اجتماع وزراء المالية العرب لدعم فلسطين يعقد بلا وزراء.. وهكذا جاء ردهم على أزمة السلطة

عربي بوست
تم النشر: 2019/06/23 الساعة 16:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/23 الساعة 18:30 بتوقيت غرينتش
الرئيس الفلسطيني محمود عباس/ رويترز

مستوى حضور منخفض للغاية شهده الاجتماع الطارئ لوزراء المالية العرب لدعم السلطة الفلسطينية الذي عقد اليوم الأحد بالجامعة العربية بالقاهرة، إذ لم يشارك سوى وزيرين بينما كان مستوى تمثيل معظم الدول عبر وكلاء وزارات المالية أو نائب وزير أو مندوب لدى الجامعة العربية.

الوزيران اللذان حضرا هما وزيرا المالية والتخطيط الفلسطيني شكري بشارة ونظيره العراقي فؤاد حسين.

الأمر اللافت أن تونس التي ترأست الاجتماع باعتبارها رئيسة القمة العربية الأخيرة مثلها عبد الرحمن الخشتالي الكاتب العام لدى وزارة المالية، كما لم يمثل مصر وزير المالية وشارك بدلاً منه مساعد وزارة المالية، حسبما ذكرت مصادر فلسطينية لـ"عربي بوست".

في الاجتماع الطارئ لوزراء المالية العرب لدعم السلطة الفلسطينية.. تعهدوا بتنفيذ ما أقر سابقاً

وأعلن وزراء المالية العرب، في البيان الختامي للاجتماع مواصلة التزامهم بقرارات جامعة الدول العربية الخاصة بتفعيل شبكة أمان مالية لدعم موازنة السلطة الفلسطينية بمبلغ مائة مليون دولار أمريكي شهرياً بحسب أنصبة الدول الأعضاء في موازنة الأمانة العامة للجامعة، والعمل على تفعيله دعماً لدولة فلسطين في مواجهة الضغوط والأزمات المالية التي تتعرض لها سواء من خلال الأمانة العامة للجامعة أو مباشرة لحساب وزارة المالية لدولة فلسطين.

ولكن لن يعلن خلال الاجتماع عن التزام من قبل أي دولة بدفع مبالغ مالية معينة.

وأكد وزراء المالية العرب في البيان الذي صدر عقب ختام اجتماعهم الطارىء، مجدداً على الدعم العربي الكامل لحقوق دولة فلسطين السياسية والاقتصادية والمالية وضمان استقلالها السياسي والاقتصادي والمالي.

وأدان الوزراء العرب، القرصنة الإسرائيلية لأموال الشعب الفلسطيني، داعين المجتمع الدولي لإدانتها والضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذه القرصنة وإعادة هذه الأموال الفلسطينية كاملة غير منقوصة

الاجتماع يعقد قبيل ورشة العمل التي ستعقد في البحرين بشأن الجانب الاقتصادي لصفقة القرن

ودعا وزراء المالية العرب، الدول الأعضاء لتقديم قروض ميسرة بمبالغ مالية في شبكة الأمان المالية، بالاتفاق الثنائي مع دولة فلسطين ومواصلة تقديم الدعم المالي أو القروض الميسرة لدعم مشاريع البنية التحتية والتنموية لدولة فلسطين

كما دعوا الصناديق ومؤسسات التمويل العربية وكذلك البنوك والمصارف العربية، المساهمة في شبكة الأمان المالية، بتقديم القروض الميسرة لدولة فلسطين بالتنسيق المباشر مع جهات الاختصاص الفلسطينية وفق أنظمتها وإمكاناتها والإجراءات المتبعة في إطار الاتفاق الثنائي مع دولة فلسطين.

وشدد وزراء المالية العرب على ضرورة تشجيع وتعزيز التنسيق والتعاون بين المؤسسات المالية الحكومية وغير الحكومية العربية والمؤسسات المالية الحكومية وغير الحكومية الفلسطينية.

والسلطة تتقدم بطلب آخر بعدما يأست من الاستجابة

وشبكة الأمان العربية هي مساعدات يفترض أن تقدمها الدول العربية بقيمة مائة مليون دولار شهرياً وفقاً لقرار القمة العربية في بغداد عام 2012 وتم تجديده في قمم تالية آرها تونس في مارس/آذار 2019 وقرارات أخرى صدرت عن مستويات أخرى بالجامعة العربية منها وزراء الخارجية.

وفي مواجهة عدم التزام أي دولة عربية بالقرار، طلب وزير المالية والتخطيط الفلسطيني شكري بشارة خلال الجلسة المغلقة للاجتماع من الدول العربية تقديم قروض للسلطة الفلسطينية على أن يتم تسديدها بعد انتهاء أزمتها المالية الحالية.

ولم تستجب أي دولة خلال الاجتماع، حسب مصادر فلسطينية، ولكن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط أبلغ وزير المالية الفلسطيني خلال اجتماع ثنائي بينهما أن هناك ثلاث دول عربية لم يسمها سوف تقدم قروضاً خلال أيام للسلطة.

الاجتماع جاء في وقت تستعد فيه البحرين لاستضافة مؤتمر لصفقة القرن

ويأتي هذا الاجتماع تنفيذاً للقرار الصادر عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذى عقد يوم 21 أبريل/نيسان الماضي بالقاهرة وكذلك قبيل عقد مؤتمر اقتصادي تقوده الولايات المتحدة في البحرين تقاطعه السلطة الفلسطينية ومن المتوقع أن يدعو إلى إنشاء صندوق استثماري عالمي يبلغ حجمه 50 مليار دولار للفلسطينيين ومصر والأردن ولبنان.

وتعتبر السلطة الفلسطينية هذا المؤتمر الاقتصادي محاولة للتهرب من مطالبها بإنشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لها.

وتواجه السلطة الفلسطينية صعوبة في دفع رواتب موظفي الحكومة منذ فبراير/شباط عندما أعلنت إسرائيل استقطاع 5% من العائدات التي تحولها شهرياً للسلطة الفلسطينية من الضرائب التي تحصلها على الواردات التي تصل الضفة الغربية وقطاع غزة الذي تحكمه حماس عن طريق الموانئ الإسرائيلية.

وجاء قرار الاستقطاع الإسرائيلي بحجة دعم السلطة الفلسطينية للأسرى وأسرهم وكذلك أسر الشهداء.

ورفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبول أي عائدات ضرائب منذ القرار الإسرائيلي، ووصل مجمل هذه العائدات 700 مليون شيقل(193 مليون دولار) في يناير/كانون الثاني 2019 وتمثل نحو نصف ميزانية السلطة الفلسطينية.

والسلطة تشكو وضعها المالي الخطير

وقال وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة في مارس/آذار إن السلطة الفلسطينية ستضطر لاقتراض ما يتراوح بين 50 و60 مليون دولار من البنوك خلال ما بين الخمسة والستة أشهر المقبلة لتجاوز هذه الأزمة.

وخلال كلمته في افتتاح اجتماع وزراء المالية العرب الطارئ، الأحد 23 يونيو/حزيران 2019 الذي عقد بناء على طلب فلسطين وبناء على دعوة من الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، قال الوزير الفلسطيني إن العقوبات الإسرائيلية وضعت الاقتصاد الفلسطيني في منعطف خطير.

ودعا وزير المالية الفلسطيني إلى ضرورة الاستمرار والالتزام بقرار جامعة الدول العربية القاضي بدعم فلسطين بمبلغ 55 مليون دولار شهرياً، إضافة الى شبكة الأمان المقترحة.

وقال إن هذا هو الحد الأدنى الذي يسمح لنا بالبقاء والوفاء بالتزاماتنا المالية والتربوية والصحية والاجتماعية ودعم المخيمات داخل وخارج فلسطين وخاصة تأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة.

وأشار إلى انخفاض مساعدات المانحين بشكل حاد خلال الستة أعوام الماضية؛ من معدل مليار دولار قبل عام 2013 إلى أقل من 450 مليون دولار في عام 2018.. أي انخفاض بحدود 60% وذلك بشكل أساسي نتيجة توقف الدعم الأمريكي وعدد من الدول الأخرى، ورغم ذلك استمرت السلطة في تطبيق السلطة استراتيجيتها لتخفيض النفقات والتركيز على الاستثمار دون إثقال كاهل الموازنة بأي اقتراض مالي إضافي، وتمكنّت السلطة من الحفاظ على الدين العام بنسبة متواضعة لا تفوق 11 % من الناتج المحلي..

وقال إن ممارسات إسرائيل وسيطرتها على معظم الأراضي والاقتصاد الفلسطينيين، يولّد تلقائياً عجزاً تجارياً متأصلاً في السلع والخدمات لصالح إسرائيل؛ يبلغ حالياً حوالي 6 مليارات دولار سنوياً، مشيراً إلى أنه نتيجة لواقع الحال غير المتوازن أصبحت السلطة معتمدة بشكل أساسي على الضرائب والرسوم الجمركية التي يتوجب على إسرائيل إعادتها لها شهرياً وفقاً للاتفاقيات المبرمة وفي طليعتها بروتوكول باريس لعام 1995.

وأوضح أن هذه الأموال تدفع مسبقاً من قبل الفلسطينيين حكومةً ومواطنين لكي تعود للسلطة بعد 50 يوماً منقوصة من عمولات وتكاليف واقتطاعات.. وجزء كبير منها دون أي تفسير أو شروحات شفافة.

وأضاف "أن نتيجة العجز التجاري لصالح إسرائيل وحجم الاستيراد منها، أصبحت قيمة الضرائب التي يتوجب على إسرائيل إعادتها للسلطة تقدر بحوالي 200 مليون دولار شهرياً أي ما يعادل 2.4 مليار دولار سنوياً.

وقال إن إسرائيل شوهت على مدار الـ25 عاماً الماضية الأطر الناظمة بشأن إعادة الضرائب، حيث لجأت إلى تجميد إعادة المبالغ للسلطة واستخدامها كوسيلة للإكراه السياسي وفرض مطالب على السلطة.

وتؤكد أنها لن تستسلم لابتزاز إسرائيل الرامي لمعاقبة الأسرى وأسر الشهداء

وأشار وزير المالية الفلسطيني إلى أن إسرائيل تستغل شهرياً نقطة ضعف السلطة الفلسطينية المتمثلة بحاجتها الماسة والملحة لاستلام أموالها في موعدها لتفرض عليها خصومات ومصاريف مضخمة دون أي وجه حق.

وقال "لقد تمكنت إسرائيل خلال الفترة الماضية من استغلال ضعف السلطة المالي واعتمادها شبه التام على عائدات الضرائب والرسوم كوسيلة للسيطرة المطلقة على وضعها المالي والاقتصادي مما جعل الاحتلال العسكري احتلالاً بالغ الربح.

وقال إنه تمادياً بالاستغلال، أعلمتنا إسرائيل بقرارها بخصم مبالغ إضافية من أموالنا تبلغ 12 مليون دولار شهرياً أي 144 دولاراً سنوياً، وبررت إسرائيل هذا القرار بأنه إجراء عقابي أقره الكنيست الإسرائيلي لمعاقبة السلطة على ما نقوم به من دعم وتأمين رواتب، وبدلات اجتماعية، ومساعدات إنسانية لصالح عائلات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية والجرحى وعائلات الشهداء.

وأضاف أنه كان الرد الفلسطيني موحداً، قيادةً، وشعباً، ورأياً عاماً باعتبار الخطوة الإسرائيلية الأخيرة الشعرة التي قصمت ظهر البعير.

وقال إن المليون فلسطيني الذين أُسروا وخرجوا من السجون الإسرائيلية منذ عام 1967 – ومئات الآلاف من الجرحى والشهداء. هم في طليعة هؤلاء الضحايا، وعندما نقوم بواجبنا الإنساني للتخفيف من صدماتهم ومآسيهم تأتي إسرائيل وتعاقبنا على ذلك، فهذا هو قمة الإجحاف القانوني والأخلاقي.

وأضاف أنه في نهاية الأمر أصبح حتماً علينا رفض الاقتطاعات غير القانونية برمتها، ونتيجة لذلك، نحن الآن نتعامل مع وضع مالي معقد وخطير وأصبحنا ملزمين بالاعتماد على فقط 40% من دخلنا.

وشدد على أن السلطة الفلسطينية لن تخضع لابتزاز إسرائيل بشأن الأسرى وأسر الشهداء الذين كانوا في مقدمة ضحايا الاحتلال.

وقال "لن نسمح أن يمر قرار الكنيست مرور الكرام، فلا يوجد بيت فلسطيني لا يخلو من أسير أو جريح أو شهيد، ولا يمكن أن نقبل أن يتعرض أي مواطن أو أي مؤسسة فلسطينية أو حتى عربية لمجرد مساهمتها في دعم الشعب الفلسطيني للابتزاز المالي".

وهاجم الوزير في كلمته صفقة القرن، وقال إنه قبل 25 عاماً وقعت اتفاقية أوسلو ووصفها بحينه الرئيس الأمريكي كلينتون أنها صفقة قرن، وبكلمات شاعرية قال عن أوسلو حينها إنها لحظة فيصلية في تاريخ البشرية أتت بالسلام لهذه البقعة المقدسة من الكون.

وأردف الوزير الفلسطيني قائلاً: الآن وبعد 25 عاماً.. نجد أراضينا مغتصبة، وأموالنا مسلوبة، وعدد المستوطنين ازداد من 90 ألفاً إلى 750 ألفاً مع هذا العام، وحصار وحروب على قطاع غزة، وأزالت الولايات المتحدة الامريكية القدس والمقدسات عن طاولة المفاوضات كما هو حال حق العودة، كما أقرت أمريكا بحق إسرائيل في السيطرة على الأغوار والحدود، وفوق كل هذا تحاول تدمير الأونروا وطمس الهوية الفلسطينية.

وقال إنه بعد هذه التجربة المريرة يجب أن لا يستغرب أحد منا أننا حذرون ونشكك بكل ما يوصف بصفقة قرن.. أو كما سميت منذ يومين بفرصة القرن.

وقطعت الولايات المتحدة كل المساعدات للفلسطينيين بما في ذلك 360 مليون دولار كانت تقدمها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) مما زاد من الضغوط على الأوضاع المالية الفلسطينية. واعتُبرت تلك الاستقطاعات على نطاق واسع محاولة من واشنطن للضغط على الفلسطينيين لاستئناف المحادثات مع إسرائيل والتي انهارت في 2014.

تحميل المزيد