في أقل من 24 ساعة، أشعل اللواء المنشق خليفة حفتر الأمور ضد تركيا، وقبضت ميليشياته على 6 مواطنين أتراك في بني غازي مُطلقِاً سيلاً من التهديدات التركية باستهداف قواته بشكل مباشر إذا لم يتم الإفراج عن مواطنيها فأفرج عنهم مباشرة، فما هي القصة؟
البداية جاءت في وقت سابق، اليوم الإثنين 1 يوليو/تموز 2019، حين أعلنت مديرية أمن مدينة أجدابيا (تحت سيطرة قوات حفتر)، شرقي ليبيا، ضبط شخصين يحملان الجنسية التركية.
ووجهت المديرية بالتبليغ عن أي شخص يحمل الجنسية التركية أو شركة تركية تعمل في المدينة، فيما أصدر مدير أمن أجدابيا الصادق اللواطي، تعليمات إلى جميع الأجهزة الأمنية بإغلاق المحال التجارية التي يديرها أتراك، وضبطهم وإحالتهم إلى جهات الاختصاص.
تهديدات تركية
وأكد أوقطاي، في بيان الإثنين، أن الجمهورية التركية وعبر كافة مؤسساتها، عازمة على ضمان أمن مواطنيها وحماية حقوقهم، في أي مكان بالعالم، بحسب ما أفادت به وكالة الأناضول التركية.
ولفت إلى أن وزارة الخارجية والسفارة في ليبيا وكافة المؤسسات المعنية تعمل منذ اللحظة الأولى بمنتهى الحرص لضمان عودة المواطنين الأتراك المحتجزين في ليبيا، في ضوء تعليمات الرئيس رجب طيب أردوغان، وأوضح أنه جرى التواصل مع المواطنين الأتراك في ليبيا، وأن حالتهم الصحية جيدة.
وقال إنه في حال عدم إطلاق سراح المواطنين الأتراك المحتجزين بشكل عاجل، فإن مَن قاموا بهذا الفعل سيكونون "هدفاً مشروعاً"، وستكون هناك عواقب وخيمة.
تبرير غريب لما حدث!
بعد ساعات أعلنت وكالة الأناضول، في خبر عاجل، عن إخلاء سبيل المحتجزين في تغريدة عبر تويتر، قالت فيها: "إخلاء سبيل البحارة الأتراك المحتجزين من قِبَل قوات حفتر في ليبيا".
التبرير الذي قدمته جبهة حفتر للقبض على المواطنين الأتراك تلَّخص في خطاب صادر عن وزارة الداخلية التابعة له في بني غازي، يأمر قواته بالقبض على أي شخص يحمل الجنسية التركية في المناطق التي يسيطرون عليها.
التهديدات التركية بالتدخل العسكري ضد قوات حفتر في ليبيا، إذا لم يتم الانصياع لطلب الإفراج الفوري عن المواطنين الأتراك في أسرع وقت ممكن، دفعت داخلية حفتر في بني غازي إطلاق سراح الستة، وكان تبرير اعتقالهم أنه تم بطريق الخطأ، وأن الخطاب الذي اُعتقلوا بموجبه كان "مزوراً ولم يصدر عن الوزارة"، حسب ما أفاد به مراسل قناة الحدث السعودية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن ميليشيات حفتر التي تسمي نفسها "الجيش الوطني الليبي" كانت قد أعلنت أنها ستحظر أي رحلات جوية تجارية من ليبيا إلى تركيا، وستمنع السفن التركية من الرسو في الموانئ الليبية، كما أعلنت عن إصدار أوامر باستهداف السفن التركية في المياه الإقليمية الليبية وبالقبض على الأتراك الموجودين في البلاد.
هزيمة غريان
السياق العام لما يجري على الأرض ربما يفسر التصعيد المفاجئ من جانب حفتر ضد أنقرة، حيث تعرضت قوات حفتر لهزيمة قوية تمثلت في استيلاء قوات حكومة الوفاق المعترف بها دولياً في الأيام الأخيرة من السيطرة على مركز القيادة الرئيسية لعمليات قوات حفتر بمدينة غريان (100 كلم جنوب طرابلس).
حفتر شن هجوماً مفاجئاً للاستيلاء على العاصمة طرابلس مقر حكومة الوفاق في الرابع من أبريل/نيسان الماضي قبل أيام قليلة من عقد مؤتمر هدفه إقامة انتخابات ووقف القتال بين الشرق والغرب تحت مظلة الأمم المتحدة، وكان من المفترض أن يشارك فيه حفتر نفسه.
فشل هجوم حفتر على العاصمة أضعف موقفه، خصوصاً بعد أن أعلنت الحكومة المعترف بها دولياً عن عزله واعتباره منشقاً، وبدأت المطالبات الدولية بوقف إطلاق النار وهو ما لا يريده حفتر قبل أن تدخل قواته طرابلس؛ كي يملي شروطه، لكن هزيمة غريان الأخيرة جاءت كضربة موجعة، وهو ما يفسر التصعيد غير المحسوب ضد تركيا، ثم التراجع والرضوخ وإطلاق سراح المحتجزين.