عندما يُقدِّم صديق أو قريب شريكاً جديداً له، يبدو الأمر كأنَّه مألوف أو حدثٌ رأيته بالفعل في السابق وهو ما يعرف بـdeja vu. ودعمت الأبحاث الآن ما اشتبه فيه كثيرون منذ زمن طويل: الناس يفضلون أحبّاء متشابهين عندما يتعلق الأمر بالعلاقات.
وثبت لعلماء النفس أنَّ الناس يميلون إلى البحث عن شركاء يتمتعون بشخصيات مماثلة لشخصياتهم، وأنه حتى عندما يؤخذ ذلك في الاعتبار، غالباً ما يكون الشركاء السابقون والجدد متشابهين في الشخصية.
بعبارة أخرى، قد لا يكون الأمر مفاجأة كبيرة عندما تبدو الصديقة الجديدة لصديقك بغيضة مثل آخر صديقة له.. أو صديق جديد بغيض!
الناس يفضلون أحبّاء متشابهين
وكَتب مؤلفو الدراسة التي نشرتها صحيفة The Guardian: "أظهرت النتائج درجة كبيرة من التشابه المميز بين الثنائي، وهو ما يشير إلى أنَّه قد يكون هناك بالفعل نوع فريد من الشخصيات ينتهي بكل شخصٍ الارتباط به".
وتبين أنَّ النتائج قد تساعد في التنبؤ ليس فقط بمن قد يرتبط بمن، ولكن تساعد أيضاً في التنبؤ بفرص نجاح العلاقة.
ومع ذلك، قال جيف ماكدونالد، وهو مؤلف مشارك في الدراسة من جامعة تورونتو، إنه في حين أن المواعدة مع النوع نفسه من الشريك في كل مرة قد تفسر سبب فشل علاقات بعض الناس باستمرار، فإنَّ هناك احتمالاً آخر.
إذ يقول: "أراهن بأنَّ ما يمكن أن يسهم بشكل أكبر في اختلاف العلاقات هو ما تفعله في العلاقة".
العمل والاهتمامات كانا العنصر المشترك
ونشر ماكدونالد وزميله، يوبن بارك، خلاصة أبحاثهما في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences، وقدما تقريراً عن كيفية استخدامهما البيانات التي جُمعت من دراسة أُجريت لوقت طويل في ألمانيا للتوصل إلى استنتاجاتهما.
نظرا في أنماط الردود على 21 سؤالاً تبحث في السمات الشخصية، ومن ضمنها الانفتاح الاجتماعي، والوعي، والاضطراب العصبي.
خلال الدراسة التي استمرت 9 سنوات، أنهى بعض المشاركين علاقاتهم، وارتبطوا بشركاء جدد أكملوا معهم الاستبيان بعد ذلك.
باستخدام بيانات من 332 مشاركاً وشركائهم السابقين والجدد، وجد الفريق أنَّ الناس يميلون إلى اختيار شركاء لهم أنماط شخصية مماثلة لأنماطهم.
لكنَّ الفريق البحثي وجد أيضاً أنَّ الشركاء الحاليين والسابقين غالباً ما كانت لديهم مجموعات متشابهة من السمات الشخصية، فضلاً عن أوجه التشابه مع المشارك.
يقول الباحثون إنَّ العوامل السلبية، مثل مشاركة الأشخاص في أحداث اجتماعية مماثلة أو عملهم في المهنة نفسها، قد يكون لها دور في سبب تمتُّع الشركاء السابقين والجدد بشخصيات مماثلة.
لكنَّهم يقولون إنَّ هذا من غير المحتمل أن يكون كل ما في الأمر، لأنَّ أوجه التشابه مع المشاركين أنفسهم -الذين ربما من المتوقع أيضاً أن يكونوا في البيئة نفسها- أُخذت في الاعتبار، وهو ما يعني أنَّ الاختيار الإيجابي الصريح للشخصية مهم جداً أيضاً.
"الطيور على أشكالها تقع" مقولة دقيقة
قال الخبراء إنَّ البيانات أظهرت أنَّ هناك عوامل أخرى مثَّلت دوراً كبيراً في سبب إنهاء شخص ما لعلاقته بشريك من نوع معين.
وقال الدكتور بول إيستويك، من جامعة كاليفورنيا في ديفيس، والذي لم يكن جزءاً من فريق البحث: "على سبيل المثال، المقولات الإيجابية مثل (أسعى إلى شركاء منفتحين، وأرغب في مواعدتهم)، والمقولات السلبية مثل (أنا منفتح؛ ومن ثم أذهب إلى الحفلات حيث ألتقي أشخاصاً آخرين منفتحين)، جميعها لا تضيف أكثر من 8% إلى الفروقات الشخصية فيمن نختاره كشريك".
يقول روبن دنبار، أستاذ علم النفس التطوري بجامعة أوكسفورد، إنَّه كان هناك كثير من النقاش حول ما إذا كانت الأضداد تجتذب العلاقات أم لا.
وأضاف: "أظهر بحثنا الخاص أنَّ الأصدقاء غالباً ما يشبه بعضهم بعضاً، وهي ظاهرة تُجسِّد المثل القائل بأنَّ الطيور على أشكالها تقع. ويبدو أنَّ لدينا الآن دليلاً على أنَّها تنطبق أيضاً على أصحاب العلاقات العاطفية، خاصة ما يتعلق بشخصياتهم".
وقال إنَّ ذلك قد لا يكون مفاجئاً للغاية. وأضاف: "في النهاية، لكي تستمر أي علاقة، سواء صداقة أو علاقة عاطفية، يجب أن تكون مهتماً بالأشياء نفسها، وأن تكون لديك التوجهات نفسها تجاه الحياة، وإلا فسينتهي بك المطاف في حيرة طيلة الوقت".