا أكثر من بروتوكول مناسب لضمان عدم تعرُّض المستخدمين لأي مخاطر من جراء مشاركة البيانات، بحيث يمكننا المشاركة والإسهام بنشاط أكبر في البحوث العلمية".
تقول أوليفيا والش، الحاصلة على الدكتوراه وتدرس الرياضيات والساعة البيولوجية بجامعة ميشيغان: "عكس الباحثين الأكاديميين، تصمم شركات التطبيقات، مثل Clue، منتجاتها بشكل صريح، وتسخر مواردها لجمع كميات كبيرة من البيانات والاحتفاظ بها".
وتضيف والش: "وعلى الجانب الآخر، فإن التطبيقات التجارية غير مصممة عادة للأغراض البحثية، التي تتطلب بيانات قابلة للتنبؤ، ومجمّعة بشفافية. أحياناً، قد يعني ذلك أن المعلومات الواردة من تلك التطبيقات، في الواقع، أقل فائدة للباحثين".
الاعتماد على الأشخاص يؤدي إلى أخطاء بشرية
لذا، من أجل أن يستفيد العلماء لأقصى درجة من البيانات، سوف يحتاجون قبول فكرة أن ما يصلح في مختبراتهم قد لا يصلح مع كل تلك البيانات التجارية.
على سبيل المثال، إذا كان الباحثون يصممون تجاربهم الخاصة، فإنهم يفضلون أغلب الوقت جمع البيانات آلياً، بحيث لا يضطرون إلى الاعتماد على الأشخاص في تقديم معلوماتهم الخاصة، والذي يسفر عادة عن أخطاء بشرية.
ولكن عند استخدامهم التطبيقات التجارية، يصبح بإمكان المعلومات التي يُدخلها المستخدمون ذاتياً تجاوُز بعض المضاعفات والمعوقات برمجياً.
تقول والش: "نعرف جيداً مشكلات الاستطلاعات. إذا سجَّلت بعض الأجهزة أو التطبيقات معدل ضربات القلب بطريقة لا يمكن التحقق منها، فلن يكون أمامنا أي حدود للخطأ. وهذا أمر يجب الانتباه إليه".
وعلى الرغم من أن الأجهزة التجارية أسهل في الاستخدام بالنسبة للمستهلكين، فهي تمثل أيضاً مشكلة انتقائية تلك البيانات.
خوارزميات التطبيقات منجم ذهب للعلماء
يجمع التطبيق أو الجهاز معلومات أولية، ثم تعالَج تلك المعلومات من خلال خوارزميات لا يمكن أن يصل الباحثون إليها.
تقول والش: "سيلجأ الباحثون عندئذ إلى ضروب من التخمين والتنجيم، تلك الخوارزميات تمثل صندوقاً أسود للشركات".
وتضيف أن شركة مثل Fitbit يمكنها تقديم بيانات عن مقدار عمق نوم المستخدم في ليلة معينة، دون الإشارة إلى الطريقة التي يستخدمها الجهاز لحساب عمق النوم. ومن دون معرفة الكيفية التي يتابع بها الجهاز نمط النوم، قد يصعب مقارنة نتائج جهاز أو تطبيق بآخر، وهو ما يزيد الصعوبات والمعوقات البحثية.
وعلى الرغم من أن هذا الافتقار إلى التعريفات الشائعة والموحّدة قد لا يهم أو يؤثر في الشركات، فهو يمنع الباحثين من تعظيم قيمة تلك البيانات.
وتقول سيم إن المنظمات التجارية بدأت مناقشة تحديد المصطلحات وتوحيدها.
دعت خطة عمل 2017، المعنيَّة بالبيانات الصحية الهاتفية لمركز دوق-مارغوليس للسياسات الصحية، إلى تطوير معايير للتطبيقات من شأنها تعزيز تناسق البيانات.
قوانين تفرض شرط قبول المستخدمين المشاركة في الأبحاث
هناك بعض القيود القانونية أمام الحصول على البيانات من التطبيقات الصحية؛ إذا قَبل المستخدمون شروط خدمة تتناول أي ذكر للأمور البحثية، فذلك يعني موافقتهم الكاملة على مشاركة بياناتهم مع العلماء.
تستدرك باربرا براينساك، خبيرة الأخلاقيات والسياسات الصحية بجامعة فيينا، قائلةً: "ولكن ستستمر تساؤلات الأخلاقيين عند استخدامك للتطبيق، حتى لو كان هناك نص لموافقتك على مشاركة البيانات المذكورة، إن كانت تلك الموافقة حقيقية؟".
من الناحية الأخلاقية، من المهم مراعاة ما إذا كان المستخدم لديه توقُّع معقول حول الطريقة التي سوف تُستخدم بها معلوماته.
وهناك أيضاً مشكلة الخصوصية، التي تمثّل تحدياً أمام الباحثين بعدد من الطرق المختلفة.
أولاها تعامُلهم مع طرف آخر خلاف المستخدم، أو وسيط، فلا يمكنهم متابعة المستخدمين بسهولة.
تقول والش: "إنها المشكلة التي سوف تتوقف عندها دائماً. لن يكون أمامك إلا ما تحصل عليه من المعلومات والبيانات فقط".
تقول براينساك إن الخصوصية دائماً ما تكون مشكلة حساسة للغاية في عملية جمع البيانات.
البيانات التي تجمعها التطبيقات الرقمية أشبه بالبنوك الحيوية، التي تحتفظ بالعينات الحيوية لاستخدامها في الأغراض البحثية.
وتجمع البنوك الحيوية المعلومات دون أن يعرف المشاركون من البداية ما الألغاز والأسئلة العلمية التي سوف تُستخدم معلوماتهم في الإجابة عليها، ولكنهم يقدمون بياناتهم بدافع التبرع للبحث العلمي بشكل أساسي.
وتقول براينساك: "ليس هذا بالأمر السيئ، ولكن النساء تسجل بياناتهن بالتطبيق، لأنهن يردن متابعة دورة الطمث، وليس للإسهام في البحث العلمي".
وتضيف: "لذا، ينبغي أن تُقدِّم التطبيقات للمستخدمين معلومات عن المعاهد والمؤسسات التي تستخدم بياناتهم لأغراض البحث العلمي، والجهات المستفيدة منها، وتدابير حماية خصوصية المستخدم. ما قد يبدو جيداً لك ليس بالضرورة مناسباً لغيرك. ربما لا أرغب في استخدام بياناتي لمصلحة بحث يتناول الصحة العقلية، أو قد يكون من المهم بالنسبة لك أن تستخدم تلك البيانات لمصلحة الفئات المحرومة من الخدمات".
هناك صعوبات تقنية وأخلاقية، ومشكلات تتعلق بالخصوصية، لكن يبدو أيضاً أن كلتا المجموعتين، الشركات التقنية والباحثين، تحقق تقدماً، وتواصل سعيها للوصول إلى أفضل الممارسات لمشاركة البيانات.