السر لصحة أفضل موجود في 1% من حمضك النووي.. إليك مكانه

يجعل التقدم التكنولوجي من الممكن استخدام الجينوم الخاص بنا لصنع علاجات ذات طابع شخصي، أو ما يسمى الطب الشخصي.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/06/28 الساعة 10:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/27 الساعة 20:48 بتوقيت غرينتش
يُعتبر علاج السرطان هو أكثر مجالات الطب تقدماً من حيث تطوير علاجات شخصية/ istock

لطالما كان الطب شخصياً إلى حد ما؛ إذ يبحث الأطباء عن أفضل طريقة لمساعدة المريض الذي يجلس أمامهم. لكن التقدم التكنولوجي يجعل من الممكن استخدام أكثر الميزات الفريدة؛ الجينوم الخاص بنا لصنع علاجات ذات طابع شخصي، أو ما يسمى الطب الشخصي.

والجينوم هو المجموعة الكاملة من الجينات الموجودة في الكروموسومات، وخريطة الحمض النووي الخاص بنا. 

وبطريقة ما، هي كتيّب التعليمات حول كيفية إنشاء 37 تريليون خلية في الجسم والحفاظ عليها.

أي شخصين يتشاركان أكثر من 99% من الحمض النووي الخاص بهما، لكن ما يجعلنا فريدين  هو أقل من الـ1%  المتبقية، ويمكن أن يؤثر في شدة المرض وفاعلية العلاجات.

يمكن أن تساعدنا مراقبة كل هذه الاختلافات الصغيرة على فهم أفضل طريقة لعلاج مريض بالنسبة لمجموعة متنوعة من الأمراض، من السرطان وأمراض القلب إلى الاكتئاب.

اختبارات للكشف عن السرطان

يُعتبر علاج السرطان هو أكثر مجالات الطب تقدماً من حيث تطوير علاجات شخصية، وفق ما نشرته أخصائية علم الوراثة على موقع BBC Mundo.

يُستخدم تسلسل الحمض النووي في بعض البلدان مثل المملكة المتحدة، لمساعدة الأطباء على منع الإصابة بالسرطان والتنبؤ به.

على سبيل المثال، يجري التعرف على النساء اللائي لديهن خطر متزايد للإصابة بسرطان المبيض أو سرطان الثدي، عن طريق اكتشاف التغيرات في جينات BRCA1 أو BRCA2، والتي تحمي الخلايا عن طريق صنع البروتينات التي تساعد على منع تكوين الأورام.

تزيد الطفرات في هذه الجينات من خطر الإصابة بسرطان الثدي من 4 إلى 8 مرات لدى النساء، وقد تفسر سبب أنَّ بعض العائلات بها عدد من المصابين بهذا المرض.

تسبب طفرةٌ في BRCA1 لدى المرأة خطر الإصابة بسرطان المبيض على مدى العمر بنسبة تتراوح بين 40% و50%.

ساعد الفحص النساء على الاطلاع على خيارات العلاج والوقاية، على سبيل المثال، إذا كُنّ يُردن إجراء عملية استئصال الثدي.

خطوات مثل تقسيم المرضى إلى مجموعات أصغر لتحديد أفضل العلاجات، تقود نحو إيجاد علاج ملائم لكل مريض على حدة.

بالنسبة لأنواع معينة من السرطان، أصبح قياس النشاط الجيني أمراً مألوفاً. 

يعمل النشاط الجيني نوعاً ما مثل مخفف الإضاءة؛ يمكن ضبطه ليكون منخفضاً أو مرتفعاً أو متوسطاً. يتيح لنا قياسه أن نرى مدى نشاط جين معين في الأنسجة أو الخلية.

في سرطان الثدي، يمكن استخدام اختبار يقيس نشاط 50 جيناً في الأورام لتوجيه القرارات المتعلقة بما إذا كان المريض سيستفيد من تلقي العلاج الكيماوي.

لتوسيع هذا النهج ليشمل أنواعاً أخرى من السرطان، يعطل الباحثون جميع الجينات في مئات الأورام التي جرى تطويرها في المختبر.

وفي تلك العملية، يبحث العلماء عن نقاط الضعف في السرطان، في محاولة للوصول لقواعد مفصلة للعلاج بدقة بالغة.

الطب الشخصي أبعد من الحمض النووي

يثير تطوير هذه التقنيات سؤالاً، وهو: إلى أي مدى يمكن أن يصل الطب الشخصي؟

في أمراض القلب والسكري والأمراض المعدية، يلعب الجمع بين الوراثة ونمط الحياة والتجارب دوراً مهماً أيضاً.

هذا يعني أنَّ المعلومات حول الاختلافات الصغيرة في تسلسل الحمض النووي وحدها لا تكفي للتنبؤ بالضعف والنتائج.

لكن مراقبة النشاط الجيني يمكن أن توفر أيضاً مفاتيح مهمة لتحسين علاج المريض.

من الأمراض القاتلة التي يمكن أن تساعد فيها هذه التقنيات تسمم الدم، وهي حالة طبية خطيرة يُلحق فيها الجهاز المناعي أضراراً بأعضاء الجسم في أثناء محاولته مكافحة العدوى.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، بإمكان أي شخصٍ الإصابة به ويتسبب في وفاة ما يصل إلى ستة ملايين شخص سنوياً، ويموت ثلث المرضى الذين يصابون به. 

ولإنقاذ الأرواح، يجري إعطاء المضادات الحيوية في المقام الأول، للحد من العدوى.

يُجرى تحليل للدم، لمعرفة البكتيريا التي تسببت فيه على وجه الخصوص، بحيث يمكن وصف مضاد حيوي أكثر تحديداً.

لكن هذه التحاليل تستغرق وقتاً، ولا يمكن تحديد البكتيريا المسببة في جميع الحالات.

في دراستنا، تقول دافنبورت، نبحث في النشاط الوراثي بأجهزة المناعة لدى مرضى التسمم، للحصول على مفاتيح لفهم سبب تباين استجابة الأشخاص المختلفين.

وتأمل تحديد الجزء المصاب بالخلل من جهاز المناعة، لمساعدة الأطباء على تحديد الأدوية الأخرى التي يمكن استخدامها.

يوضح هذا كيف يمكن استخدام الطب الشخصي للعلاجات قصيرة الأجل في العناية المركزة، بالإضافة إلى علاجات أخرى طويلة الأجل، كما في حالات السرطان.

ما الخطوة التالية

التحدي أمام الطب الشخصي هو السرعة؛ إذ إنَّ قياس ما يحدث في جيناتنا هو عملية بطيئة في الوقت الحالي، لأنه يعتمد على نتائج المختبرات.

لكي يكون أكثر فاعلية، يحتاج الطبيب أن يكون قادراً على قياس النشاط الجيني في دم المريض فوراً.

يجري تطوير تكنولوجيات جديدة مثل نظام الاستشعار البيولوجي بأقطاب كهربائية متناهية الصغر والذي يكتشف التغيرات الحرجة بالدم في حينها، لجعل التحليلات السريعة حقيقة واقعة.

من خلال هذه التطورات، من المتوقع أن تكون معلومات الجينوم، وضمنها النشاط الجيني، متاحة للأطباء.

في ضوء التطورات الحديثة بمجال البحث والتكنولوجيا، من المرجح أن يزداد استخدام معلومات الجينوم لدينا، وسيتجاوز الأمر علاج السرطان.

يبحث العلماء عن العلاقات بين الوراثة والاكتئاب والقلق، لمساعدتهم على فهم الأسباب وتطوير علاجات شخصية جديدة.

ويراجع الأطباء كذلك قواعد بيانات كبيرة، لاستخدام الاختلافات الصغيرة في تسلسل الحمض النووي الخاص بنا، لتحديد الأشخاص المعرَّضين لخطر الإصابة بالنوبات القلبية في المستقبل.

من غير المحتمل أن تؤدي المعلومات الموجودة في الجينوم الخاص بك إلى "كبسولة دواء شخصية" يمكن صنعها لك فقط. 

بدلاً من ذلك، يمكن أن يساعد الأطباء في معرفة المجموعة المناسبة من الأدوية، لعلاج شخص معين في الوقت المناسب.

جدير بالذكر أن الدكتورة إيما دافنبورت هي رئيسة مجموعة علم الوراثة البشرية في معهد ويلكوم سانجر، وهو معهد أبحاث بإنجلترا يعمل على تشجيع البحث في مجال اكتشافات الجينوم والتعاون بين العلماء.

تحميل المزيد