كيف حرم النظام المصري الرئيس الأسبق محمد مرسي من حقوقه حياً وميتاً؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/06/18 الساعة 14:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/27 الساعة 10:57 بتوقيت غرينتش
يمكن لوفاة مرسي أن تكون بمثابة إشارة لحوار جديد حول قيمنا كأمة ومستقبل هذا البلد

لو لم يكن لديك وقت للقراءة.. استمع إلينا "عربي بوست بودكاست"

إعلان التلفزيون الرسمي لجمهورية مصر العربية خبر وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي لم يشر من قريب ولا من بعيد لكون المتوفى كان رئيساً منتخباً بطريقة ديمقراطية للبلاد، فعلى ماذا يدل ذلك وماذا تقول الدساتير والبروتوكولات في هذا الشأن؟

بداية من المؤكد أن مرسي عليه رحمة الله لن يضيره ولن ينفعه أن يشير إليه إعلام الدولة الرسمي على أنه الرئيس الأسبق فالرجل الآن انتقل إلى محكمة السماء، لكن التوقف عند ما حدث له أهميته فهذا تاريخ يتم تزويره على رؤوس الأشهاد في عصر من المفترض أنه لم يعد ممكناً إخفاء الحقائق.

محاولة مصرية لتزوير التاريخ

أسلوب الإعلان عن وفاة الرئيس الأسبق يعد دليلاً دامغاً على ما وصلت إليه حالة الإعلام الرسمي في مصر من خضوع مطلق لتوجيهات النظام السياسي حتى في أبسط الأمور وهي بث وصياغة خبر على أقصى درجة من الأهمية، وهو الخبر الذي تصدر تويتر عالمياً بمجرد بثه ولا يزال الخبر الأول عالمياً بعد يوم كامل من وفاة محمد مرسي ودفنه.

وتحت عنوان "وفاة محمد مرسي: اسم الرئيس المصري يتصدر تويتر عالمياً"، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية تقريراً مطولاً قالت في مقدمته: "ما إن أعلن عن وفاة الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، حتى تصدر اسمه قائمة الهاشتاغات الأكثر تداولاً على تويتر عالمياً"

القنوات العربية ومنها قناتي العربية والحدث السعوديتان على سبيل المثال أشارت لمرسي بالرئيس المصري الأسبق منذ إعلان خبر الوفاة، لكن اللافت هنا هو أن كبيرة مراسلي العربية في القاهرة في تقريرها عن الوفاة لم تشر لمرسي بالرئيس ولا مرة واحدة!

ما الذي سيضيرهم؟

السؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما هو الضرر الذي سيطال النظام المصري وإعلامه من ذكر حقيقة ثابتة يعلمها الجميع ويعترفون بها؟ وهل يظنون أن التاريخ يمكن تزويره بهذه البساطة والسذاجة؟ الأهم، ما هي الفائدة التي ستعود على النظام المصري من وراء حرمان مرسي بعد في وفاته من الإشارة إليه بالرئيس السابق أو الأسبق؟

الله وحده يعلم متى يحين أجل رئيس آخر لمصر وهو حسني مبارك قامت ضده ثورة شعبية كانت ولا تزال رمزاً من رموز الثورات الشعبية السلمية في العالم وهي ثورة الـ25 من يناير 2011، فكيف يا ترى ستتم الإشارة إليه في خبر إعلان وفاته رسمياً من خلال الإعلام الرسمي في مصر؟ وحتى لا تكون الإجابة تنجيماً دعونا نعقد مقارنة بين رئيسين تعرضا للاعتقال والمحاكمة.

محاكمات مبارك

منذ بدأت محاكمة مبارك في جرائم قتل الثوار وفساد مدته ثلاثة عقود وتربح واستغلال نفوذ، لم يصدر تقرير حقوقي واحد من منظمة محلية أو إقليمية أو دولية يتحدث عن حرمان الرجل من حقوقه كمتهم ولا عن ظروف احتجاز غير إنسانية ولا عن حرمانه من الزيارات العائلية ولا مقابلة هيئة الدفاع عنه.

مبارك أثناء نقله للمحاكمة – رويترز

عاش مبارك داخل محبسه محاطاً بكل أنواع الرعاية بل والرفاهية التي كانت مثاراً للتندر من الشعب الذي ثار عليه وكان يتم نقله من محبسه لحضور جلسات المحاكمة في طائرة هليكوبتر طبية ويحضر الجلسات على فراش طبي محاطاً بطاقمه الطبي.

أما مرسي، فمنذ اعتقاله في الثالث من يوليو/تموز 2013 وحتى وفاته ظل يتعرض لكل أنواع الانتهاكات بلا استثناء، من حبس انفرادي وحرمان من الرعاية الطبية المناسبة ومن الزيارات العائلية ومن اللقاء مع محاميه كما تنص كل القوانين والأعراف القانونية في مصر والعالم، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة في قفص الاتهام، وهي النهاية التي حذرت منها جميع المؤسسات الحقوقية في الكرة الأرضية دون أن يطرف جفن للنظام المصري.

مبارك في قفص الاتهام – رويترز

حكم مخل بالشرف

تمت تبرئة مبارك من جميع التهم التي وجهت إليه باستثناء تهمة واحدة هي تهمة الاستيلاء على أموال القصور الرئاسية وهو حكم نهائي باتٌّ أصبح مضافاً إلى صحيفة سوابق مبارك ونجليه علاء وجمال حيث ثبت استيلاؤهم على 125 مليون جنيه دون وجه حق.

الحكم في تلك القضية تحديداً له تداعيات بالنسبة لمبارك الأب لأنها جريمة مخلة بالشرف بحسب القانون المصري تمنعه من المشاركة في الحياة السياسية وتحرمه من تشييعه في جنازة عسكرية حال وفاته.

أما الدكتور محمد مرسي فقد تم الحكم عليه في قضية أحداث الاتحادية وقضية التخابر وقضية إهانة القضاء، في محاكمات وصفتها الهيئات الدولية بالمحاكمات السياسية.

تحميل المزيد