طالبت عائلة الطالب ريجيني باحث الدكتوراه الإيطالي الذي قُتل في مصر عام 2016، السلطات الإيطالية بسحب سفيرها في القاهرة للمرة الثانية، رداً على ما وصفته بالضغط المصري على محاميهم والجهود المصرية الرامية إلى منع التحقيق في وفاة نجلهم.
وحسب صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 20 يونيو/حزيران 2019، فإن باولا وكلاوديو ريجيني قالا في بيان مشترك مع محاميتهم، أليساندرا باليريني: "لقد طفح الكيل، لم يعد من المقبول تأجيل سحب السفير الإيطالي من القاهرة".
واستدعت إيطاليا سفيرها في أبريل/نيسان 2016؛ اعتراضاً على عدم استعداد مصر للتعاون مع التحقيق الجاري، في جريمة قتل الشاب البالغ من العمر 28 عاماً.
بوادر أزمة دبلوماسية جديدة بسبب الطالب ريجيني
وعاد السفير الإيطالي إلى مصر في أغسطس/آب عام 2017؛ في محاولة "لتعزيز التعاون القضائي وسعياً للبحث عن الحقيقة"، وفقاً لوزير الخارجية آنذاك، أنجيلينو ألفانو.
لكن خلال العامين التاليين، اتهم المسؤولون الإيطاليون نظراءهم المصريين بإعاقة تحقيقاتهم، والفشل في تقديم أدلة ذات أهمية تُظهر كيف اختفى ريجيني ومَن المسؤول عن وفاته. وقالت عائلة ريجيني وباليريني إنَّ السلطات المصرية ركزت بدلاً من ذلك على تهديد وتخويف فريقهم القانوني في القاهرة.
وجاء في بيان العائلة ومحاميتها: "هذا السلوك شائن ومقلق، وفي تلك المرحلة، فالخطوة الوحيدة الممكنة هي سحب السفير".
ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، عدة مرات، التعليق على هذا البيان عندما تواصلت معه صحيفة The Guardian البريطانية طلباً لردٍّ منه على تعليقات عائلة ريجيني.
اتهامات للسلطات المصرية بعرقلة التحقيقات
تخضع مها أحمد، من المفوضية المصرية للحقوق والحريات في القاهرة، للتحقيق ومهدَّدة بالسجن. وتتتبَّع المفوضية حالات الاختفاء القسري مثل حالة ريجيني، في حين يعمل بعض موظفوها مستشارين قانونيين مصريين لعائلة ريجيني.
قال محمد لطفي، المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات: "يعيدون سيناريو أمل فتحي نفسه مع مها". وكانت السلطات المصرية قد ألقت القبض على أمل فتحي، زوجة محمد لطفي، في مداهمة فجرية لمنزلهما في شهر مايو/أيار 2018، وسُجنت حتى شهر ديسمبر/كانون الأول، ووُجهت إليها مجموعة من التهم تتضمن "نشر أخبار كاذبة"، والانضمام إلى جماعة إرهابية.
ويعتقد لطفي والمفوضية أنَّ السلطات المصرية تسعى لمنعهم من العمل على قضية ريجيني من خلال تهديد وتخويف موظفي المفوضية وعائلاتهم. وقال لطفي: "أعتقد أنَّ الرسالة واضحة: تخلّوا عن القضية وإلا فستتعرضون للأذى"، مضيفاً أن محمد الحلو كان أيضاً واحداً من محامي المفوضية الذين لديهم توكيل رسمي لتمثيل عائلة ريجيني.
كان إبراهيم عز الدين، الباحث بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، اختفى قسرياً منذ أسبوع. واعتقل فريق يرأسه شريف مجدي عبدالعال، مسؤول بجهاز الأمن الوطني المصري، محامياً آخر، هو هيثم محمدين، يوم 13 مايو/أيار 2019.
يُذكر أن مجدي عبدالعال وحد من خمسة مسؤولين بجهاز الأمن الوطني المصري حددهم الادعاء الإيطالي، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018، على أنّهم مشتبه فيهم في قضية اختفاء ريجيني.
ويواصل المسؤولون الإيطاليون الضغط على مصر
وكتب رئيس البرلمان الإيطالي، روبيرتو فيكو، في بيان نُشر على فيسبوك: "لن يكون والدا ريجيني وحدهما، سنتحدث الأسبوع المقبل عن جوليو مع البرلمان الاتحادي الألماني، (قائلين): جوليو لم يكن باحثاً إيطالياً فحسب، بل باحثاً أوروبياً. إنَّها مسألة مقلقة ويجب أن تهم جميع الدول في الاتحاد".
أكدت النيابة الإيطالية أنَّها طلبت مزيداً من الأدلة من جهات التحقيق المصرية بعد ظهور شاهد جديد يؤكد سماعه أحد الخمسة المشتبه فيهم وهو يناقش مسألة اختطاف ريجيني، في مؤتمر أمني إفريقي عام 2017.
وقال المدعي العام الإيطالي، سيرجيو كوليوكو، الذي يرأس التحقيق في قضية مقتل ريجيني: "أرسلنا إلى السلطات في القاهرة طلب إنابة قضائية. لا يمكننا الكشف عن محتواه. لكن يمكننا القول إنَّ طلبنا له علاقة بالشاهد الجديد، وأننا لم نتلقَّ رداً من حينها".
تعتقد المفوضية المصرية للحقوق والحريات أنَّ السلطات المصرية غير مستعدة لتسليط الضوء على قضية ريجيني، بسبب ما قد تكشف عنه القضية من ممارسات منتشرة للاختفاء القسري في البلاد، حيث يُقبض على المدنيين سراً دون حصولهم على تمثيل قانوني أو إمكانية الوصول لذويهم. ووثقت المفوضية 230 حالة للاختفاء القسري في الفترة بين أغسطس/آب 2017 وسبتمبر/أيلول من العام الماضي.
وقال لطفي: "تزعم السلطات أنَّه لا وجود للاختفاء القسري في مصر، ومع ذلك وبينما نعمل على قضية باحث إيطالي اختفى قسرياً في مصر، أخفوا قسرياً واحداً من طاقمنا يعمل على إحدى أهم القضايا، السلطات لا تأبه للرأي العام، وتريد العالم أن يُصدِّق ما لا يمكن أن يُصدَّق".