تعرف تلك اللحظات عندما يريد كلبك شيئاً ما ويعطيك ذلك التعبير بوجهه؟ أنت تعرفه، ذلك الوجه المتوسّل ذو الأعين التي تبدو حقاً وكأنها تختلج حزناً؟ ستمنحه أي شيء وقتها، أليس كذلك؟
اتّضح – وفق بحث نُشر في دورية PNAS – أن استجابتنا لنظرات الشوق والحبّ من الكلاب ربما تكون هي السبب في قدرة الكلاب على صنع هذه التعابير. إذ وجد بحثٌ جديد أنَّ عضلات الوجه التي تصنع هذه التعابير توجد في الكلاب فقط بعكس الذئاب، مما يفترض أن أفضل أصدقائنا ذوي الفراء طوّروا هذه القدرة خصيصاً للتواصل مع الإنسان.
هذه العيون الحزينة خاصّة بالكلاب فقط!
ووفقاً لموقع Science Alert الأسترالي، فقد قالت أخصائية علم النفس السلوكي جوليان كامينسكي: "تُرجح النتائج أنَّ الحواجب التعبيرية لدى الكلاب ربما تكون نتيجة تفضيلات الإنسان غير الواعية التي أثّرت على الانتقاء خلال عملية الاستئناس".
تتابع كامينسكي – التي نشر بحثها بالقول بأنه يبدو عندما تفعل الكلاب هذه الحركة، أنّها تثير رغبة قوية في الإنسان للاعتناء بها. وهذا سيمنح الكلاب التي تحرّك حواجبها بكثرة أفضلية انتقائية على البقية، مما يعزز صفة "العيون الحزينة كعيون الأطفال" في الأجيال القادمة.
كانت كامينسكي وفريقها قد برهنوا سابقاً على أنَّ الكلاب تصنع تعابير الوجه للتواصل مع البشر، وكان ذلك من دراسة سلوك الكلاب وقتما ينظر إليهم الناس مقارنة بوقت ما يشيحون بنظرهم عنهم. ووجد الفريق أنَّ الكلاب تُكثِر جداً من استخدام تعابير الوجه عندما ينظر إليها إنسان.
في هذا البحث الجديد أجرى الفريق شيئاً مختلفاً: درسوا سلوك الكلاب مقارنةً بسلوك الذئاب، وأجروا دراسة تحليلية مقارنة لتشريح الوجه في كلا النوعين.
ووفقاً للاعتقاد بأنَّ الكلاب والذئاب تطورت عن سلفٍ مشترك، فمثل هذه المقارنات قد تكشف عن كيف تغيّرت الكلاب من جرّاء 33 ألف عامٍ من الاستئناس. أجرى الباحثون مقارنة تشريح الوجه على أربعة ذئاب وستة كلاب.
قالت آن بوروز، اختصاصية علم التشريح في جامعة دوكويزني الأمريكية: "لنحدد إذا كانت حركات الحاجب نتيجة للتطور، قارنّا تشريح الوجه وسلوك النوعين، ووجدنا أنَّ العضلات التي تمكن الكلاب من رفع حواجبها، كانت مجرد مجموعة من الألياف الضامرة العشوائية في الذئاب".
وهذا هو الفرق بين الذئاب والكلاب رغم التشابه
تضيف أخصائية التشريح أنّ العضلة التي ترفع الركن الداخلي من حواجب الكلاب، لم تكن دائماً موجودة باتساقٍ في الذئاب وهي أكثر أقربائها الأحياء تشابهاً. ولاحظ الفريق في ذئبين وستة كلاب أخرى، كيف تستخدم وجوهها في وجود البشر.
أضافت كامينسكي: "درسنا أيضاً سلوك الكلاب والذئاب، فعندما تعرضت لإنسان لمدة دقيقتين، رفعت الكلاب الركن الداخلي لحواجبها أكثر وأعلى من الذئاب".
وقال الفريق إنَّ التشريح العضلي يتطوّر في العادة ببطء شديد، مما يجعل هذا التغيير ضخماً للغاية باعتبار أنَّه حدث فقط في بضع عشرات الآلاف من السنين. ويعتقدون أنَّ السبب هو الآثار الإيجابية لتعابير الوجه في فصيلة الكلبيات على تواصل الكلاب مع الإنسان.
أمّا اختصاصية علم النفس التطوري في جامعة بورتسموث "بريدجيت والر" فقالت إنّ هذه الحركة تجعل أعين الكلاب تبدو أوسع، مما يعطيها مظهراً طفولياً. ويمكن أيضاً أن تحاكي التعبير الذي يبدو على وجوه البشر عند الحزن.
فالنتائج تُظهر مدى أهمية الوجوه في أسر انتباهنا، ومدى قوة تعابير الوجه في التفاعلات الاجتماعية.