هل تخيلت يوماً أن تختفي كل المياه الموجودة بالمحيطات على كوكب الأرض؟ هل يمكنك تخيل شكل العالم من دون وجود محيطات على الإطلاق؟
وربما يكون السؤال الأهم: هل يمكن أصلاً أن يعيش البشر على كوكب الأرض دون المحيطات؟ ماذا سيحدث لجميع المخلوقات التي تعيش تحت الماء؟
هل يمكن أن تختفي المحيطات؟
ربما تظن أن الأمر مستحيل الوقوع، لكنه ليس ذلك، فقط هو سيحدث بعد فترة زمنية طويلة جداً.
في السنوات الأولى لكوكبنا، كانت الأرض مسطحة. ولكن ليس بالطريقة التي يفكر بها هؤلاء أصحاب نظريات المؤامرة. الأرض كانت مسطحة بمعنى أنه لم يكن بها أي جبال، وكان معظمها مغطى بالمياه.
منذ حوالي مليار سنة، خرجت الأرض من تحت البحر وتغير الغلاف الجوي للكوكب. هذا أدى إلى ظهور أشكال الحياة الأولى على الأرض. وسواء كانت الحياة قد ظهرت في أعماق البحار أو تطورت في البراكين القديمة، فإن الحياة لم تكن لتظهر من دون ماء المحيطات والبحار.
في النهاية، سوف يسخن الكوكب، وتختفي جميع المحيطات بالفعل. هذا ليس من المقرر أن يحدث إلا بعد مليار سنة أخرى.
في هذه الحالة كم سيكون الوضع سيئاً إذا تبخرت جميع المحيطات الآن؟
هل اختفاء المحيطات يعني نهاية المياه على الكوكب؟
في البداية عليك أن تعرف أن المحيطات تغطي اليوم حوالي 70% من مساحة سطح الأرض. لكن هذه المحيطات وما يتصل بها من بحار بالطبع، تمثل 97% من مجموع المياه الموجودة على الكوكب.
وبالتالي مع اختفاء جميع المحيطات، سيكون لدينا بعض المياه المتاحة في الأنهار والبحيرات والمياه الجوفية، وحتى أغطية الجليد في القطبين وأعالي قمم الجبال. لكن هذا لن يكون كافياً لتعويض فقدان المحيطات.
ما هي أهمية المحيطات؟ وكيف سيتأثر الكوكب باختفائها؟
تعمل محيطات العالم كنظام عالمي للتحكم في المناخ. المحيطات تمتص معظم حرارة الشمس وتوزعها بالتساوي حول الكوكب، بحيث لا تتعرض أي منطقة للحرارة أو البرودة الزائدة.
أيضاً تحافظ المحيطات على دورة المياه حول الكوكب. إذ تتبخر مياه المحيطات وتتحول إلى السحب ثم تمطر إلى الأرض. لذلك، عليك ألا تتوقع أنك بحاجة إلى المظلة خشية التعرض لعاصفة ممطرة كبيرة، بعد أن تتبخر مياه المحيطات.
في هذا السيناريو، لن تكون الأرض قادرة على حفظ كل هذا البخار في الجو. هذا يعني أن اختفاء المحيطات سيترك كوكبنا صحراء شاسعة حارقة.
مخلوقات البحر ستكون أولى الضحايا في هذه الظروف. بعد ذلك، مع عدم وجود محيطات لامتصاص الحرارة من الشمس، ستبدأ الأرض بالسخونة إلى درجة الاحمرار لتتحول ببطء إلى كوكب الزهرة.
كوكب الأرض لن يكون صالحاً للحياة
بعد تبخر مياه المحيطات، تُرى كم من الوقت سيكون لدينا حتى يصبح كوكبنا غير صالح للسكن؟ حسناً، نسبة 3% من المياه المتبقية على الكوكب ستتبخر في غضون أيام دون أي تعويض من المطر. هذا الأمر سيترك البشرية تموت من الجفاف.
معظم الحيوانات سوف تنقرض دون ماء. وربما تكون الإبل هي أساس الحضارة القادمة على الأرض.
بعد بضعة أيام، ستتخلى النباتات عن محاولاتها للبقاء على قيد الحياة دون ماء. بعد بضعة أسابيع، سيحدث نفس الشيء للغابات. وفي نهاية المطاف، ستشتعل النيران في الغابات نتيجة زيادة حرارة الأرض، حيث ستظل تحترق حتى لا يتبقى نباتات.
هل يؤثر الاحتباس الحراري في اختفاء المحيطات؟
الأخبار السيئة هي أن درجات حرارة المحيطات حالياً في أعلى مستوياتها منذ أن بدأت القياسات الدقيقة في منتصف القرن العشرين. وبفضل التغير المناخي الذي يحدثه الإنسان، ستزداد الأمور سوءاً في السنوات القادمة.
والسؤال: مع استمرار البشر في إطلاق الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، هل يمكن أن ترتفع درجة حرارة المحيطات حتى تبدأ في الغليان؟ لحُسن الحظ، من المحتمل ألا تؤدي ممارسات الإنسان الحالية إلى تسخين العالم بما يكفي لتحقيق ذلك.
وقال زيك هاوسفثير، عالم المناخ في بيركلي إيرث، وهي منظمة غير ربحية لتحليل بيانات درجات الحرارة، لموقع "Live Science ": إنه حتى لو أحرقنا جميع احتياطيات الوقود الأحفوري المعروفة، فلن نحصل على هذا القدر من الحرارة الذي يسمح بغليان المحيطات.
الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان ترفع درجة حرارة الأرض عن طريق حبس طاقة الشمس في الغلاف الجوي وسطح الكوكب. حوالي 93% من هذه الحرارة يتم امتصاصها على سطح المحيط. هذه الحرارة تتحرك ببطء شديد إلى الأعماق. ولكن في السنوات الأخيرة، لاحظ العلماء ارتفاع درجات الحرارة في أعمق عوالم المحيط.
ونظراً لأن الماء أكثر سمكاً من الهواء، فإن لديه القدرة على امتصاص قدر كبير من الحرارة. سمك 2.5 متر من المحيط يحمل نفس القدر من الحرارة التي يحملها الغلاف الجوي بأكمله فوقه.
وبالتالي فإنه من الناحية النظرية، من الممكن أن تكون محيطات الأرض ساخنة بدرجة كافية لبدء الغليان. تتبخر جزيئات الماء الدافئ من سطح المحيط طوال الوقت. بخار الماء هو في حد ذاته غاز من غازات الدفيئة، وبالتالي فإن كميات أكبر من الماء في الجو ستخلق دورة تغذية مرتدة مفرغة، وعالماً أكثر سخونة بشكل عام.
شيء مماثل قد حدث في كوكب الزهرة منذ فترة طويلة، ما تسبب في غليان محيطات كوكبنا الشقيق. ولكن نظراً لأن الأرض بعيدة عن الشمس أكثر من كوكب الزهرة، فسيتطلب الأمر الكثير من غازات الدفيئة حتى يصل كوكبنا إلى هذه النقطة الكئيبة.