نجا من محرقة في بلاده ليلقى حتفه بدلاً من أبنائه في نهر بألمانيا

كان السوري سمير وقع ضحية تصرفه الغريزي في إنقاذ أطفاله الثلاثة وطفل صديقه، بعد أن سقطوا في نهر الدانوب

عربي بوست
تم النشر: 2019/07/05 الساعة 08:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/05 الساعة 08:17 بتوقيت غرينتش
منظر عام لثاني أطول أنهار أوروبا

"لقد نجا أبي من أسوأ حرب في سوريا، لكنه غرق هنا في نهر الدانوب السالمة. لم يكن بوسعنا أن نقيه الموت. آمل أن أستطيع مرافقة أبي للدفن في سوريا" . 

هكذا كانت أمنية الشاب السوري شفيق (18 عاماً) وسط عائلته الحزينة على وفاة رب الأسرة السوري، بعد أن قام بعمل بطولي وأنقذ أطفاله من الموت غرقاً في نهر الدانوب في ألمانيا. 

وكان السوري سمير (46 عاماً) وقع، مساء يوم الأحد 31 يونيو/حزيران، ضحية تصرفه الغريزي في إنقاذ أطفاله الثلاثة وطفل صديقه، بعد أن سقطوا في نهر الدانوب، الذي كانوا يتواجدون قربه هرباً من الطقس الحار.

لكن لم يكتب القدر نهاية سعيدة للواقعة، حيث جرفته تيارات المياه. 

وخابت الآمال في العثور على رب الأسرة حياً بعد اختفائه في المياه، حيث عُثر عليه في اليوم التالي ميتاً على مسافة 40 كيلومتراً من مكان وقوع الحادثة، عند مدينة فيلزهوفن، وانتشاله من المياه، بحسب ما أكدت شرطة بايرن.

رحلة شواء انتهت بمأساة

ويروي رفيق لصحيفة بيلد أن والده وجه دعوة لصديقه خليل، وهو موسيقي سوري لاجئ لألمانيا أيضاً، للشواء عند نهر الدانوب، فلبّى الأخير الدعوة وجاء مع ابنه. وأراد أولاد الرجلين (تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عاماً) السباحة في النهر بعد الشواء.

ويوضح الابن رفيق أن التيار كان قوياً، إلى درجة سحبهم، وعندما رأى والده وصديقه الجالسان على الشاطئ المياه تسحبهم قفزا باتجاههم، محاولين مساعدتهم، مبيناً أنهم باتوا جميعاً فجأة في خطر، فأمسك هو بيد علي، ابن صديق والده، وكان أصغرهم، لذا كان الجميع يريدون التضحية بحياتهم لإنقاذه.

أما خليل، صديق الراحل سمير، فقال للصحيفة إنهما ركضا نحو المياه عندما شاهدا الأطفال في خطر، فتزحلق هو ثم نهض وقفز في المياه، وسقط سمير على ظهره، لكنه نهض رغم ذلك وقفز في المياه، التي كانت سريعة لدرجة وصوله فوراً إلى حيث كان أطفالهما.

صورة الغريق السوري كما نشرتها
صورة الغريق السوري كما نشرتها "بيلد" الألمانية

سمعت صديقي يقول دعاءه الأخير قبل غرقه

ويروي الابن رفيق ما الذي جرى حينها، بالقول إن والده أمسك بشقيقه الأصغر، فيما أمسك صديق والده خليل، بشقيقه عبدالرحمن لأنه مصاب، وكان الجميع يخشى أن يغرق، وفجأة لم يعد بإمكانه رؤية والده.

يقول خليل إنه وسمير أرادا مساعدة الأطفال لكن فجأة أصبحا بحاجة للمساعدة، قائلاً إنه سمع كيف قال صديقه دعاءه الأخير ثم غرق.

وأشار إلى أنهم صاحوا طالبين المساعدة، فسبح رجلان ألمانيان نحوهم، وعندما رأيا أن الوضع قد يصبح خطيراً عليهما، عادا إلى البر، لافتاً إلى وجود قارب على مسافة ليست بعيدة عنهم، لكن المحرك لم يكن يدور.

وبين الرجل السوري أنه والأطفال اعتقدوا أنهم سيغرقون أيضاً بعد سمير، وكانوا مصدومين، لكن في تلك اللحظة عمل محرك القارب وتم إخراجهم. وذكر خليل لـ "بيلد" أنه توجب نقل الابن رفيق للمشفى، لأنه كان قد أغمي عليه وابتلع الكثير من المياه، ونُقل الأطفال الآخرون أيضاً لمشفى في ديغندورف.

وأوضح مفوض الشرطة فالتر فاينبيرغر، في شرطة ديغندورف المكلفة بالحماية من المياه، أن هناك محطة للمنقذين قرب نقطة السباحة تلك، ووصلوا إلى هناك بسرعة خلال دقائق، لكن لم يساعد ذلك في إنقاذه، محذراً من خطورة نهر الدانوب الذي اعتبره "ليس للمبتدئين"، لتكون دوامات فيه.

وبحث قرابة 90 شخصاً من الشرطة والمنقذين والإطفاء والصليب الأحمر البافاري عن سمير حتى حلول الظلام، بمشاركة غطاسين ومروحية للشرطة، دون أن يؤدي ذلك إلى إنقاذه.

توفي بعد أن نجا من هجوم كيماوي في بلاده 

ويوضح خليل أن صديقه الراحل سمير كان سائق حافلة في منطقة الغوطة الشرقية، ونجا مع عائلته من هجوم الغاز في العام 2013، وأن منزله تعرض لضربة صاروخية، فأصيب ابنه عبدالرحمن بجراح بليغة، فقد على إثرها أحد قدميه.

وذكر لـ "بيلد" أن سمير وعائلته فروا إلى تركيا في البداية وقام بإرسال ابنه لألمانيا لكي يتلقى العلاج، ثم جاء سمير وزوجته وابناه لألمانيا عبر لمّ الشمل منتصف العام 2017.


حملة تبرعات وصلت لأضعاف المبلغ المتوقع 

وذكرت هيلا شاندرماير، مفوضة الأسرة في منطقة ديغندورف، التي أطلقت حملة تبرعات لمساعدة الأسرة اللاجئة -كشخص عادي وليس بصفتها مسؤولة- على موقع "غو فند مي"، أن الأم الحامل وأطفالها الأربعة (أحدهم معاق) باتوا وحدهم.

وبينت أنها نادراً ما تقوم بإطلاق حملات تبرعات، لكن الحاجة كبيرة في هذه الحالة، سيما مع عدم توافر مال كافٍ هذا الشهر، فضلاً عن مصاريف الدفن. 

وكانت المفوضة قد وضعت مبلغ 500 يورو كهدف للتبرعات عند بدء تلقيها قبل 3 أيام، لكن المبلغ وصل الآن إلى أكثر من 15500 ألف يورو.

وستقدم شاندرماير المال لرابطة حماية الطفل في مدينة ريغن البافارية، التي ترعى العائلة المقيمة هناك.

تحميل المزيد